دراسات وبحوث
إنتزال الجبوري: نحو وعي تربوي جديد في عالم متغير (2)
أولا: التربية الحديثة: إذا كانت تربية طفل الأمس يتقاسمها محيطان هما؛ المحيط العائلي، والمحيط المدرسي؛ فإن تربية طفل اليوم تتقاسمها ثلاثة محيطات؛ هي العائلي، والمدرسي، والمحيط الافتراضي.
في كل من هذه المحيطات نسق تربوي مختلف عن الآخر باختلاف الوسيط التربوي وشخصه، ومكان وزمان نشأة الطفل، وأدوات التربية.
الوسيط التربوي في المحيط العائلي هما الأبوان؛ أمًّا وأبًا كانا، أو جدًا، أو جدًة، أو أحد أقارب الطفل إن فقد الطفل أبويه أو أحدهما مبكرا. وتلعب جغرافية المكان دورا كبيرا في نشأة الطفل حسب طبيعتها؛ غنية إذا كانت فقد تشبع ذاته الخاصة بما ينضوي فيها من كل مستلزمات الحياة المريحة، أم فقيرة، فقد تفقر ذاته وتنعكس ظروفها القاسية على نفسه سواء في الحاضر والمستقبل حيث تُختزن في لاوعيه.
أما أدوات التربية في المحيط العائلي التقليدي فتتمثل بلغة الأبوين، وخزينهما التربوي الحافل بالقيم والعادات والأخلاق والسلوكيات الخاصة، والاجتماعية العامة التي يسعى كل منهما أن تكون حسنة في كل محطات حياة الطفل. خزين الأبوين التربوي يمثّل بوصلة الطفل لمعرفة ذاته، ومرجعيته التربوية التي ينتمي إليها طوال سنيّ عمره، فضلا عن العامل الوراثي الذي يلعب دورا كبيرا أيضا في عملية التربية حيث يرث الأبناء بعض الصفات الإيجابية، أو السلبية من الأهل أجداد، وجدات، وآباء، وأمهات.
أما في المحيط المدرسي فإن الوسيط التربوي يتمثل بالمعلم، وأدوات التربية هي المناهج التعليمية المقررة مسبقا.
وأما في المحيط الافتراضي فإن لا وسيط تربوي للطفل سوى نفسه مستعينا بحواسه الثلاث؛ البصر، واللمس، والسمع، وأدواته هي الأجهزة الذكية (حاسوب، آيباد، هاتف نقال، وأجهزة اتصال أخرى).
تعتمد التربية الحديثة على ركيزتين أساسيتين؛ هما:
1- إيجاد المحيط العائلي الملائم؛
2- أدوات المربي الحديث.
1- إيجاد المحيط العائلي الملائم
تقتضي تربية الطفل الحديثة توفّر المحيط العائلي الملائم الذي ينعكس بآثار إيجابية على حاضر الطفل ومستقبله، وموائمة لمتقلبات العصر. ولكي يتوفر المحيط العائلي اللازم؛ فإن ثمة شروطا تنبغي الإشارة إليها؛ هي:
أ- الاختيار السليم لشريك وشريكة الحياة؛
ب- توفّر المربّي على إرادة كاملة لتقبّل إنجاب الطفل؛
ج- توفّر المربي على رصيد لا بأس به من الوعي والحكمة؛
د- توفّر المربي على ثقافة لا بأس بها بالعالم الرقمي.
أ- الاختيار السليم لشريك وشريكة الحياة: أعني به الاختيار الذي يُشترط فيه التكافؤ العمري–أي المجايلة- ، والتكافؤ الاجتماعي، والثقافي، والاقتصادي[1]، أو التكافؤ النسبي في الجوانب الأربعة.[2]
حينما يكون الاختيار سليما فإن المربي يكون مثاليا؛ كونه تربى في بيئة إيجابية تضعه في موقع الإيمان الحقيقي بشخصية الفرد. والطفل المولود من هذه العلاقة المتكافئة سوف يكون متفوقا على غيره ممن لا تتوفر له شروط المحيط السليم، وسوف تتهيأ له الفرص التربوية والثقافية والاجتماعية التي تمكّنه من خوض محيط الحياة بجد، وربما سيكون فردا مشهورا، أو نجما في المستقبل، وأيضا سوف يختار شريك حياته من نفس مستواه الاجتماعي أو قريبًا منه، ومتكافئًا معه في الجوانب الأخرى.
شراكة الحياة التي ينوجد فيها الأبوان المثاليان في علاقة متينة مبنية على المحبة والتفاهم والاحترام والتعاون تنتج أبناء أقوياء أصحاء النفوس، سليمي العقول، ناجحين، وتنعكس بمشاعر الأمان والسكينة والراحة والهدوء النفسي على الأسرة.
