ترجمات أدبية
أنطون تشيخوف: الشحاذ
بقلم: أنطون تشيخوف
ترجمة: نزار سرطاوي
***
"سيدي الطيب، من فضلك، ارأفْ بحال فقيرٍ جائعً. لم أذُقْ للزاد طعمًا منذ ثلاثة أيام. لا أملك خمسة كوبيكات للمبيت هذه الليلة. أقسم بالله! طوالَ خمسةِ أعوامٍ عملتُ مُعلِّما في قرية وفقدت وظيفتي بسبب مكائدِ زِمْسْتوف. كنت ضحيةَ شاهدِ زور. وها أنا الآن في المكان غير المناسب".
نظر سكفَرتسوف، المحامي من بطرسبورغ، إلى المعطفِ الأزرق الداكن الممزق الذي يرتديه المُتكلم، وإلى عينيه الموحِلتين المخمورتين، وإلى البقعِ الحمراء على وجنتيه، وبدا له أنه رأى الرجلَ من قبل.
تابع الشحاذ: "والآن عُرِضَتْ عليّ وظيفةٌ في مقاطعة كالوغا، لكنّني لا أملك ما يساعدني على السفر إلى هناك. ساعدني لو تكرّمت! أشعر بالخجل من السؤال. لكنْ... الظروف تضطرني".
نظر سكفَرتسوف إلى خُفّيهِ المطاطيّين. كان أحدهما قليلَ العمق مثل الحذاء، بينما الآخر عاليًاً يصل إلى ساقه مثل الجزمة، وفجأة تذكّر.
قال: "اسمعْ، التقيت بك أولَ أمس في شارع سادوفوي، ولم تخبرَني أنك معلِّمٌ في قرية، بل طالبٌ مفصول. هل تَذكر"؟
"لا، لا، لا يمكن أن يكون الأمر كذلك!" تمتم الشحاذ مرتبكًا. "أنا معلمُ مدرسةٍ في قرية، ويمكنني أن أريك الوثائق التي تثبت ذلك إن أردت."
"كفاك كذِبًا! لقد قلتَ إنك طالب، حتى أنك أخبرتني بالسبب الذي فُصِلتَ من أجله. هل تذكر؟"
احمرّ وجه سكفَرتسوف، وبنظرةٌ مليئة بالاشمئزاز أشاح بوجهه عن الكائن ذي الملابس الرثّة.
صاح غاضبًا: "هذا شيءٌ مُزرٍ أيها السيّد! هذا احتيال! سأسلمك للشرطة. عليك اللعنة! أنت فقيرٌ وجائع، لكن هذا لا يعطيك الحق في أن تكذبَ هكذا بلا حياء!"
أمسك الكائنُ ذو الملابس الرثّة بمقبض الباب وتجوّل بنظره في أرجاء القاعة بيأسٍ مثلَ طائرٍ وقعَ في فخ.
تمتم: "أنا ... أنا لا أكذب". "يمكنني إبراز الوثائق".
"من يصدِّقك؟" تابع سكفَرتسوف وهو ما يزال حانقًا. "تستغلُّ تعاطفَ الناس مع المعلمين والطلبةِ في القرى – هذا منتهى الانحطاطِ والدناءةِ والقذارة. إنه شيءٌ مثيرٌ للقرف!"
استشاط سكفَرتسوف غضبًا، وراح يوبِّخُ الشحاذ توبيخًا قاسيًا. فقد أثار الرجلُ ذو الثياب الرثّة اشمئزازَه ونفورَه، إذ رأى فيه إهانةً لما كان هو، سكفَرتسوف، يحبّهُ ويقدّرُه في نفسه: الشفقة، القلبَ الرقيق، والتعاطفَ مع البؤساء. وهذا الشخص بكَذِبه واعتدائِه الغادر على الرأفة، دنَّس الصَدَقَة التي كان يُحبّ أن يهبَها للفقراء دون أن تساورَ نفسَه الريبة. دافع الشحاذ عن نفسه في البداية، واحتج بحَلْفِ الأيْمان، ثم غرق في الصمت وطأطأ رأسَه وقد غمره الإحساسُ بالخجل.
