تجديد وتنوير

زهير ياسين شليبه: تأثير الآداب الأوروبية في بواكير التنويريه العربية

اختلف الباحثون العرب والمستشرقون حول تحديد بداية الأدب العربي الحديث ومراحله وغالبا ما جرى الخلط بينه وبين الحركه التنويريه التي سميت باليقظة العربية تارة وبالانبعاث العربي تارة اخرى.

فالأدب العربي الحديث هو المكتوب ضمن مفاهيم وقيم وفنون وأنواع أدبيه جديده ذات طابع عالمي ومحلي شاعت في العصر الحديث، التي يمكن تحديد ظهورها ببداية اللقاء العربي الغربي وحدوث التمدن العربي، اي في بداية القرن التاسع عشر بعد أن تهيأت له الظروف الموضوعيه والذاتيه بعد الحمله الفرنسيه وبداية حكم محمد علي باشا الذي استمر من1805 إلى1848، وان التنويرية تشكل أهم مراحله الاولى وأساس.

تشبه التنويرية العربية فترة الرينسانس الأوربية، ولكنها ليست مرادفة لها، ولا نريد أن نذكر كل المصادر التي تناولت مراحله، بل نكتفي بالقول إن أغلب الباحثين اعتبر الأدب الحديث مرحلةً واحدةً سميت باليقظة العربية أو الانبعاث العربي ولم يميز بعضُهم بينه وبين الفترة التنويريه، التي نود أن نتحدث في مقالنا الحالي عن بداياتها واتجاهاتها.

لا بد لنا هنا من الإشارة إلى كتاب الدكتور محمد الكتاني الذي ميز التنويريه عن النهضه في الأدب الحديث، والشئ نفسه يقال إلى حد ما بالنسبة إلى كتاب أندريه ميكال. (انظر الهوامش)

كذلك، ينبغي الإشارة إلى أن بعض مؤرخي الأدب العربي اعتمد في حديثه عنه على أحداث محليه أو إقليميه في مصر أو في هذا القطر العربي او ذاك، ناسين أنه في مصر والشام لم يكن خاصاً باهلها فحسب، بل هو عام لكل القراء العرب ولم يكن من نتاج المصريين لوحدهم، بل السوريين اللبنانيين وغيرهم من العرب والمسلمين والنصارى مثل ولي الدين يكن وجرجي زيدان، حيث كانت مركز الحضاره العربيه والإسلاميه وكل حدث يهزها يؤثر في كل العالم العربي*.

يرى د. أحمد هيكل بأن الأدب العربي الحديث يبدأ من الحمله الفرنسيه الى مابعد ثورة 1952 ويقسم هذه المرحلة الطويله الى عدة فترات دون أن يكرّسَ حقبةً تخص التنويريه العربيه بالذات، الا انه يخصص فترةً لولاية إسماعيل حتى ثورة عرابي (1863-1882).

ويعتبر د. عمر الدسوقي الحمله الفرنسيه بداية الأدب الحديث، بينما نجد ان العديد من مؤرخي الأدب العربي الحديث اعتبر منتصف القرن التاسع عشر بداية لكتبهم ولم يميزوا بين التنويريه والنهضه. انظر:

د. عمر الدسوقي. تطور الأدب الحديث في مصر من أوائل القرن التاسع عشر الى قيام الحرب الاولى، وكتابه المعروف: في الأدب الحديث.

واعتبر أندريه ميكال في كتابه «الأدب العربي. تونس 1973» الحمله الفرنسيه بداية الانبعاث التي تبلورت في فكر رفاعه الطهطاوي وفي عهد محمد علي باشا.

ونشير الى كتاب «الصراع بين القديم والجديد في الأدب العربي الحديث» للدكتورمحمد الكتاني الذي ميز بين عصري الانبعاث والنهضه معتبرا كتاب «الوسيله الأدبيه» للشيخ حسين المرصفي أبرز علامة في مرحلة الانبعاث ورائدها البارودي.

تميزت “الوسيله الأدبيه” عن الكتب النقديه القديمه من حيث أسلوبها الجديد في دراسة البلاغه التي اصبحت لدى المرصفي وسيلة لمعرفة الصور الأدبية وليست غاية بحد ذاتها، وانتقد القدامى والمعاصرين في طريقتهم لدراسة البلاغه: هذا يشبه كذا، او استعار كذا لكذا، ورأى ان الناقد يجب ان يعين القارئ في الوقوف على مواطن الحسن في الكلام، إلا أنه رفض الخروج عن الاصول في ميدان اللغة العربية، ومع ذلك يعد مجددا في مجاله، فهو الذي قال: “ليس كل ما فيه الكاف أو كأن يعد في نظر اهل صناعة الكلام...تشبيها، وإنما التشبيه ما جلت فائدته وحسن موقعه من غرضه...”الوسيله الأدبيه” حسين ج 2 ص 17.

يقسم بروكلمان الأدب العربي الى خمس مراحل يسمي الأخيرة منها بالأدب الحديث و«مرحلة البعث السوري اللبناني المصري من القرن التاسع عشر حتى الوقت الحاضر»، ويسميها نالينو «البعث الاخير من ظهور محمد علي 1805 حتى العصر الحالي. أما نيكلسون فانه يعتبرها ممتدة «من الفتح المغولي حتى عصرنا الحاضر»، ويميل شارل بيلا الى تسميتها ب «عصر البعث من الحمله الفرنسيه».420 mohamad abdah

ويميز أغلب المستشرقين الروس مثل كريمسكي وهو من المستعربين الاوائل الذي سمى المرحلة الاخيره ب “الانبعاث“، وكراشكوفسكي ودولينينا وغيرهما بين الأدب الحديث والانبعاث او مرحلة اليقظة العربية من جهه والتنويريه في النصف الثاني من القرن التاسع عشر من جهة أخرى، ومنهم من كرس بعض مقالاته وبحوثه لكل مرحلة من هذه المراحل.

وقع معظم مؤرخي الأدب بخطأ ربط الحركة الأدبية واتجاهاتها بالاحداث السياسيه بطريقة ميكانيكيه لا تميز بين الحدث السياسي والعامل الفكري او الايديولوجي وبين الثانوي والرئيس.

ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر بأن تعريب الانجيل عام 1840 وتأسيس جامعة القديس يوسف ونشاطات الأب جرمانوس فرحات في ميدان اللغة العربية ومؤلفات بطرس البستاني بدءا من القاموس المحيط مرورا بدائرة المعارف وانتهاءا بتعريب “الإلياذه” وغيرها لها أهمية كبيرة لا تقل عن الأزهر الشريف ولا يمكن لأي باحث في الأدب العربي الحديث أو التنويريه العربيه بالذات أن يتغافل عنها.

ومهما اختلف النقاد في تحديد بداية التنويريه العربيه لكن النصف الثاني من القرن التاسع عشر هو بدايتها الاولى، وتتسم بالمقامات التي بقيت على أساليب العصور الوسطى وكتب الأدب الوعظي التي تشتمل على مختلف المواضيع الفلسفيه والاخلاقيه.

انتشرت في هذه الفتره مقامات ناصيف اليازجي (1800-1871) وعبد الله فكري، وكتاب «الساق على الساق في ماهو الفارياق» لأحمد فارس الشدياق (1834-1890) الذي يتضمن معلومات عن السيره الذاتيه، وملاحظات الطريق وأربع مقامات منفصلة عن بعضها بعضا.