المحيط هنا له دور كبير في التأثير على وراثة الخصال الحسنة، وسوف يرث أبناء الأبناء الصفات البيولوجية والاجتماعية، التي تعمل بشكل متكامل على الارتقاء بالأبناء الجدد وهكذا. على عكس الأسر التي ينوجد فيها الأبوان في علاقة متوترة يسودها العراك والمشاحنات؛ التي تنعكس على نفوس الأبناء؛ فيكونون متوترين، مقهورين، ومضطربين نفسيا وعقليا وربما جسديا، وقد يفشلون في مشاويرهم الدراسية، وقد ينهار الصرح الأسري.
يمكن إثارة سؤال هنا هو:
هل يمكن أن يتدرب طفل ما من الوسط الاجتماعي المتوسط، أو دونه ممن لم يتوفر على محيط أسري سليم من تنمية خبراته وكفاءاته ليكون بمستوى الطفل الذي تربى في محيط نموذجي عال؟
الجواب:
نعم؛ يمكن ذلك حينما يتلقى التدريب الجيد، يمكنه أن يكون متميزا أيضا؛ فالخبرات ليست مقصورة على جودة المحيط، أو على العامل الوراثي بل أيضا على التدريب المستمر، وإن الكثير ممن يشغلون أمكنة هامة في المجتمعات الصغيرة لو تلقوا تدريبا كافيا لأمكنهم أن يكونوا في مصاف المشهورين من عظماء الناس حينما تتوفر له أحسن أنواع التربية والتعليم، فيما إذا استثنينا من يولد موهوبا بالفطرة [3]. والدليل على ذلك إن الكثير من الموهوبين والعلماء منحدرون من أسر ذات مكانة متواضعة، أو دونها في المجتمع، والمعاناة وشظف العيش يمكن أن يولّدا الإبداع والشهرة. لكن حينما تجتمع العوامل الثلاثة التي هي اختيار الشريك الكفوء، والتدريب والإعداد في المحيط الملائم، والصفات الوراثية الحسنة فسوف يكون النتاج طفلا سليما، وفردا إيجابيا في المجتمع.
ب- توفّر المربّي على إرادة كاملة لتقبّل إنجاب الطفل: ينبغي أن يتوفر المربي على قناعة تامة، وإرادة كاملة لإنجاب الطفل، واستعداده للتربية والتوجيه والتهذيب دون ملل، أو إكراه، أو ضجر.
قبل أن تكون أمًّا أو أبًا تأكد أن وقتك لن يكون ملكا لك كله، أحيانا يستنزفه الطفل في كل أحواله، حينما تكون معه في المنزل، أو خارجه، أو وقت طعامه، أو وقت نومه، أو لعبه. قبل أن تكون مربيا ينبغي أن يكون لديك وقت كافٍ للتربية والتهذيب والتوجيه. التربية تتطلب إغداق المحبة، والتقدير، والاهتمام، والتشجيع، والإصغاء لابنك لكي يعبّر عن شخصه، ورأيه.
ج- توفّر المربي على رصيد لا بأس به من الوعي والحكمة: ينبغي على كل من يريد أن يكون مربيا حقيقيا أن يكون على درجة من الوعي، والثقافة، والحكمة. يتحقق هذا الشرط عبر انخراطه في معاهد تربية وعلم نفس الصغار والكبار، حتى يعي ذاته، وذات المتعلقين به (نفس الرجل، والمرأة، والطفل)، ويحقق التوازن النفسي والعقلي والعاطفي له أولا، ومن ثم لمن يرتبط به ثانيا. وحينما يتحقق الوعي عند المربي يتمكن من الحفاظ على أكبر انفتاح لذهن الطفل، وكل طفل سليم فطن ذو ذكاء متدرج؛ وذهن منفتح، حينئذ تكون التربية عملية حيوية مرنة؛ فالتربية عند المربي الواعي هي تبادل لوجهات النظر بشكل دائم، دون تعالي المربي على من يتولى تربيته، ولا بد للمربي أن يكون متواضعا، ومنفتحا غير منغلق على عقل الطفل البريء الفطري "فالمربي الحقيقي هو الذي يعطي ولا يأخذ، وعليه أن يعتبر نفسه أنه مربٍّ بالقدر الراهن، وأن تلقّي التربية هي قدر الآخر الذي يتولى تربيته، لذلك ينبغي على المربي أن يستخدم جميع مصادره السيكولوجية دون شعور بالتفوق، أو السيطرة، وأن ينتزع الخوف من نفسه، عند ذلك تكون التربية عملية جميلة مريحة للمربي والطفل معا"[4] . التربية تعني "نقل القوة والتوازن لا السيطرة بالإكراه، المربون الحقيقيون هم الذين يحاولون أن يعرفوا أنفسهم بأنفسهم" [5].
