أقلام ثقافية
سجاد مصطفى حمود: الكون في كلمات.. رحلة بين العلم والروح في زمنٍ يتلاشى فيه المعنى

في قلب هذا الصرح الذي نطلق عليه "المدرسة"، حيث تتشابك أحلامنا مع جدرانها، وتنسج الأيدي التي تبنيها عقولنا، تشرق شمس العِلم بألوانها المتعددة، كل معلم فيها يحمل سِرًّا لا نعرفه، يُلقيه في قلوبنا في صمت، دون أن نلحظ. هذه المدرسة، كأنها كائن حي، يتنفس من خلال الكلمات التي تُكتب على السبورة، وينبض من خلال العيون التي تراقبنا.
أستاذ الرياضيات، أنت الذي تسير بنا في متاهات الأرقام والمجهول، تجعل من المعادلات لغاتٍ سحرية نحتاج إلى فك رموزها. ليس ما نراه في معادلاتك سوى الظاهر، أما عمقها فلا يصل إليه إلا من يملك عيونًا ترى ما وراء الأرقام. تحب أن تتركنا نبحث، ونكتشف، في قلب معادلتك شيء لا نتوقعه. علمك، هو ليس مجرد حل مسائل، بل هو فهم لجوهر الكون، حيث يظهر كل شيء في تناغمٍ لم نكن نراه من قبل.
أستاذ اللغة العربية، فيك تتجسد الكلمات كما لو أنها روح حية، تهمس لنا بأسرارها. لك القدرة على جعلنا نتنفس بحرية بين حروف اللغة، وتكشف لنا أن وراء كل حرفٍ معركة من المعاني، ويخفي وراءه عالمًا بأسره. من خلالك، أدركنا أن اللغة ليست وسيلة تواصل فحسب، بل هي جسرٌ ممتد بين الأزمان والأماكن. أنت من يعيد للزمن رونقه، ويعلّمنا أن الكلام لا يتوقف عند النطق، بل يتغلغل في أعماقنا.
أستاذ اللغة الإنجليزية، فيك كل شيء يبدو كما لو أنه لغز مغلف بالجمال. كلماتك تأخذنا إلى عوالم بعيدة، لا تقتصر على التعلم، بل تجعلنا نغرق في بحرٍ من التفكر والتأمل. تعلمنا منك أن العالم ليس مكانًا واحدًا، بل هو عالم مليء بالتنوع، يكمن فيه كل جمال. أنت من فتح لنا الأفق، وأنت من جعلنا نؤمن أن اللغة ليست مجرد كلمات، بل هي مفاتيح لقلوبٍ وأفكارٍ بعيدة.
أستاذ التربية الإسلامية، علمك هو النور الذي يهتدي به قلبنا. في كل درس منك، هناك رسالة غير مرئية تُكتب في قلوبنا. أنت تعلمنا كيف نعيش مع الإسلام كروحٍ تلامس تفاصيل حياتنا اليومية، لا كواجبات فقط. تسير بنا بين آيات القرآن الكريم، وتُريكنا في كل خطوة جمالًا غير منظور، حيث تكون الحكمة والأخلاق هي زادنا. أنت من يعلمنا أن الدين ليس عبئًا، بل هو سكينة وراحة، وهي تُختصر في روحك التي تفيض بالحب.
أستاذ علم الأرض، أنت الحافظ لأسرار الأرض، الناطق باسم الصخور والجبال والبحار. فيك تكمن القصة التي لم نعرفها بعد عن كوكبنا. تُعلمنا أن الأرض ليست مجرد سطح نعيش عليه، بل هي كائن حي، تتنفس وتعيش وتاريخها مليء بالقصص التي نحتاج إلى الاستماع إليها. وأنت، يا أستاذ علم الأرض، كنت وما زلت المؤرخ الذي لا يُنسى.
أستاذ اللغة الكردية، فيك نجد جمالًا لا يتكرر. لغتك هي الجسر بين الماضي والحاضر، حيث تتحرك الكلمات كما لو أنها تعبير عن هوية لا تُمحيها الرياح. تعلمنا منك أن الكلمات ليست مجرد أصوات، بل هي ألحان تنبع من عمق التاريخ، وتغني الأرواح التي تعشق الأرض.
أستاذ الأحياء، عالمك هو مملكة حية، مليئة بالأسرار التي لا نراها بعيننا المجردة. فيك نجد سر الحياة، وكيف أن كل كائن، مهما كان صغيرًا، يحمل في ذاته أعجوبة. في كل درس، تكشف لنا عن تفاصيل لا تُرى إلا بالنظرة الدقيقة. علمك لم يكن مجرد معرفة، بل هو رحلة في أغوار الكائنات الحية، وعلاقة الإنسان مع الطبيعة.
أستاذ الفيزياء، فيك تتناغم الطاقة والمادة في رقصةٍ لا تنتهي. تعلمنا منك أن الكون ليس مجرد مجموعة من الجسيمات، بل هو منسوج بأحكامٍ لا نراها. كل قانون تشرحه لنا هو دعوة لفهم تلك الأنظمة العميقة التي تحكم وجودنا. وبك، أدركنا أن العلم ليس محصورًا في الكتب، بل هو جزءٌ من تفاعلنا مع العالم.
أستاذ الكيمياء، أنت الذي تعلمنا أن كل شيء في هذا الكون له تفاعل. في كل تفاعلٍ كيميائي، هناك سرٌ غير مرئي. جعلتنا نفهم أن كل ما حولنا هو مزيج من العناصر التي لا تجتمع إلا بطريقة معينة، وكل درس منك هو حكاية تفاعل يتحول فيه كل شيء إلى شيء آخر، ليتغير ويصبح له معنى أعمق.
أستاذ الحاسوب، فيك نجد البوابة التي تفتح لنا الأفق الجديد. علمك هو سر العصر، حيث نعيش اليوم في عالمٍ رقمي، وأنت، من يعلمنا كيف نمتلك مفاتيح هذا العالم. معك، أصبحنا قادرين على أن نغرق في بحر من البيانات، ونستخرج منها جوهرها. مع كل سطر من الشيفرة، نكتشف أن العالم أبسط مما نعتقد، وأن كل شيء قابل للتحليل.
المعاون، هو الجندي المجهول الذي يعمل بصمت، لكنه يحمل على عاتقه الكثير. وجودك في المدرسة يعني النظام والتنسيق، وعملك يتناغم مع قلب المدرسة. لا تحتاج للظهور لتثبت وجودك، بل حضورك في كل مكان يعكس الجهد المبذول في بناء هذا المكان.
مدير المدرسة، أنت قائد السفينة في بحرٍ من التحديات. فيك تكمن رؤية المستقبل، وأنت من يوجهنا نحو الاتجاه الصحيح. عملك لا يظهر للجميع، لكنه يتجلى في كل قرارٍ تتخذه، في كل لحظة تتأكد فيها أن الطريق الذي نسير فيه هو الأفضل لنا جميعًا.
أصدقائي، أنتم الأنوار التي تضيء دروبي في هذا المكان. في كل لحظة، هناك شيء مشترك بيننا، شيء عميق يربطنا رغم كل التحديات. بين يديكم، أرى أفضل نسخة مني، وأشعر أن حياتي ليست سوى سلسلة من اللحظات التي سنعيشها معًا، محملةً بالذكريات والأحلام.
***
سجاد مصطفى حمود