قال وهو يضع يده على قلبه: "سيدي، أنا حقًّا كنت... أكذب! لست طالبًا ولا مُعلّمًا في قرية. هذا كله مجردُ تلفيق! كنت في الجوقة الروسية، وطُردتُ بسبب السُكْر. لكنْ ماذا أفعل؟ صدقني، وأقسم بالله، لا أستطيع أن أتدبّرَ أمري دون أن أكذب – عندما أقول الحقيقةَ لا يعطيني أحدٌ أيَ شيء. مع الحقيقة قد يموتُ المرءُ جوعًا ويتجمدُ دونما سكنٍ يقضي فيه لَيْلَهُ! ما تقوله صحيح، أفهم ذلك، لكن... ماذا عساي أن أفعل؟"
"ماذا عساك أن تفعل؟ تسأل ماذا عساك أن تفعل؟" صاح سكفَرتسوف وهو يقترب منه. "العمل – هذا ما ينبغي عليك فعلُه! عليك أن تعمل!"
"العمل... أعلم ذلك، ولكن أين يمكنني الحصولُ على عمل؟"
"هراء. أنت شاب وقوي وبصحةٍ جيدة، وفي وسعك دائمًا أن تعثرَ على عمل لو أردت ذلك. لكنك تعلم أنك كسولٌ واتّكاليٌّ وسِكيّر! رائحةُ الفودكا تفوح منك مثل الحانة! لقد أصبحتَ زائفًا وفاسدًا حتى نخاعِ عظامك، ولا تصلحُ لشيءٍ سوى التَسَوّلِ والكذب! وإن تكرّمتَ وتنازلتَ وقبلتَ بعمل، فلا بد أن تعملَ في مكتبٍ أو مع جوقةٍ روسية، أو أن تكون مشرِفَ بلياردو، حيث سيكونُ لك راتبٌ دون أن يكون عليك أن تفعل شيئًا! ولكن ما رأيك أن تقوم بعملٍ يدوي؟ أنا على يقينٍ أنك لن تقبل أن تكون بوّابًا في منزلٍ أو عاملًا في مصنع! أنت أرقى من ذلك!"
"ما هذه الأشياء التي تقولها، حقًا..." قال الشحاذ وابتسم ابتسامة مريرة. "كيف لي أن أجد عملًا يدويًا؟ لقد فات الوقت لأكون صاحبَ دكّان. ففي التجارة يجب أن يبدأ المرء من مهنة صبي؛ لا أحد يقبل بي بوّابًا في منزل لأنني لست من تلك الفئة... ولم أستطع أن أجدَ عملًا في مصنع؛ يجب على المرء أن يتقن صنعةً، وأنا لا أعرف شيئًا".
"هراء! دائمًا تجد لنفسك مبررًا! ألا ترغب في تقطيع الخشب؟"
"لن أرفض ذلك، لكنّ العاملين في تقطيع الأخشاب عاطلون عن العمل الآن."
"آوه، العاطلون عن العمل جميعًا يجادلون بهذه الطريقة! بمجرد أن يُعرضَ عليك أيُّ شيء ترفضه. هل تقبلُ أن تعمل عندي في تقطيع الخشب؟"
"بالتأكيد أقبل..."
قال سكفَرتسوف بعصبيةٍ متسرّعة: "جيد جدًا، سوف نرى... ممتاز. سنرى!" فرك يديه وهو يشعر بفرحةٍ ماكرة، واستدعى طاهيته من المطبخ.
قال لها: "إليكِ يا أولغا، اصطحبي هذا الرجل إلى السقيفة ودعيه يُقَطِّعْ بعض الخشب".
هزَّ الشحاذ كتفيه كما لو كان مشدوهًا، ولحقَ بالطاهية مترددًا. كان واضحًا من سلوكه أنه وافق على الذهابِ وتقطيعِ الخشب، ليس لأنه جائعٌ ويريد أن يكسب المال، ولكن ببساطة بدافع الخجل والشعور بالخزي، لأنهم وثقوا بكلمته. كان جَلِيًّا أيضًا أنه يعاني من آثار الفودكا، وأنه ليس على ما يرام، ولم يكن لديه أدنى شعورٍ بالرغبة في العمل.