وعي المربي يزحزح لدى الطفل شعور حب السلطة الأبوية والتفوق على الابن؛ فعملية التربية هنا مبنية على الأخذ والعطاء بين المربي والابن.
د- توفّر المربي على ثقافة لا بأس بها بالعالم الرقمي: يتوفر هذا الشرط عبر الانخراط بشكل خاص في دورات توعية بنظام الانترنيت العالمي ووسائطه للاتصال، والتواصل الاجتماعي بمختلف قنواته المتمثلة ب(الفيس بوك، الانستكرام، الواتساب، الفايبر، التلكرام، وغيرها الكثير)، وتداعياته على الأسرة، والمجتمع العام. والانخراط في مجموعات متخصصة بالتربية، وعلم نفس الطفل في العالم الافتراضي، وتبادل الخبرات والمعلومات بتقنية طرق التربية العائلية، لاكتساب وعي تربوي حقيقي يوازن بين متطلبات العائلة، والمجتمع الواقعي الخارجي، والمحيط الافتراضي، لتخريج جيل ملتزم بالمعايير الأخلاقية الاجتماعية على الصعد الواقعية والافتراضية. ويتعين على "الأسرة المعاصرة مهما كانت درجة تعليمها، أو ثقافتها العامة، أو الخاصة بالكومبيوتر والإنترنيت والتكنولوجيا أن تعمل على تطوير معارفها، ومهاراتها التقنية المعاصرة تدريجيا لتمكينها من التوجيه والإرشاد والإشراف على الأبناء خلال استعمالهم لهذه التقنيات الحديثة، ولمشاركتهم ما يقومون به من تعلّم وتثقيف بواسطتها، والوقوف بوجه التحديات والمخاطر الداهمة، وتشكيل درع واق لحماية الأطفال وتوعيتهم والعمل على نشر الثقافة السليمة بينهم"[6]؛ فإن عدم الوعي بعالم التكنولوجيا المعلوماتي، وما يحتويه من برامج وتطبيقات من قبل الأهل، خاصة الذكاء الاصطناعي يؤدي إلى ازدياد الخطر على الأبناء، وتعرضهم للتنمر الإلكتروني، وعرض الأفلام الفاحشة، وإشاعة العنف والجرائم بأنواعها، والعادات السيئة الخطيرة كالإدمان على تعاطي المخدرات، وغيرها الكثير التي تؤدي إلى التدهور الأخلاقي والقيمي.
2- أدوات المربي الحديث
هي الوسائل المستخدمة في تربية وتوجيه الطفل وتهذيبه؛ وتشمل:
أ- وعي المربي بذاته؛
ب- وعي المربي بذات الطفل؛
ج- لغة الخطاب اللائقة؛
د- خزين القيم التربوية الفاضلة؛
هـ- القدرة على توجيه الصفات الموروثة لدى الطفل.
نتناول أدوات المربي، وكيفية توظيفها في كل مراحل تربية طفل اليوم على الوجه التالي:
أ- وعي المربي بذاته:
السعي نحو الكمال هو ما يبتغيه كل من الأبوين في عملية التربية؛ فالتربية الجادة نتاجها ابنا سليما؛ وهو أحد عوامل تحقيق المقام الاجتماعي لدى الأبوين.
وما دام المربي ينشد الكمال في شخصه عليه أن يعي نفسه أكثر عبر الانخراط في دورات تربية وعلم نفس الأسرة؛ فالوعي بالنفس والدراية بها يساعدانه على درك نقاط القوة والضعف فيه، فيعمل على تقوية ذاته، وحين تقوى ذاته يكون قادرا على معرفة ذات الطفل وتربيته التربية المتينة، ويكون نتاجه ابنا قوي الذات، والذات تعتمد عليها قوة الشخصية؛ ف "إن عاطفة اعتبار الذات هي المنظم الأساسي للسلوك، وهي القائد الأعلى للنزعات، والتي تتوقف عليها قوة الشخصية، ووحدة اتجاهاتها، وتناسق أفعالها، وتوازن تصرفاتها" [7].
وحينما يكون المربي واعيا بذاته، يمكنه بذل الجهود الممكنة، والتنازل عن بعض الرغبات إن اقتضت الضرورة لأجل إدارة دفة العلاقة العائلية التي تخص الابن بحكمة وحنكة وحلم دون قيد أو شرط، ويتقبل الاختلاف في الأمزجة والطباع، ويعلّم الطفل فن قبول كل الآراء رغم اختلافها؛ لأن الطفل حينما يكبر يكون واعيا لذاته، ويتقبّل اختلاف الآخرين باعتبار الاختلاف هو الأساس في معرفة الآخر، والعالم في المستقبل هو عالم الاختلافات، ويعلّمه فن الاختيار، وتمييز الرأي الصائب عن الخاطئ وتقبّله دون اعتراض، خاصة العالم يسير صوب السرعة الخاطفة شاء أم أبى. وإذا تحقق الوعي فسوف يكون المربي في نقطة الاتزان الوسطية التي ليس فيها رئيس ومرؤوس، متسلط ومُسَلَّط عليه؛ والسلطة تنعدم هنا- أي سلطة المربي.
