أقلام ثقافية

حميدة القحطاني: خيانة الروح

يُقال إن سبعة من كل عشرة أشخاص يعيشون حياة لا تُشبههم.

لكن، متى تبدأ الحياة التي تُشبهك حقًا؟

تبدأ حين تتوافق أقوالك مع قناعاتك، وأفعالك مع ما تؤمن به.

حين ينسجم ظاهرك مع باطنك، وتصبح الحقيقة التي تعيشها امتدادًا لصوتك الداخلي، لا صدى لما حولك.

تعيش حياة تشبهك عندما لا تُغفل ذائقتك الخاصة، ولا تذوب في الذوق العام.

حين تذوق الأشياء بروحك، لا بما يُملى عليك، وتختار ما يُبهرك أنت، لا ما يُبهر الآخرين.

تسكن بيتًا صممته بذوقك، كل زاوية فيه تحمل أثر روحك، كل لون ولمسة وتفصيل يُشبهك،

لا لأنه يثير إعجاب الناس، بل لأنه يُلامس عمقك ويُعبّر عنك.

تعمل ما يُحرّك شغفك، وتختار ما يعبّر عن غايتك،

فتتجلّى رؤيتك من خلال أدقّ تفاصيله، وتُرى بصمتك الخاصة رغم كل التشابهات من حولك.

تخون روحك حين تمرّ في رحلتك بالدنيا مرور الكرام،

مرورًا باهتًا لا تتجلّى فيه حقيقتك، ولا تظهر فيه مواهبك، ولا تُرسم فيه ملامحك بما تحبّ ويلامس قلبك.

تخونها حين تهمّش نداءها، وتغفل إشراقاتها، وتمنعها من أن تكون كما خُلقت لتكون.

وتخونها أكثر…

حين تختفي عفويتك، ويموت الطفل بداخلك، وتبتعد كثيرًا عن فطرتك النقيّة.

حين تغترب عن نفسك وأنت تحاول أن تُرضي العالم، وتخسر نفسك الأصلية على طريق الزيف والتكيّف المفرِط.

الحياة التي تُشبهك…

هي الحياة التي لا تُخضِع فيها روحك لإرضاء الآخرين،

ولا تُفرِّط في ملامحك لتنال قبولهم.

هي الحياة التي تكون فيها أنت… انعكاسك الحقيقي، وتجلياتك الصادقة.

***

د. حميدة القحطاني

 

في المثقف اليوم