سارع سكفَرتسوف إلى غرفة الطعام. وهناك من النافذة التي تطلُّ على الفناء كان يرى سقيفةَ الأخشاب وكلَّ ما يحدث في الفناء. وقف سكفَرتسوف عند النافذة، حيث رأى الطاهيةَ والشحاذ يأتيان من الممر الخلفي إلى الفناء ويعبران الثلجَ الموحلَ وصولًا إلى سقيفة الأخشاب. ألقت أولغا نظرةً فاحصةً على رفيقها وهي غاضبة، وفتحت سقيفةَ الأخشاب بكوعها وطرقت الباب بغضب.
قال سكفَرتسوف في نفسه: "لقد قاطعنا المرأةَ وهي تشرب قهوتَها على الأغلب. يا لها من مخلوقةٍ عصبية المزاج!"
ثم رأى المُعلمَ الزائفَ والطالبَ الزائفَ يجلس على كتلةٍ خشبية، ثم يميل بخديه الأحمرين على قبضتيه ويستغرق في التفكير. ألقت الطاهيةُ بفأسٍ عند قدميه، وبصقتْ على الأرض بغضب، ومن تعبير شفتيها، بدا أنها قد أخذت تشتمه. جذب الشحاذ نحوه جذعًا خشبيًا بتردد ووضعه بين قدميه، ومرّر الفأس عليه بصورة معاكسة. سقط الجذع أرضًا. جذبه الشحاذ نحوه، ونفخ في يديه المتجمدتين، ثم سحب الفأس مرة أخرى بحذر كما لو كان خائفًا من أن تصطدم به أو تقطع أصابعَه. سقط الجذع مرة أخرى.
كان غضب سكفَرتسوف قد تلاشى في تلك اللحظة، فشعر بالضيق والخجل من فكرة أنه أجبر رجلاً اتكاليًا مخمورًا وربما مريضًا على القيام بعمل قاسٍ وشاقٍّ في البرد.
قال في نفسه وهي ينتقل من غرفة الطعام إلى مكتبه: "لا يهمّ، فليكملْ عمله. إنّي أفعل ذلك من أجل مصلحته!"
أطلّت أولغا بعد ساعة وأعلنت أنه قد تم تقطيعُ الخشب.
قال سكفَرتسوف: "إليكِ، أعطيه نصف روبل، وإن كان يرغب فليأتِ ويُقَطع الخشب في الأول من كل شهر .... سيتوفر له العمل دائمًا."
في اليوم الأول من الشهر ظهر الشحاذ، ومرة أخرى كسب نصف روبل، رغم أنه لم يكن يقوى على الوقوف. من ذلك الحين فصاعدًا، كان يحضر كثيرًا، وكان العمل متوفرًا له دائمًا: أحيانًا كان يجمعُ الثلج في أكوام أو ينظفُ السقيفة، وأحيانًا أخرى كان ينفضُ السجّادَ والمراتب. كان يحصل دائمًا على ثلاثين إلى أربعين كوبيك مقابل عمله. وذات مرة أرسلوا له بنطالًا قديمًا.
وعندما انتقل سكفَرتسوف من منزله، طلب منه أن يساعدَ في تعبئة ونقل الأثاث. وفي هذه المناسبة كان الشحاذ صاحيًا ومتجهمًا وصامتًا. لم يلمس الأثاث إلا لمامًا، ومشى مُطَأطئ الرأس خلف عربات الأثاث، ولم يحاول حتى أن يبدو مشغولاً؛ كان يرتعش من البرد، وقد استحوذ عليه الارتباك عندما ضحك الرجال المرافقون للشاحنات من كسله وضعفه ومعطفه الممزق الذي كان ذات يوم لرجل نبيل. وبعد الانتقال أرسل سكفَرتسوف في طلبه.
قال وهو يعطيه روبلًا: "أرى أن كلامي كان له أثرٌ عليك. هذا مقابل عملك. أرى أنك صاحٍ وغير راغب في العمل. ما اسمك؟"
"لوشكوف".