وقد بقي الشعر حتى ما قبل منتصف القرن التاسع عشر تقليدياً، إلا أن محمود سامي البارودي أقدم على بعث الشعرالعربي القديم مع ظهور بعض المحاولات التجديديه في الشام. ولا يمكن الحديث عن ريادة البارودي لحركة البعث الشعري دون الإشارة الى دور كتاب “الوسيله الأدبيه” للسيد حسين المرصفي الذي نقل النقد من النظره اللغويه الجامده إلى المفاهيم الجماليه وهو ما لم يتميز به النقد العربي التقليدي آنذاك.

شهدت هذه الفتره بدايات ظهور المسرح العربي وبرز مارون النقاش في الأوساط المسرحيه ووضع مسرحيات مولييرعام 1847، أما الصحافه وفنونها فقد ظهرت قبل ذلك إلا أنها تطورت في هذه الحقبة.

ونعتقد أن السبعينات هي البداية الحقيقيه للادب التنويري العربي لتميزها بالتطور الاقتصادي والثقافي في مصر الخديوي إسماعيل الذي حكم في (1863-1882)، وبدأت في هذه الفتره تتبلور افكار «التجديد الإسلامي» وتعاليمه وقويت الحركه القوميه العربيه.

وكان إسماعيل يعد نفسه حامي الثقافه والديمقراطيه، ولهذا ليس صدفة أن يهاجر الأدباء والصحفيون السوريون إلى مصر فأصدروا الصحف مثل التي صدرت “الاهرام” عام 1879وغيرها من المجلات منافسين بذلك المصريين في تنشيط الحركة الأدبية. وعمل إسماعيل على تأسيس المسرح المصري فظهرت فرقتان: فرقة يعقوب صنوع في القاهره، وفرقة أديب إسحاق وسليم النقاش في الإسكندرية وظهرت في الشعرالكلاسيكي بعض ملامح الموضوعات الجديده.

هذا في مصر، أما في الشام، فإن ستينات القرن التاسع عشر شهدت تطورا ونموا واضحا للحركة التنويريه، وازداد في نهاية هذه الحقبة نشاط الجمعية العلمية السورية وظهرت مجلات أدبيه جديده مثل «الجنان» للبستاني.

ووُضعت أول مسرحيه عربيه عن الرجوله والصدق واتجه الشعر العربي الكلاسيكي نحو موضوعاتٍ معاصرةٍ كما يبدو ذلك في نتاجات ابراهيم اليازجي (1847-1907) الذي دعا للتخلص من الاضطهاد التركي.

أما الانواع النثريه التقليديه مثل مقامات محمد مبارك الجزائري فقد بقيت تمارس حضورها جنباً إلى جنب مع الكتب الوعظيه ليوسف صروف وإلياس سماحه وفرح أنطون. وظهرت في السبعينات انواع نثريه جديدة تجسدت في نتاجات سليم البستاني الروائيه الاجتماعيه والتاريخيه وبعض القصص والكثير من تراجمه التي نشرت في «الجنان» ويتاثر به بعض الكتّاب مثل صالح نخله مؤلف «قصة فؤاد وحبيبته رفعت».

في الثمانينات شهدت الحياة المصريه ركودا ملحوظا، ففشلت ثورة عرابي وانتهت بالاحتلال البريطاني وأغلقت العديد من الصحف والمجلات الوطنيه ونُفي المشاركون في الثوره بمن فيهم الأدباء الى الخارج.

أما سوريا فقد انعكس عليها انتصار الرجعيه التركيه وازداد الظلم والاضطهاد وكثر عدد المهاجرين الشاميين الى مصر من الذين لم يعادوا البريطانيين ولعبوا دورا كبيرا في الحركه الأدبيه المصريه في الثمانينات والتسعينات.

تميزت هذه الحقبه عن السبعينات بتوسيع الديمقراطيه وزيادة التوجه نحو الغرب وتوسع الترجمه ونقل الكتب بما فيها المسرحيات من اللغات الاوربيه الى العربيه.421 farah intoan

لا بدّ من القول بأن مرحلة التنويريه تميزت ايضا بمساهمات مجلة «المقتطف» لصاحبها يعقوب صروف الكبيرة في نشر الثقافة الاوروبية. اما صحيفتا «المؤيد» ومجلة «المنار» لصاحبهما الشيخ محمد رشيد رضا (1898) فكانتا تمثلان الاتجاه الإسلامي العقلاني ووقفتا على الضد من مجلة «المقتطف».

للقصة التنويرية دورها في هذه الفترة حيث تستمر تقاليد سليم البستاني القصصيه في التطور، إلا أن الروايه التاريخيه تطورت وتفوقت على الوعظيه بسبب الهدوء السياسي.

فرواية الثمانينات كلها ماعدا «الحضاره الإسلاميه في بغداد» لجميل المدور كانت مكرسةً لموضوعات عائلية سبق للبستاني أن تطرق اليها وكانت لها أهمية خاصه في تلك الفترة حيث التغييرات الاجتماعيه»، وينشر نجيب غرغور محرر مجلة «حديقة الأدب» البيروتيه ومجلة «أبو نواس»1895 رواياتِه المختلفه.

أما أهم النتاجات النثريه التنويريه في الثمانينات فهي «علم الدين» لعلي مبارك 1882، والحضاره الإسلاميه في بغداد لجميل المدور1888. تُعد «علم الدين» شكلا معصرنا للأدب الوعظي في أربعة اجزاء من النثر المسجوع يتكون من 125 محاورة بين الشيخ علم الدين ومستشرق إنجليزي في رحلة الى مصر ومنها الى إنجلتره.

ويرى بعض الباحثين أن هذا العمل فيما إذا اعتبرناه «رحله» يتفوق نسبياً على «حديث عيسى بن هشام» للمويلحي وقصص فرح انطون التي كتبت في شكل الرحلات.

الشيء نفسه يقال بالنسبة لكتاب «الرواية الإيقاظية، البصره، 1919» للكاتب العراقي المحامي والصحفي الحاج سليمان فيضي، والتي عدها بعض الباحثين العرب والمستشرقين، من أولى الاعمال النثرية او الروائيه في الأدب العراقي. أما «الحضاره الإسلاميه» للمدور فهي رحله تعبيريه في شكل تحل فيه الرسائل محل الحوارات ذات اهميه معرفيه وفي الحقيقه أن المضمون هنا تاريخي مأخوذ من مرحلة هارون الرشيد.

وهو مشبع بالروح الوطنيه والافكار التنويريه ويعد خطوة جديدة في تطور الروايه التاريخيه. وهكذا فإننا نلاحظ أن الثمانينات شهدت البحث عن أشكال نثريه جديده في الأدب التنويري.

في تسعينات القرن تظهر “الهلال “لصاحبها جرجي زيدان وتنتشر رواياته التاريخيه انتشاراواسعا وتعود الحياة الأدبيه المصريه الى حيويتها وتزدهر في هذه الفترة الروايه التاريخيه ويتأثر بها العديد من الكتاب مثل يعقوب صروف في نتاجات: «المصريه» 1905 و«الأمير اللبناني» 1907 وفتاة الفيوم 1908 وغيرهم من أمثال فائز خليل حمام ونسيم الأزعر ومحمد بن معلوف وفريد عطية إضافة إلى أعمال كُرست للثوره التركيه التي قامت بها جماعة تركيا الفتاة.

