أقلام ثقافية

نهاد الحديثي: معرض الكتاب بين الكاتب والقارئ

افتتح رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الأربعاء الماضي، معرض العراق الدولي للكتاب، الذي يُقام بنسخته الخامسة على أرض معرض بغداد الدولي، وتجول السوداني في أرجاء وأجنحة المعرض، واطلع على مشاركات دور النشر والمؤسسات الثقافية العراقية والعربية والأجنبية، حيث أكد دعم الحكومة للحراك الثقافي، ونتاجات المثقفين العراقيين، وكل ما يصبّ في تعزيز مناهل المعرفة والاطلاع لدى الجمهور العراقي، المعرض يستمر لغاية 14 كانون الأول الجاري، وبمشاركة واسعة ضمت أكثر من 350 دار نشر عربية وأجنبية، إلى جانب دور النشر العراقية والمؤسسات الثقافية والإعلامية، ومنهاج المعض سيضم فعاليات واسعا ومتنوعا يضم نقاشات وحوارات فكرية واجتماعية وثقافية إضافة إلى مجموعة فعاليات فنية وقراءات شعرية خلال أيام المعرض ما يعكس اجواء ثقافية مبهجة،

لا تزال العلاقة بين الكاتب والقارئ معقدة وشائكة، وتحتاج للكثير من الدراسات والمقاربات، وذلك من أجل معرفة مكامنها ومخزوناتها الدلالية والبنيوية التي تشكلت وتمظهرت خلال كل تلك القرون الطويلة من مسيرة الكتابة الإبداعية، العلاقة الجدلية والمدهشة بين الكاتب والقارئ، بعد التخلّص طبعاً من مخاتلات وتأثيرات النص، مسألة قديمة - حديثة وقضية عميقة متجددة.

الكتابة والقراءة، علاقة ثنائية تلازمية، تتشكّل وتتكوّن من عدة ألوان ومستويات وتمر بمراحل مختلفة ومتعددة، الكاتب هو من ينسج النص ويُدحرجه لعقل القارئ، لتبدأ تلك العلاقة التشاركية التكاملية بين طرفين لا يمكن التنبؤ بشكل ومستوى التواصل المعرفي والكيميائي بينهما.

وكما هو معروف فإن لكل كاتب قارئه المتخيل، تماماً كما لكل قارئ كاتبه المتمثل، وبعيداً عن النص والحالة، والزمان والمكان، والرقيب والظرف، وكل أدوات ومعدات الفعل الكتابي التي تؤثر كثيراً على قواعد "اللعبة الكتابية"، يستمر التنافس على أشده بين الطرفين الشريكين: الكاتب والقارئ ، وهل يبحث القارئ عن كاتب يُجيب عن أسئلته أم عن كاتب يولّد الأسئلة ليُجيب عنها هو؟، وهل يخاف الكاتب من قارئه الشبح أم يعتبره الشريك المعين الذي يحمل معه طموحاته ومعاناته؟، وهل يُمارس الكاتب حرفته بحثاً عن كسب إعجاب واستحسان القارئ أم يكتب من أجل إرضاء غروره ونرجسيته؟، وهل علاقة الكاتب بالقارئ ممتدة ومتصلة، أم هي مرتبطة ومعلّقة باكتمال النص؟ تساؤلات تنتظر من يجيب عليها؟

يقول الكاتب والأديب المصري الشهير توفيق الحكيم "1898 - 1987 "أريد من قارئي أن يكون مكملاً لي، لا مؤمناً بي، لقد مرت العلاقة بين الكاتب والقارئ بمراحل وتطورات كثيرة وكبيرة، ولكنها لم تفقد رغبتها الملحة بالشراكة والتكامل. نعم، هي تتعرض الآن لتحولات وتحديات مثيرة بسبب سيطرة وهيمنة وسائل الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي، ولكنها رغم كل ذلك أثبتت دائماً أنها علاقة وطيدة وعضوية، وقادرة على التشكّل والتلوّن، لأنها علاقة أزلية وحتمية

***

نهاد الحديثي

 

في المثقف اليوم