"يمكنني أن أعرض عليك عملاً أفضل، وليس شاقًّا يا لوشكوف. هل يمكنك الكتابة؟"
"نعم سيدي."
"إذًا اذهب بهذه المذكرة إلى زميلي غدًا وسيعطيك بعض ما تنسخه. اعملْ ولا تشربْ ولا تنسَ ما قلتُ لك. إلى اللقاء."
كان سكفَرتسوف سعيدًا لأنه وضع رَجُلاً على طريق الاستقامة، وربّتَ على كتف لوشكوف بلطف، بلْ إنه صافحه عند فراقه.
أخذ لوشكوف الرسالة وغادر، ومنذ ذلك الوقت لم يأتِ إلى الفناء الخلفي للعمل.
مرت سنتان. وذات يومٍ بينما كان سكفَرتسوف يقف في مكتب التذاكر في المسرح، يدفع ثمن تذكرته، رأى بجانبه رجلاً ضئيلًا بياقةٍ من جلد الخراف وقبعةٍ رَثّة من جلد قطة. طلب الرجل من الكاتب بشيءٍ من الخجل تذكرةً لدخول العرض ودفع بضعةَ كوبيكاتٍ ثمنًا لها.
"لوشكوف، أهذا أنت؟" سأل سكفَرتسوف، وقد عرف الرجلَ الصغيرَ قاطعَ الأخشابِ السابق. "ماذا تفعل؟ هل تسيرُ حياتُك على ما يرام؟"
"الوضع جيد ... أنا الآن في مكتبِ كاتبِ عدل. أكسب 35 روبلًا."
"الحمد لله، هذا رائع. أشعر بالفرح من أجلك. أنا في غاية السرور يا لوشكوف كما تعلم، بالنسبة لي أنت بمثابةِ ابنٍ على نحوٍ ما. كنت أنا من دفعك دفعًا إلى الطريق الصحيح. هل تذكر توبيخي الشديد لك. لقد كدتَ أن تغورَ في الأرض حينها. شكرًا لك، صديقي العزيز، لأنك تذكرتَ كلماتي".
قال لوشكوف: "شكرًا لك أنت أيضًا". "لو لم آتِ إليك في ذلك اليوم، لربما بقيتُ أُسمّي نفسي مُعلمًا أو طالبًا. نعم، في بيتك جرى إنقاذي، وخرجت من الحفرة."
"أنا في غاية السعادة."
"أشكرك على كلماتك وأفعالك الطيبة. ما قلتَه في ذلك اليوم كان ممتازًا. أنا مُمتنٌ لك ولطاهيتك، بارك الله في تلك المرأة الطيبة النبيلة. ما قلتَه أنت في ذلك اليوم كان ممتازًا؛ أنا طبعًا مدينٌ لـك ما حييت، لكنَّ طاهيتك أولغا هي التي أنقذتني حقًا".
"كيف كان ذلك؟
"كان الأمر على هذا النحو. كنتُ آتي إليك لتقطيع الخشب وكانت هي تبدأُ هكذا: "آه، أيها السِّكير! أيها الرجل الذي تركه الله! ومع ذلك فإن الموت لا يأخذك"! ثم تجلس قبالتي وتروح تندب وتحدّق في وجهي وتنوح: "أيها الرجل سيءُ الحظّ! ليس لديك ما يُفرِحك في هذه الدنيا، وغدًا سوف تصطلي بنار جهنم، أيها السِكّير المسكين! أيها المخلوق المسكين البائس"! وكانت دائمًا تسترسلُ على هذا النحو، كما لا يخفى عليك. لا أستطيع أن أقولَ لك كم كانت تزعج نفسَها، وكم من الدموع ذرفت من اجلي. لكنّ أكثرَ ما أثّر فيَّ هو أنها كانت تُقَطِّع الأخشاب نيابةً عني! هل تعلم يا سيدي، لم أُقَطِّع لك جذعًا واحدًا– كانت هي تفعل كل شيء! كيف أنها هي التي أنقذتني، وكيف تغيّرْتُ وأنا أنظر إليها وتوقفت عن الشرب... لا أستطيع أن أُفسِّر ذلك. كلُّ ما أعرفه هو أن ما قالته والطريقة النبيلة التي تصرفت بها أحدثا تغييرًا في نفسي لن أنساه ما حييت. ها قد حان الوقت للصعود على أية حال، فسيقرعون الجرس الآن".
