أقلام ثقافية
نايف عبوش: ابداع النتاجات الأدبية الراهنة
بين استلهام المورورث، والتناغم مع التداعيات المتسارعة للعصرنة
لا شك ان النص الإبداعي يعكس تجربة الكاتب الأدبية، التي صنعها، من خلال تفاعله، مع طبيعة محيطه، وتعالقه الحياتي، والوجداني، مع عناصر ذلك المحيط، طيلة فترة ممارسته النتاج الأدبي.
وفي ظل التطورات العلمية، والتقنية، والاقتصادية، والاجتماعية المتسارعة، التي بات يشهدها العصر الحديث، فقد وجد المبدع نفسه، مشدودا، بين ارهاصات ضغوطات إيحاءات الموروث الشعبي، الزاخرة بكل نبض حسه المرهف، وبين ضرورات استجابته لتداعيات العصرنة الصاخبة، والتناغم مع مستجداتها، التي اضحت ترهق الحس، بالنتاجات الآلية الصماء، رغم كل اغراءات وهج حداثتها.
ولا ريب أن السؤال الذي يطرح نفسه بجدية، لتجاوز هذا الاشكال، هو كيف يتعايش الكاتب والاديب، اذن، مع كل تلك الإيحاءات المتناقضة، لاسيما وانها حاضرة في وجدانه بقوة، ومن ثم، فهي تؤثر بشكل مباشر، في تشكيل معالم النص الأدبي.
فمعروف ان إيحاءات العصرنة الصاخبة، تتجسد في واقعه اليومي، بكل تلك التطورات التقنية، والتحولات الاجتماعية المتعالقة، حيث أتاحت العصرنة أدوات جديدة للتواصل، والتعبير، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الذكاء الإصطناعي، التي غيّرت مفهوم النص الأدبي، لتجد في شاشة الهاتف الذكي، اكثر من نص، واكثر من قصيدة، واكثر من صورة..
كما ان ضجيج عصرنة الحياة الصاخب، والتطورات السريعة، في تطبيقات الذكاء الإصطناعي قد أثرت على واقع شكل النص، ومضامينه، فأصبح القارئ يبحث عن الإيجاز، والتكثيف، والتأثير السريع، الذي يتيحه ايقاع عصر السرعة.
ولابد من الإشارة إلى أن عصرنة المعرفة، قد تمظهرت بالتعددية الثقافية، فصار النص مهما كانت خصوصيته، منفتحا على ثقافات مختلفة، بلا قيود، حيث مسخ، واستلاب الكثير من اصالة الهوية، رغم كل أثراء التعددية، للتجربة الإبداعية.
وهكذا أصبح الأدب اليوم، وليد فضاء العالم الافتراضي المفتوح، وليس بالضرورة وليد الأديب الواحد، الذي ينبغي أن ينتسب إليه.
ولذلك بات من الضروري التواصل مع المورورث الزاخر، والحرص على اصالة هويته، مع ضرورة التناغم المتوازن مع معطيات العصرنة، في الوقت نفسه، لمواكبة هذا التطور المتسارع في عصرنة الحياة، في كل المجالات.
ولاشك ان هذه المهمة تتطلب ابداعا متجددا، وإبتكارا مقتدرا، في التعبير، بحيث يتمكن المبدع من أن يستخدم الموروث الشعبي، ويُحدثه عبر أدوات العصر الحديث، ويمزج التراث بالحداثة، ليستولد نتاجا جميلأ، تتجسد فية نكهة الماضي، ويحضر فيه، وهج العصرنة، دون نشاز، وبما يضمن الحفاظ على اصالة الهوية، ويجعل العصرنة عامل إثراء، وتطوير، للموروث، وليس وسيلة مسخ، وتشويه.
ولا ريب أن تبني مثل هذا النهج التناغمي في الاستجابة لإيحاءات استلهام الموروث، والتعالق مع إيحاءات العصرنة، يطرح اشكالية كيفية التفاعل مع القارئ الجديد، الذي افرزته العصرنة، وبالتالي فإن الكاتب، والاديب اليوم، مطالب أن يفهم متطلبات، واذواق، جمهور متلقي، عصري، يختلف في متطلباته عن جمهور متلقي الأمس التقليدي، مما يحتم أن يكون النص الإبداعي، متجددًا، ومشوقًا.
***
نايف عبوش