أما المسرح فيتطور بظهور مسرحيات نجيب الحداد (1899-1867) المتطوره نوعيا مقارنةً بمسرحية خليل اليازجي عن الرجوله والصدق واعمال محمد عثمان جلال على خلق مسرح باللهجة العامية فنقل بعض «ملاهي» موليير الى العاميه إلا أن الحظ لم يحالفه لأن الناس لم يتعودوا بعد على هذا النوع من المسرحيات.

حصلت الصحافه على فرصه جديدة للتطور فبرز شوقي وإبراهيم، وتجسدت مفاهيم النضال من أجل الاصلاح الاجتماعي في اعمال مثل «طبائع الاستبداد»1901 لعبد الرحمن الكواكبي و«تحرير المرأه» لقاسم أمين وكتابات مصطفى كامل التي دعا فيها الى النضال ضد الانجليز، وولي الدين يكن الذي كتب ضد السلطان عبد الحميد، والسوريين الذين ايدوا شباب تركيا الفتاة.

تكمن أهمية كتاب مثل "طبائع الاستبداد" كونه فضح هذه الظاهرة بغض النظر عن ادعاءات الحاكم بالتدين والورع ومؤلفه شيخ إسلامي. أما قاسم أمين فإنه رفض الحلول الجزئية لموضوع المرأة ونادى بتحريرها وكأنها سجينة فعلا.

لا بدّ من الإشارة الى ان روايات المدرسة المصريه وسلسلة المقامات، التي تتحدث عن مصر المعاصره كانت مشبعة بالروح الوطنيه والانتقادات الاجتماعيه الحادة مثل «حديث عيسى بن هشام» للمويلحي 1906، و«ليالي سطيح» لحافظ ابراهيم 1907، و"ليالي الروح" لمحمد لطفي جمعه 1912.

استمرت الروايه الاجتماعيه السوريه أيضا في التطور، ومن أبرز ممثليها: نيكولا حداد ومحمد معلوف، وظهرت في مجلات مصر وسوريا قصص قصيره تطرقت إلى موضوعات معاصره، ولكنها غير متكامله من الناحية الفنية.

يُعد فرح أنطون 1874-1922مؤلف الروايات الفلسفيه من أبرز كتاب الأدب العربي في القرن العشرين إضافة الى جرجي زيدان، ويمثّل قمة المدرسة السوريه. وقام المنفلوطي، ذروة المدرسة المصريه، بكتابة التحقيقات القصصيه وترجم العديد منها والروايات وعُرف بأسلوبه الذي كان يتلائم مع عصره داعيا للافكار التنويريه الفرنسيه بعد إعادة تفسيرها حسب المفاهيم العربيه. ويترسخ الشعر الوطني على أحمد شوقي وحافظ أبراهيم اللذين تغنيا بأمجاد مصر القديمه وكرسا قصائدهما لأحداث سياسية واجتماعيه عاصروها.

يحصل شوقي على لقب أمير الشعراء وحافظ ابراهيم على لقب شاعر النيل، بينما يزدهر الشعر في العراق على يد الرصافي والزهاوي والكاظمي والشبيبي ليتوج بظهور محمد مهدي الجواهري الذي يلقب بشاعر العرب الأكبر.

تبدأ تحولات في فن التشخيص أو النظاره العربي “المسرح العربي” فتظهر فرق أشرف عليها المغنيان المعروفان: سليم حجازي ومنيره المهديه إضافة الى المسرح الكلاسيكي الذي أسسه حداد.

اهتم الفنانون بالأغنية القومية والرقص الشعبي، إلا انهم لم يبالوا كثيرا بالمستوى الفني مما أدى إلى تأخرالمسرح. وتعد فرقة جورج عبيد التي تأسست عام 1912 من أولى الخطوات نحو المسرح الواقعي وبهذا يبتعد المبدعون بالتدريج عن الفكر التنويري متجهين نحو الواقعيه. تتبلور في السنوات الاولى من القرن العشرين نواة المدرسة الأدبية المصرية التي لعبت دورا كبيرا في الحياة الثقافيه المصريه بعد الحرب العالميه الاولى. وكانت العناصر الأدبيه الشابه مفعمةً بالحيوية وبأفكار تدعو إلى تأسيس الثقافة المصريه الوطنيه من الذين تجمعوا حول صحيفة احمد لطفي السيد التي اصدرها عام 1907 والتي كان سعد زغلول قريبا منها.

صدرت في عام 1914 "زينب" كأول قصه لهذه المدرسة الجديده للكاتب محمد حسين هيكل التي أنهت العصر التنويري وابتدأت عصر الواقعيه او ما يسمى بالأدب الواقعي وبها تنتهي فترة الأدب التنويري وسنتحد ث عن اتجاهاتها.

مقارنة بين التنويريتين العربية والغربية:

سبقت مصر وسوريا الدول العربية الأخرى في توجهاتها منذ بداية القرن التاسع عشر نحو المدنية والتاثر بالغرب، وقد سميت هذه الفترة في العديد من الكتب ب "النهضة" أو "اليقظة". تتلخص أفكار اليقظة عموماً في بعث الأمجاد العربية واستعادة قوة العرب ونهضتهم السابقة عن طريق القضاء على كل مظاهر التخلف المتجسدة بثالوثه: الفقر والمرض والأمية بعد نشر العلم والمعرفة والتخلص من التعصب القبلي والطائفي والخرافات وضرورة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

هذا هو المفهوم العام لأهداف النهضة العربية، إلا أن المعنى الضيق يعني ايضاً التقدم الثقافي عن طريق بعث التراث العربي القديم واستخدامه لضرورات العصر الحديث في مجابهة العدو الخارجي.

إن هاجس الخوف على مقومات الشخصية العربية والحفاظ على الأصالة العربية لم يترك مفكري اليقظة العربية في أغلب مؤلفاتهم، مع الأخذ بنظر الاعتبار الاختلافات النسبية بين بعض التنويريين المسلمين والنصارى العرب.

على الرغم من أن العرب ومشايخهم سمعوا دوي المدافع الفرنسية قبل أن يقرأوا "روح القوانين" لمونتيسيكيو ولا غيره من التنويريين الذين كان الفرنسيون يتغنون بهم، ومع ذلك كانوا يفكرون بضرورة التقدم مهما كان الثمن غالياً، إلا أن لهذا التطور العربي وجهاً آخرَ يجمع بين التمكن من نجاحات التمدن الأوروبي الغربي والعلم والأدب والحفاظ على مقومات العروبة والأصالة والإسلام وصد محاولات الغرب الاستعماري آنذاك لتمزيق النسيج العربي أو المسخ والتماهي الاجتماعي والفكري والثقافي معه.

علينا هنا أن نتذكر أن أوروبا لم تجابه هذا الخطر الخارجي كحال العرب والمسلمين عندما بدأت فيها التنويرية أو ما يصطلح عليه بالأنوار "رينيسانس"، فالكتّاب الغربيون كانوا أيضاً نتاج ظروف اقتصادية جديدة، ولهذا كانوا أكثر شعوراً بالحرية والثقة بالنفس من التنويريين العرب والمسلمين.

