أقلام ثقافية
شدري معمر علي: الشاعر عمر بلاجي ومكابادات الشعر والحياة
من حسنات وفضائل هذا الفضاء الافتراضي أنه يعرفك بقمم أدبية وثقافية مسكونة بهموم الإبداع والكتابة سيدة المقام ومن هؤلاء الفاعلين ثقافيا الذين تعرفت عليهم من خلال الفيسبوك الأخ الفاضل الأسناذ والشاعر القدير عمر بلاجي الذي يعتبر من صناع المشهد الثقافي في أم البواقي بتنظيمه وإشرافه على ملتقيات وطنية وعربية ناجحة بشهادة الكتاب الحاضرين وتتبعت مسار هذا المبدع الذي أحببته لطيبته وكرم تواصله .
والشاعر عمر بلاجي يرأس أيضا ”جمعية الرواسي للثقافة والفنون“، و”جمعية الملتقى للفنون والإبداع“
أصدر ديواناً شعرياً بعنوان ”لمن يهمس الغروب“ عام 2016 عن دار الأوطان يحمل عدة قصائد (واحد وعشرون قصيدة )منها: غربة اللسان، ضيفي الملثم، من سيرة آدم، ابن التبانة، على لسان القدر، توأم الروح، نداء العفة وغيرها من القصائد وقد أشاد النقاد بتجربة هذا الشاعر الذي يكتب القصيدة العمودية باقتدار وسلاسة تنم عن موهبة اصيلة..
قال فيه الناقد والشاعر والأكاديمي عبد القادر رابحي :" لمن يهمس الغروب؟ هو جزء من ذات الشاعر عمر بلاجي المسكونة بوجع الحروف وبمساحة مما تريد أن تخبئه للقارئ من طموح جارف يستمد صدقه ومعاناته من شعلة الكلمات المتوقدة بصدق الذات ومعاناتها والمطلع على هذه القصائد لا يسعه إلا أن يشارك الشاعر في سؤاله الحميمي الذي أودع فيه مشروع رؤيته للكتابة الشعرية وتباشير نظرته لما يعتورها من مكابادات حياتية وفنية ويكفي شاعرنا أن ما يؤرقه من قصائده هذه هو المثل التي يرى أنها بدات تختفي من واقع مسكون بمسافات عميقة من المرارات التي تعبر عنها لغة الديوان وصوره بكثير من الصدق ومن الجاذبية "..
وإن كان هذا الديوان "لمن يهمس الغروب " هو باكورة أعمال الشاعر القدير عمر بلاجي إلا أن في جعبته دواوين أخرى مخطوطة ينتظر الفرصة السانحة لطبعها وانا أقرأ له بعض قصائده المنشورة لفت انتباهي كقارئ للشعر ومتذوق له تلك الصور الشعرية الجميلة واللغة الأنيقة ذات الدلالات العميقة التي تدل على شاعر يمتطي صهوة القصيدة ويعرف اسرار اللغة العربية أليس هو أستاذ لها صاحب خبرة تربوية طويلة ؟، وفي قصيدة " إلى حواء البدء والمال " تتجلى هذه اللغة الرومانسية الجميلة حيث الرباط المقدس بين الشاعر والمراة حيث يجد عالمه الجميل يسافر إليها ليس وحده بل ترافقه الحمائم والرباب، فقليل من الحب تحلو الحياة ويعيش الشاعر في سمو روحي فما أجمل هذا الوله والتعلق ففي هذه القصيدة يتجلى ذوق الشاعر في انتقاء قاموسه اللغوي المشع بالدلالات فالمجاز واللحن والعود والنشيد والحمائم والرباب والسفر والشهاب كلها منفتحة على موسيقى الحياة والتحليق بعيدا وكأن المراة هي نشيد الوجود وحمامة السلام وموسيقى الكون... وأترككم مع هذه القصيدة لتتذوقوا عذوبة الشعر.
إلى حــوّاء البدء والمآل
أيا امرأةً تَجُرّ رداء قلبي
تُعانقها القصائدُ والرّحابُ
ويطربها المجازُ بلحن عودي
بها يحلو النشيدُ ويُستطابُ
أيا امرأة أسافر في هواها
ترافقني الحمائمُ والرّبابُ
تُعاتبني الكواكبُ إن غفوتُ
ويعزفُ عن مُكاشفتي الشّهابُ
فميلي بالهوى قدرًا يسيرا
فما قَتَل الهوى قومًا أنابوا
يروم القلبُ قلبا دون إذن
وتسمو الروح يَبْلُغها الجوابُ
***
بقلم: الكاتب والباحث في التنمية البشرية:
شدري معمر علي