انحنى لوشكوف ومضى إلى المعرض.
***
........................
* نبذة عن الكاتب
يعتبر أنطون بافلوفيتش تشيخوف أحد كبار كُتّاب المسرح والقصة القصيرة في روسيا. ولد في تاغانروغ في جنوب روسيا على بحر آزوف في 17 يناير 1860، لأسرة فقيرة، وكان ترتيبه الثالث بين ستة أطفال. كان والده صاحب محل بقالة، أما جده فكان من الأقنان. لكنه اشترى حريته في عام 1841.
التحق تشيخوف بالمدرسة الثانوية في تاغانروغ وفي عام 1879 التحق بكلية الطب في جامعة موسكو. وكان عليه أن يكسب المال ليتابع دراسته ويعيل أسرته. وقد استطاع أن يحقق دخلًا متواضعًا بكتابة القصص والطرائف في المجلات والصحف. وفيما بعدُ التقى بالكاتب ديمتري جريجوتوفيتش، الذي تنبّه إلى موهبته في الكتابة، فوقف إلى جانبه وساعده على تحسين جودة قصصه. ومن هنا بدأ نجم تشيخوف يسطع.
بعد تخرجه في عام 1984، وممارسته لمهنة الطب، بدأت أولى أعراض الإصابة بمرض السل تظهر عليه. لكنه تابع الكتابة، وفي عام 1886 تولت إحدى دور النشر طباعةَ كتابٍ له بعنوان قصص موتلي. وقد حقق الكتاب شهرة واسعة، ومنذ ذلك الحين ازداد تركيزه على الكتابة على حساب ممارسته مهنةَ الطب.
في عام 1988 ذهب تشيخوف إلى أوكرانيا، حيث مات شقيقه نيكولاي، وقد استوحى من تلك الزيارة روايته القصيرة "قصة كئيبة" (1989)، التي يتحدث فيها رجل عجوز عن حياته وهو في سكرات الموت، حيث يعتبرها عديمة القيمة. ثم سافر تشيخوف إلى يالطا في جزيرة القرم. وهناك التقى الروائي الروسي الشهير ليو تولستوي.
في عام 1890 قام تشيخوف برحلة إلى سجن جزيرة سخالين الواقعة في الشرق الأقصى إلى الشمال من اليابان. وبعد عودته إلى روسيا، كرّس نفسَه لأعمال الإغاثة خلال مجاعة عام 1892. ولم يلبث أن اشترى عقارًا في ميليخوفو وانتقل إليه ليعيش هناك مع أسرته، حيث استقرت أوضاعه الماليه.
كوّن تشيخوف صداقاتٍ مع الكثير من النساء الجميلات والموهوبات، لكنه لم يتقدم لخطبةِ أيٍّ منهن، إلى أن التقى الممثلةَ أولغا كنيبر، ووقع كلاهما في حب الآخر، واقترن بها في أيار/ مايو، 1901. لكنها بقيت في موسكو تعمل في التمثيل، بينما أقام هو في يالطا للنقاهة. وفي عام 1904 ساءت صحته كثيرًا وسافر إلى مدينة بادِنْ وايلر في ألمانيا. وفي 2 تموز/يوليو 1904 توفي في أحد فنادق بادِنْ وايلر. وتمّ نقل جثمانه إلى موسكو، حيث دفن هناك.
كتب تشيخوف أكثر من 500 قصة قصيرة ورواية واحدة وسبع روايات قصيرة و 17 عملًا مسرحيًا، حظيت أربعٌ منها على الأقل بشهرة عالمية، وهي: نورس البحر (1895)، العم فانيا (1899)، الشقيقات الثلاث (1900)، بستان الكرز (1903). أما أعماله غير الأدبية فاقتصرت على عملين، أحدهما في أدب الرحلات، والثاني كتاب مذكرات.