كذلك نجد أن المفكرين العرب لم يكونوا إلا بذورَ بناءٍ فوقي جديد يفتقر إلى قاعدة اقتصادية واجتماعية وسياسية فبقيت حركتهم معزولةً عن المجتمع، على عكس التنويريين الغربيين الذين كانوا كتّاباً منتجين يجسدون تطور مجتمعاتهم الاقتصادي والاجتماعي والفكري.

نستطيع القول إنّ العالم العربي سار تقريباً بنفس طريقة الغرب لولا هذين الاختلافين بينه وبين أوروبا الصناعية الاستعمارية التي كانت تعد نفسها لمرحلة "غزو" على كل الأصعدة بما فيها الثقافي، أدّى إلى حدوث ردة فعل لدى المسلمين والعرب الذين كانوا أمام خيارات ثقافية ومصادر علمية متعددة كان عليهم تعلمها وإتقانها وتقبلها والتعايش معها وتفسيرها حسب مفاهيم عربية وإسلامية للاستفادة منها في حماية النفس من التحديات الجديدة ومن أجل البقاء والسباق مع أوروبا، أو على الأقل هكذا كانت النوايا والأهداف لدى بعض التنويريين بغض النظر عن اتجاهاتهم.

هكذا تكوّن بالتدريج امتزاج التقاليد الثقافية الذي أصبح اساساً للتنويرية العربية التي ازدهرت في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر حتى بداية القرن العشرين 1870-1900.

بالنسبة لمصر فإنها بدأت تجربة التمدن منذ أيام علي بيك الكبير (1728- 1773)، الذي أعلن استقلال مصر وانفصالها عن الإمبراطورية العثمانية عام 1769، إلا أنها كانت محدودةً فأكملها فيما بعد محمد علي باشا (1769-1849) وجاء بمشروع نهضوي مهم كان يمكن أن يُكتب له النجاح ويشمل قطاعات واسعة من المجتمع لولا وقوف الدول العربية الأخرى ضده، بل يمكن القول القضاء عليه.

وهنا تكمن أهمية المقارنة بين اليقظة العربية في القرن التاسع عشر، وبدايات النهضة الغربية التي ظهرت في القرن السادس عشر، وبدء استعدادها للتوسع والسيطرة كان نتيجتها القضاء على الدولة العثمانية وتقسيم ولاياتها العربية حسب معاهدة سايكس بيكو المعروفة.

على الرغم من اوجه الشبه العديدة بين هاتين التنويريتين، إلا أننا يجب أن نتذكر بأن اليقظة العربية ظهرت ليس كنتيجة لتطورات اقتصادية واجتماعية كتلك التي حدثت في أوروبا، بل كحافز بالدرجة الأولى للوصول إلى مصاف الدول الصناعية الغربية المتطورة والحصول على مكتسباتها بدون المساس بمقومات الشخصية العربية والمسلمة، وهذا أمر صعب، اصطدم بمفاهيم الأنوار الكبيرة، وهنا يكمن أهم سبب من اسباب فشل التنويرية العربية حيث بقيت محدودة ضمن البناء الفوقي المتجسد في أوساط  بعض المتعلمين والمفكرين والأدباء المتنورين فحسب، ولهذا لم تصل إلى مستوى المشروع الفكري الجماهيري.

نعتقد انه من العبث أن يحاول بعض الكتّاب المتخصصين بالفكر التنويري العربي التقليل من شعور المثقفين العرب والمسلمين بالخطر الخارجي القادم من أوروبا على مسار اليقظة العربية وتحديد اتجاهاتها وتناقضاتها.

فالتنويرية العربية هي في حقيقة الأمر رد فعل محدود على نظيرتها الأوروبية، التي رسخت العلوم الطبيعية والإنسانية بعد الثورة الصناعية وتطور العلاقات الإنتاجية والمجتمعية، من أجل بناء دولة مدنية قوية قادرة على استيعاب تطورات العصر وأحداثه السياسية ودرء الخطر الخارجي المتمثل بالأصولية الدينية بشكل عام، والإسلام بالذات بسبب رواسب الحروب الصليبية، والسيطرة على المستعمرات الجديدة.

التنويريةُ الأوروبية ظهرت كنتيجةٍ للتطور الصناعي والاقتصادي كما أسلفنا، وكانت تهدف إلى الانعتاق من الفكر القديم والانطلاق من أجل الحصول على مكتسبات جديدة، متوجهة بذلك عن طريق القوة ايضاً إلى دول المسلمين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالذات بسبب ثرواتها الطبيعية وأهميتها الحضارية وموقعها الجغرافي.

ولهذا فإن الحركة التنويرية العربية لم تتنكر للفكر الأوربي السائد، لكنها لم تتقبله بدون شروط كما حدث في نظيرتها الأوروبية التي كانت تعيد إنتاج نفسها وتتطور وتعد نفسها للاستعمار وليس في موقع الدفاع عن النفس كما هو الحال بالنسبة للعرب والمسلمين اينما كانوا، وهنا يكمن السبب في عدم تمكنها من إنجاز مهماتها، وتجاوز مرحلتها.

فالتنويرية الأوروبية نتاج التطو الاقتصادي، ولم تأتِ من دول "عدوّة" لها، على عكس نظيرتها العربية حيث كان عليها أن تقبل الفكر المدني الجديد القادم من دول "صليبية"!

فالتنويري العربي والمسلم كان مشغولاً بمهمة التخلص من التخلف والدفاع عن الأمة وفكرها وقيمها بسلاح التنويري الأوروبي لكن عبر تحليل دقيق ضمن حضارته وديانته، ولم تكن النهضة الأوروبية بالنسبة له إلا حافزاً من أجل اللحاق بالغرب والتغلب عليه، هذا ما كان يثير حفيظة الغربيين، وهي عقدة بقوا يعانون منها حتى وقتنا الحاضر. أي إن فكرة التوجه نحو الغرب كانت تقبل من قبل المفكرين العرب والمسلمين بحذر شديد، أو بشروط كثيرة ومختلفة تضمن الحفاظ على كل ما له علاقة بالأصالة والتقاليد والشريعة.

أما على الصعيد الداخلي فإن المجتمعات العربية لم تكن متماسكةً ولا متطورةً، لا من حيث بنيتها الاقتصادية ولا بنائها الفوقي، فهي، أو على الأقل الطبقة الوسطى،  لم تكن متمكنة من المقاومة أو الصمود امام أوروبا الصاعدة، التي كانت أيضاً متخوفة أو حذرة من الإسلام، لولا ظهور بعض التنويريين العرب أمثال الإسلامي الوسط والمعتدل رفاعة الطهطاوي (1801-1873) ورائد "الجامعة الإسلامية" جمال الدين الأفغاني (1879-1939) والشيخ المعتدل محمد عبده (1849-1913) ومؤلف "طبائع الاستبداد" عبد الرحمن الكواكبي (1849-1902) وصاحب "تحرير المرأة" قاسم أمين (1863-1903) والشيخ علي يوسف (1863-1913) وخير الدين التونسي ومحمد قبادو وكتاب آخرين مزجوا بين العصرنة والأصالة.

لقد اتفقت رؤية أغلب هؤلاء التنويريين العرب مع أهداف محمد علي باشا والخديوي إسماعيل 1863-1879) اللذين لم يعارضا المشروع التنويري طالما أنه يخدم مصالح الحكم.

علينا أن نتذكر بأن الحكّام آنذاك لم يكونوا في حقيقة الأمر تنويرين على الطريقة الأوروبية بكل معنى الكلمة مهما ادعوا بالتوجه النهضوي. بالنسبة لمحمد علي باشا، الذي حكم مصر اربعين عاماً بدأه بمجزرة القلعة الشهيرة، فقد عمل على التحرر من الدولة العثمانية ونقل النموذج الأوروبي إليها، وهي تجربة الانفصال فريدة بغض النظر عن كونها "استنساخ "، وليست وليدة تطور المجتمع المصري، ولهذا لم يكتب لها النجاح، ايضاً بسبب التأثيرات الاستعمارية مما أدى إلى إثارة الروح القومية والدينية لدى المصريين المسلمين الذين أصبحوا أكثرارتباطاً بالتقاليد الإسلامية.

وفي الوقت نفسه نجد أن الأقباط والشوام اللبنانيين والسوريين، والنصارى منهم بالذات من الذين هربوا من اضطهاد السلطان عبد الحميد إلى مصر والمهجر الأميركي الجنوبي والشمالي كانوا أقرب من التنويريين المسلمين إلى التنويرية الأوروبية وأفكارها كما سنلاحظ لاحقاً.

ورغم أن اللقاء بين الشرق والغرب لم يكن دائماً سلمياً كما ألمحنا، حيث تم على يد نابليون بونابرت وحملته (1797)، إلا أن محمد علي باشا أرسل فيما بعد البعثات العلمية إلى فرنسا الغازية، وأدخل مطبعة بولاق عام 1822 وشجّعَ الترجمة إلى العربية، وهذه من أهم مظاهر اليقظة العربية في مصر، لكنها تبقى في حدود التأثر بالغرب.

وبقيت تساؤلات من قبيل كيف يمكن تحقيق المدنية بما فيها وضع المرأة والاستفادة من المدنية الأوروبية ونمط الحكم الذي يجب أن يسود؟

فهل يجب أن يكون النظام على أساس قومي عربي أو إسلامي إقليمي وما هي صفات الحاكم الذي يجب أن يتولى إدارة بلاد المسلمين وماهي طرق القضاء على التخلف؟ وماهي نوعية علاقة العرب بالغرب النصراني؟

كل هذه الأسئلة جسدّت اهم المعضلات والمهمات التي كانوا يحلمون بتحقيقها ويواجهونها ويضعونها نصب أعينهم، بل إنَّ نقلَ النموذج الأوروبي إلى مصر كان من أهم أهداف محمد علي باشا المشتركة، لكنها مع ذلك بقيت حركة محدودة في أوساط الطبقة الوسطى في المدن الكبيرة، ولم تشمل كل المجتمع ولهذا بقيت ناقصة أو متقلبة عرجاء!

إلا أننا يجب أن نؤكد بأن كل هذه الأهداف والمظاهر المتطلعة نحو التمدن الغربي لم تتم بمعزل عن استيقاظ الوعي القومي العربي وبداية الإحساس بضرورة الانعتاق  والتحرر من قيود الجهل والتخلف والاستعمار فبرزت اسماء عرابي ومصطفى كامل وسعد زغلول والبستاني الكبير واليازجي وإسحق ومراش وغيرهم، وبرز دور الصحافة منذ تأسيس "الوقائع المصرية" عام 1828 مع مساهمة السوريين واللبنانيين في إصدار صحف أخرى في مصر بعد أن لجأوا إليها هربا من استبداد العثمانيين الأتراك وتعاملهم السيء معهم في عهد السلطان عبد الحميد (1876-1909).

ورغم اتفاق أغلب التنويريين العرب نصارى ومسلمين ومن الأديان والأقليات القومية والمذاهب الأخرى على أهداف وطروحات فكرية واضحة، إلا أنه ليس من الصعب تصنيفهم ضمن تيارات مختلفة مثل الاتجاه العقلاني الذي كان ممثلوه يدعون إلى تقليد النموذج الغربي وعلى اتصال وثيق بالغرب المسيحي حيث كان أغلبهم من النصارى الشوام المقيمين في مصر.

أما أهم مبادئهم فتتلخص في الدعوة إلى فصل الدين عن الدولة، وهي نداءات مأخوذة من المبادىء الليبرالية والدساتير الغربية، وتغيير أخلاقيات المجتمع وجعلها تعتمد على أساس علمي وعقلاني، وتعليم أفراد المجتمع ضمن نظام تعليمي عصري يختلف عن اسلوب الأزهر والكتاتيب، ونقل الثقافة الغربية بشكل واسع وجماهيري كما تمثل ذلك بوضوح في دعوات يعقوب صروف وجرجي زيدان والكاتب الساخر صاحب "الجاسوس على القاموس" احمد فارس الشدياق وغيرهم.

***

شهدت سوريا قبل مصر ظهور مثل هذه الافكار التي تبلورت فيما بعد بالحركة التنويريه، فالمدن السوريه اللبنانيه كانت مرتبطه بالغرب، وإن اول مدرسة خاصه بالسوريين المارونيين فتحت في روما عام 1584، وأول مطبعة ظهرت فيها قبل مصر بمائة عام وأن الإرساليات التبشيربه المسيحيه بدأت اعمالها منذ 1536 حتى القرن التاسع عشر. وفي الحقيقه ان دور هذه الإرساليات كان يتجسد في جمع المعلومات والتجسس لصالح دولها الاستعماريه لتسهيل مهماتها وخططها في الغزو. انظر: مصطفى خالدي، عمر فروخ. المبشرون والإمبرياليه في الدول العربيه. موسكو 1972 باللغه الروسيه.

إذا أردنا الحديث عن بواكير اليقظه السوريه اللبنانيه فعلينا ان نبدأ بالمدارس الإكليريكيه المسيحيه أو ما يسمى بتيار الإكليروس المسيحي وبشخصية جرمانوس فرحات (1760-1732) القاموسي، النحوي مؤلف كتاب "بحث المطالب" في اللغه، والشاعر الذي انتقل من قول الزجل الموزون على الطريقة السريانيه الى النظم باللغه العربيه وبفضله حلت العربيه محل السريانيه في الكنيسه وتاسست المكتبه المارونيه في حلب. (انظر بالتفصيل عن البيئه السوريه والإكليروس الأدبي: د. حلمي مرزق. مقدمه في دراسة الأدب الحديث. بيروت 1980).

وإذا كان الازهر قد شهد البدايات الاولى للنشاطات الأدبيه وإذا كانت دمياط قد شهدت ظهور جماعة من الأدباء اهتمت بالترجمه منذ ايام محمد علي بك الكبير فإنّ «قاعة العمود» من قصر الأمير بشير شهدت لقاءات أعلام تلك الفتره من الذين اهتموا بالبحث في المخطوطات والتراث العربي وجرفتهم مشاعر القوميه العربيه وتعلقوا بالعواصم العربيه إلا أنهم لم ينقطعوا عن الاتصال بالغرب وبمؤسساته والجامعه الأميركيه في بيروت التي تاسست عام 7751.

وكما ظهرت في مصر دعوات لإصلاح التعليم وإدخال العلوم «المحرمه» من قبل محمد عبده، نجد أن التنويريين النصارى هم أيضا خرجوا على الإكليروس الأدبي الكنسي التقليدي ودعوا الى فصل الدين عن العلم والالتقاء بالفكرالغربي. فالغالبيه العظمى من المثقفين السوريين في القرن التاسع عشر والعشرين انحدرت من طبقات الإقطاعيين والليبراليين والتجار ودرست في المدارس التبشيريه او في المدارس الوطنيه ذات المواصفات الغربيه التي فتحت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر مثل مدرسة بطرس البستاني التي اسسها عام1863 كرد فعل على احداث فتنة الجبل1860 التي زعزعت الايمان بالمدارس الدينيه.

لقد كان هؤلاء المثقفون السوريون رغم مشاعرهم الوطنيه جماليا وفكريا مرتبطين بالغرب ارتباطا وثيقا، وكانت المدارس تعطيهم تصورات عن الآداب الأوربيه والامريكيه، وتعلّمهم اللغات الأجنبيه التي ساعدت الطلبه في الاطلاع على الكتب والاعمال السياسيه والاقتصاديه والفكريه الاوربيه.

كمثال على ذلك نذكر احمد فارس الشدياق الذي لجأ الى الأميركان هربا من الموارنه الذين قتلوا اخاه اسعد الشدياق في فتنة الجبل وارسلوه الى مصر ومالطا وألّف كتاب «الواسطه في معرفة مالطا» ثم عمل في لندن وباريس وأسلم في النهايه على يد باي تونس ثم سافر الى الاستانه وعاد بعدها الى مصر منهيا بذلك ارتباطه بالغربيين الذين علموه واحتضنوه. لكن هذا لا يعني اتفاقه التام مع نمط الحياة الأوروبيه اوالتفكير المادي الغربي بشكل عام وبخاصة بالنسبة لاولئك الذين سافروا الى اوروبا وكشفوا خباياها.

(انظر: احمد فارس الشدياق “كشف المخبا في اوروبا” و” الساق على الساق في ما هو الفارياق او “أيام وشهور وأعوام في عجم العرب والأعجام”. القاهره 1919

وإذا كان الغرب قد جاء بنفسه الى منطقة الشام من خلال بعثاته التبشيريه الاوروبيه والاميركيه التي احتضنت مئات الطلبه النصارى، فإن مصر بعثت بطلابها الى فرنسا يرافقهم شيخهم رفاعه الطهطاوي ليعينهم في الأصول الدينيه وليعود في الوقت نفسه الى بلاده بمعلومات كثيره أعجب فيها شيخ الازهر انذاك حسن العطار الذي شجعه على كتابتها ونشرها.

هذا يعني ان الفئات المثقفه من الطبقات الوسطى او البرجوازيه من المجتمع المصري اصبحت تعي اهمية الإصلاحات وضرورة التخلص من حكم الاستبداد العثماني فكانت تبحث عن ملاذها الفكري لدى التنويريين الغربيين. إلا أن اوروبا المعاصره والقرن التاسع عشرلم ينل اعجابها كماهو الحال بالنسبة للقرن الثامن عشر او التنويريه الفرنسيه لانها كانت تنسجم مع مهمات القرن التاسع عشر العربي في التخلص من التخلف الفكري والاجتماعي والسياسي الذي يتجسد بالقوانين القديمه التي لم تعد تلبي حاجات المواطنين الروحيه.

ومن الجدير بالذكر ان هذه الظاهره بقيت مزمنة في الأدب العربي الحديث في بداية القرن العشرين حيث ظل الأدباء العرب يتأثرون بأدب اوروبا القرن التاسع عشر بسبب انسجامهم مع افكار النتاجات الأدبيه والشخصيات الروائيه والمسرحيه والقصصيه.

يبقى التيار السلفي الإصلاحي الذي مثله جمال الدين الافغاني ومحمد عبده  والكواكبي وغيرهم من ابرز الاتجاهات واعمقها تأثيرا في الحركة التنويريه العربيه باعتباره تجسيدا لإفراز الظروف الموضوعيه التي مر بها العرب والمسلمون ويعكس اهمية الدفاع عن مقومات الشخصيه الإسلاميه وتكوين الأصاله الإسلاميه ومقاومة الغزو الثقافي الاوروبي عن طريق تقديم فكر ديني وسياسي وقومي وادبي  يعتمد على السلف الصالح للإسلام  المتمثل في القرآن الكريم والسنه مع ضرورة الاجتهاد وحضور العقل في تفسير الظواهر الجديده والجمع بين منجزات العلم الحديث والأصاله الإسلاميه.

وقد حدد الإسلام كل الحركه الفكريه للمجتمع، فهذا رفاعه الطهطاوي أعجب في كتابه: تخليص الإبريز في تلخيص باريس. 1834 مطبعة بولاق، بالتقدم والحريه والمساواه في المجتمع الفرنسي واوروبا لكنه عمل في الوقت نفسه على العودة الى نصوص قرآنيه باعتبارها المرجع الوحيد لإعادة تفسيرالظواهرالاجتماعيه.

وهكذا فإن أية حركة تنويريه لم يكن من الممكن لها ان تنتشر انتشارا واسعا إن لم تكن في إطار الدين الإسلامي، ولكننا نشير هنا الى ان بداية حركة الإصلاح الإسلاميه في سبعينات القرن التاسع عشرلم تكن بمعزل عن النزعات التنويريه الاوربيه او بدون التاثر بها، بل كانت حركة تنويرية بروح إسلاميه او حركة إصلاح إسلاميه بثياب تنويريه تحت شعار العوده الى السلف الصالح التي سميت بالتجديد الإسلامي او الصحوه الإسلاميه بزعامة جمال الدين الافغاني (1838 - 1897) وشيخ الازهر محمد عبده (1849 - 1905). وأصبحت مصر بجامعها الأزهر مركزَ التنويريه العربيه الإسلاميه وارتبط أغلب كتابها به.

ولا بد من القول إن ممثلي جيل حسن العطار (1776-1834) وحسين المرصفي (ت1889) وغيرهما من مشايخ الازهرلم يؤلفوا الكتب الإسلاميه الفلسفيه الجديده ولم يصدروا الصحف والمجلات، بل هيئوا الظروف امام المسلمين الآخرين من الأجيال الجديده للظهور بفلسفه إسلاميه جديده فكتب الطهطاوي «تخليص الابريز في تلخيص باريز» بتشجيع منه وكان الكواكبي (1849 - 1902) واحدا من أبرز مفكري التجديد الإسلامي.

تاثر هذا الفكر التنويري الإسلامي الجديد أيضا تاثراً كبيراً بالفكر الاجتماعي الغربي فقد تقبل المسلمون المصلحون فكرة «الانسان الطبيعي» وحقوقه في الحريه والمساواه والقوانين العقلانيه التي تنسجم مع ظروف حياة المجتمع والتي تحافظ على الحقوق الطبيعيه للإنسان وفكرة بناء المجتمع على أسس عقلانيه بشكل عام.

(راجع عبد الرحمن الكواكبي. طبائع الاستبداد).

اعتقد المصلحون المسلمون بأن كل الافكار التقدميه موجودة في القرآن الكريم ولهذا فإنهم لم يعتبروا اعتمادهم على افكار التنويرين الغربيين اقتباساً، بل هو بعث للإسلام، فلم يترجموا الكثيرمن مؤلفات الفرنسيين في هذه الفتره، وعند شرحهم مبادئ هؤلاء الكتاب التنويريين الأوربيين لم يشيروا الى المصادر التي استقوا منها هذه الافكار.

إن الفكرة الأساسيه التي اعتمد عليها المصلحون المسلمون هي إحياء التقاليد الحسنة عند المسلمين وبعث التراث العربي، وهي مهمة مشتركة بين الأزهر وجامعة القاهره (تأسست عام 1908) والكتّاب النصارى الذين كانوا يتحركون بدافع قومي عربي. وعلى الرغم من كثرة المدارس الرسميه الوطنيه المصريه التي فتحت في القرن التاسع عشر وعلى الرغم من انها استخدمت التجربة الاوربيه، الا أنها حافظت على التوجهات التربويه الدينيه وهنا يكمن الفرق بين التجربتين المصريه والسوريه اللبنانيه، حيث بقيت الاولى وثيقة الصله بالشرق على عكس الثانيه التي تاسست بتاثير البعثات التبشيريه النصرانيه وبقيت اجيالها متعلقة باوروبا رغم مشاعرهم القوميه كما سبق وان قلنا.

إلا ان هذا الاختلاف في التوجهات والتفصيلات والانتماءات الدينيه والطائفيه لا يعني انتفاء التعاون بين التجربتين الإسلاميه المصريه والعقلانيه السوريه فأفكار العلامه التنويري جمال الدين الافغاني التنويريه دعت الى إصلاح الإسلام بالدرجة الاولى باعتباره شرطا اساسيا لتحرير الشعوب الإسلاميه من المستعمرين وتوحيدها والعمل على إنجاز المشروع الحضاري الذي سيعود بالخير على كل العرب مسلمين ونصارى، وهو لم يكن متزمتا ولهذا نلا حظ ان كتّاباً تنويريين نصرانيين مثل اديب اسحق ويعقوب صنوع وجميل المدور عدّوا أنفسَهم تلامذة له وأيدوا فكرته في توحيد كلمة العرب ضد الأوروبيين. فالجميع يؤمن بالله وبكتبه السماوية وخلقه الحياة، ولكن اغلبهم من يقرأنها تطورت فيما بعد ضمن قوانينها الخاصه وان الخالق لا يتدخل في تفصيلات الحياة اليوميه وهنا يكمن جوهر الدعوه لتنقية الدين سواء كان الإسلام او النصرانيه من كل المظاهر الاخرى اوالخرافيه التي لا علاقة لها في حقيقة الأمر بالكتب الالهيه.

وهي قريبه الى فلسفة الديسيم (الربوبية) الإلهيه التي تؤمن بخالق كل الكون وتطور الحياة تطورا مستقلا فيما بعد وتنبذ الخرافات والقوى الخرافيه وقد انتشرت في اوروبا القرن السابع عشروالثامن عشر. أنظر كتاب المستعربة آنّا دولينينا المشار إليه.

وإذا كان التنويريون المسلمون قد اهتموا بالشكليات الدينيه فإن النصارى ركزوا على المناقشات الفلسفيه والفكريه ولكن بدون صبغة دينية نصرانيه، مع المحافظة على الموقف الإيجابي من الإسلام، بل إنهم افتخروا بالماضي الإسلامي والعداله الحقيقيه التي أقامها المجتمع الإسلامي الاول (راجع كتابات جميل المدور، جرجي زيدان، وسليم البستاني وغيرهم).

عندما يغلف التنويري النصراني افكاره التنويريه بالصبغة المسيحيه، فإنه يستمدها من رينان، الذي رفض الأفغاني آراءَه في محاضرة ألقاها في السوربون، أو تولستوي الذي قدم للعالم مسيحيه جديده ضمن افكاره التولستويه العامه فهي ليست رسميه، بل منتقاة. راجع: فرح أنطون. القدس الجديده.

فكان يهم التنويري بالدرجة الاولى، العربي مسلما كان ام نصرانيا، التوجه نحو الدين الحقيقي كي لا يتهم بالكفر تذمرا من الممارسات الدينية وكان ينادي بالأصاله وهي في حقيقة الامر تعبيرعن الاحتجاج ضد الظروف الدينيه والعلميه والاجتماعيه المتخلفه في الازهر وخارجه، كتلك التي تحدث عنها عبد الرحمن الجبرتي (1825-1754) في منتصف القرن الثامن عشر حيث كان علماؤه يجهلون المعرفه بالرياضيات، بل إنه كتب ايضا عن قصة استغرابه من رؤية احدى التجارب الكيميائيه في أحد المعامل الفرنسيه واندهاشه بها. انظر: الجبرتي. عجائب الآثار في التراجم والاخبار.

تحدث الجبرتي بسخريه عن علماء الازهر الذين التقوا بأحد الولاة العثمانيين وأبدوا عدم معرفتهم بالرياضيات عندما سألهم عنه وعن العلوم بشكل عام.

ولا بد لنا في هذه المناسبه من الإشارة الى ان الشيخ محمد عبده فرّ من "الكتّاب" عندما كان طفلا لعقم الدراسة فيه ونفي فيما بعد الى قريته بسبب افكاره التقدميه الإصلاحيه ونفي الى لبنان لمشاركته في ثورة عرابي ثم أضطر للخروج من إدارة الازهر بسبب عدم تمكنه من مواصلة جهوده في تدريس العلوم المحرمه في الازهر التي ادخلها بقانون خاص أصدره عام 1895. ولولا الخطر الاستعماري الغربي في الوطن العربي لما فكر محمد عبده بالتحفظ إزاء المدنية الغربيه التي دعا اليها، ولكن شريطة عدم الإخلال بالأصاله الإسلاميه، لكنه لم يكف عن الدعوة الى اقتباس كل ما يمكن من الغرب الذي عانى من اضطهاده لشعبه وولّد لديه في نهاية الأمر رد فعل تجسد في عودته الى السلف الصالح.

ورغم انتقاد الكواكبي للسلطان عبد الحميد واستبدادِه، ودعوته لتأسيس دولة عربية، الا انه رفض العنصر الاوروبي وابدى مشاعرَ معاديه تجاهه واعتبره مادي الحياة، قوي النفس شديد المعامله حريص على الانتقام، ولكنه تاثر بنظمهم الدستوريه. انظر: الكواكبي. طبائع الاستبداد، أم القرى. الأعمال الكامله.

كل هذه المحاولات الإصلاحيه التعليميه لدى المسلمين والنصارى تدل على رغبتهم الصادقه في الخلاص من التخلف والتوجه نحو تاسيس النظم السياسيه والأخلاقيه والاجتماعيه الجديده، ففرح أنطون مثلا لم يكتف بالدعوة على ألسنة أبطاله الى التسامح الديني والانبهار بديمقراطية الإسلام كما فعل غيره من الكتاب النصارى الآخرين، بل إنه قارن بين محمد وعيس المسيح عليهما السلام مؤكدا على ان دعوته كانت مؤيدة من الخالق. انظر: فرح انطون. القدس الجديده. ص44-45

ولم يكن النصارى أقل مرتبة اقتصاديا او علميا او اجتماعيا لا سيما وانهم سيطروا على التجاره مع اوروبا بسبب صلاتهم المتنوعه معها فتختفي بالتدريج فكرة تفوق المسلم على النصراني. وعلى الرغم من الاخذ والرد بقضية دعوة جرجي زيدان الى قسم التاريخ الإسلامي عام 1909 إلا انها في نهاية المطاف تمت بعد سنتين. انظر: كراشكوفسكي. الروايه التاريخيه في الأدب العربي المعاصر. الأعمال الكامله بالروسيه.

هذا الاهتمام من قبل النصارى العرب بالإسلام وتاريخه يدل على بداية تكوين فكرة القوميه العربيه غير الدينيه، تُعد من اهم مقومات الحركة التنويريه واقسامها في ظل النضال من اجل الاستقلال القومي، فناصيف اليازجي (1800-1871) صاحب المقامات المعاصره التي جمعها في «مجمع البحرين» اثبت قدرة عاليه على الكتابة باللغة العربيه ومعرفة عظيمه بتاريخها وتفصيلاتها، إضافة الى أراجيزه في الصرف والإعراب والبيان دحض فكرة «اللغة العربيه لا تتنصر» مؤكدا انتمائه القومي العربي. استمرت هذه الحالة حتى السبعينات قبل الثورة الإيرانية والصحوة الإسلامية الجديدة وبروز التشدد الإسلامي.

قدّم اليازجي بمؤلفاته خدمات جليلة للغة العربية وآدابها وثقافتها وهويتها المعاصره وحركة شعبها القوميه العربيه التي ساهم فيها النصارى مساهمة كبيرة، بل وقياديه في اغلب الحالات جنباً الى جنب مع المسلمين وغيرهم.

ومن المفيد أن نقول هنا إن دور المسيحيين القيادي للقومية العربية استمر حتى وقتنا المعاصر.

إذا أردنا ان نعيد الى الأذهان الجمعيه العلميه السوريه التي تأسست عام 1847 في بيروت لنشرالعلوم وتنشيط الفنون بين الناطقين بالضاد فاننا نجد ثلاثةً من أبرز التنويريين العرب النصارى هم الشيخ ناصيف اليازجي وبطرس البستاني (1883 - 1819) وميخائيل مدور كانوا من انشط اعضائها فإن الاختلافات الدينيه بين المسلمين والنصارى لم تعق تقارب التنويريين العرب الذي هو في حقيقة الأمر من اهم مهمات الفكرالتنويري.

كما أشرنا سابقا الى ان اهتمام اغلب النصارى بالفكر الغربي لا يعني نكرانهم للثقافه العربيه، بل بالعكس كانوا يشعرون بضرورة تغذيتها بالافكارالجديده من اجل الحصول على العلوم الحديثه وتغيير نمط التعليم المتخلف وتحويله الى نظام متقدم.

ألّف بطرس بن بولس بن عبد الله بن كرم بن شديد بن ابي شديد بن محفوظ بن ابي محفوظ البستاني الذي أتقن العربيه والسريانيه والايطاليه واللاتينيه كتبا لا يمكن لاي باحث عربي اليوم ان يستغني عنها مثل «دائرة المعارف» وقاموسه العربي «محيط المحيط» و«قطر المحيط» وكتبه التنويريه مثل «تعليم النساء» والكتابات التعليميه المخصصه للطلبة والشباب مثل «مصباح الطالب في بحث المطالب» و«مفتاح الصباح في الصرف والنحو» و«كشف الحجاب في علم الحساب» وترجمته لرواية «روبنسن كروزو» وغيرها من المؤلفات ذات الاهمية البالغه بالنسبة لتلك الفترة بالذات لكونها تتضمن معلومات اساسيه لا يمكن لطلاب العصر التنويري الاستغناء عنها.

لعلّه من المفيد ان نذكر أن هجرةَ الشاميين الى مصر في سبعينات القرن التاسع عشر وثمانيناته أهم عامل قرّب أغلب التنويريين المسلمين والنصارى العرب ومن الطوائف والاقليات القوميه والدينيه الاخرى في بعض الأحيان، وجعلَ الرعيل الاول من هؤلاء التنويريين يرفض ارتباط العرب بالغرب أو تركيا وظهرت لاول مرّه في بعض مؤلفاتهم فكرة القوميه العربيه.

كانت صحف اديب اسحق عشية ثورة عرابي تنشر مقالات الأفغاني ومحمد عبده اللذين عملا فيها، ونشر الشاعر التركي المسلم ولي الدين يكن مقالاته في صحيفة «المقطم» التي كان يصدرها يعقوب صروف (1873-1912)، بينما كان النصراني جميل المدور يعمل في جريدة «المؤيد» لسان حال المسلمين المجددين. كان هؤلاء الكتاب يدعون الى تآلف أفضل التقاليد العربيه الصادقه في الديانتين السماويتين من جهة وفي الفكر الاوروبي، الا ان قسما منهم أكد على الفكر العربي الإسلامي كما هو الحال عند الكواكبي، واهتم آخرون بالقوميه العربيه حسب المفاهيم الاوروبيه مثل فرح انطون.

إلا أنهم جميعا التقوا حول الأهداف المشتركه في النضال من اجل حرية الوطن وازدهاره وتقدمه والتخلص من التقاليد الباليه والخرافات ولهذا بالذات أدركوا اهمية المعرفه باعتبارها الطريق الوحيد للوصول الى التقدم الاجتماعي.

***

الدكتور زهير ياسين شليبه

......................

الهوامش والملاحظات:

- د. احمد هيكل تاريخ الأدب العربي الحديث.

- د. عمر الدسوقي. تطور الأدب الحديث في مصر من أوائل القرن التاسع عشر الى قيام الحرب الاولى، وكتابه المعروف:

- في الأدب الحديث. جزءان. القاهره 1980 وطبعات اخرى مختلفه. -  - عبد الرحمن ياغي. حياة الأدب الفلسطيني.د. سامي الكيالي. الأدب العربي المعاصرفي سوريا.1850- 1950 وهناك كتب كثيره أرّخت للادب العربي الحديث كله مثل:

- أنيس المقدسي. اتجاهات الأدب الحديث، أنور الجندي. النثر العربي المعاصر1840-1940 أندريه ميكال. الأدب العربي. تونس 1973

- حسين المرصفي. الوسيله الأدبيه. ج 2ص 17

-  شارل بروكلمان. تاريخ الأدب العربي.

- نيكلسون. تاريخ الأدب العربي من الفتح المغولي حتى عصرنا الحاضر.

- شارل بيلا. عصر البعث من الحمله الفرنسية.

- كراتشكوفسكي. الرواية العربية التاريخية.

- آنّا أركادينا دولينينا. الرواية التنويرية العربية في سوريا ومصر.

وقد اعتمدت على هذا الكتاب بشكل خاص لأني كنت أرغب بترجمته، في إعداد هذا المقال وتدريس مادة الأدب العربي الحديث للسنة الرابعة في كليات الآداب والتربية.

 

في المثقف اليوم