حينما يحدث الصراع مع الطفل فإن ما يفعله المربي هو السعي لعدم بث شعور النصر والهزيمة في نفسه ونفس الطفل، وإنه المنتصر والطفل المنهزم، وعليه أن يتساءل مع نفسه هل أكسبه القوة أم الإحباط؟[8] ، لذا على المربي أن يسعى لكسب الطفل في صفه لا هزيمته.
بالطبع عملية التربية عملية مجهدة وشاقة للمربي لذا فهو يحتاج إلى الاستراحة الإيجابية التي لها دور كبير في محو الأفكار السالبة، والمتاعب والضغوط في العملية التربوية، ومن ثم يمكن أن تكون الأمور سهلة وأكثر إيجابية، ويكون أقدر على وضع الحلول اللائقة كل في مكانه[9]. تعني الاستراحة الإيجابية اختيار مكان ووقت مناسب للمربي ليختلي بنفسه، ويتنفس بعمق ويراجع ذاته، ويسترجع نشاطه وسكينته وهدوئه، ثم يعود بعد ذلك هادئا، وساكنا، وحيويا لاستئناف تربية الطفل.
ب- وعي المربي بذات الطفل:
حينما يكون المربي واعيا بذاته وعيا تاما يكن قادرا على وعي ذات الطفل، والإيمان بقدراته؛ كونه إنسانا كما هو تكمن فيه كل عناصر القوة والنجاح على الوجه الأكمل إذا كان سليم الجسم والعقل معا.
ذات الطفل تتشكل في محيط الأسرة، وتعتمد بشكل أساس على قوة المربي ووعيه بذاته، حينما يكون المربي واعيا مثقفا، يكن قادرا أيضا على دراسة شخصية كل طفل ونوعها، فليس كل الأطفال متساوين في استعداداتهم الجسدية والنفسية والعقلية. وهنا ينبغي على المربي أن ينتهج لكل طفل منهجا تربويا مختلفا عن الآخر أخيه؛ كأن يكون أحد الأبناء لديه استعداد عقلي أكبر من أخيه الآخر، أو ذا موهبة خاصة، أو ذا شخصية نرجسية، أو أنانية، أو عنيدة. والأولوية هنا هي دراسة شخصية الطفل ومعرفتها بشكل تام؛ فإنه إنسان كامل، وعلى المربي التعرّف على استعداداته العقلية والنفسية حتى يتمكن من تربيته التربية المناسبة التي تحقق التوازن في شخصه، وتلهمه الشجاعة، والثقة بالنفس لاتخاذ قراراته الحياتية في الحاضر والمستقبل دون تدخّل من خارج النفس فيما لو كان وحيدا في حقبة من حقب حياته.
يقول برناردشو:
"قبل أن أتزوج كان عندي ست نظريات عن تربية الأطفال، الآن لدي ستة أبناء ولا أجد نظرية واحدة تجدي معهم". وهذا دليل على أن لكل طفل شخصية مختلفة كليا عن أخيه الآخر.
"إن دور كل مربٍّ يكمن في أن يقود إلى معرفة الذات، إلى الحقيقة والتوازن، وعلى كل مرب أن يقود نحو توسّع الاستعدادات النفسية، ولكن عليه من أجل هذا أن يكون هو ذاته هذه الحكمة وهذا التوازن"[10]. ولأجل ترسيخ الثقة في نفس الابن تنبغي دراسة قدراته وطاقاته ومواهبه الذاتية ومتطلباته أولا، وتقبّل الشكل الخارجي له من قبل المربي والمجتمع ثانيا، والتأكيد على أن كل فرد هو معرفة لنفسه وللمحيط، وليس نكرة والتأكيد على أنه ليس نكرة هو إنسان لديه ما لدى الآخر تماما ثالثا. نعم هوياتنا ربما تكون مختلفة لكن مطالبنا من المحيط الداخلي- وأعني الأسرة- والمحيط الخارجي - وأعني المجتمع- هي واحدة.
ولا ننسى في هذا المضمار أن الطفل في حضن العائلة يكون أنانيا لا يعرف شيئا غير ذاته وتلبية متطلباتها. والمربي الواعي يمكنه ترشيد حب الذات لدى الطفل بتوازن يمكّنه من تحقيق طموحاته في المستقبل.
لدى علماء التربية "نظرية يطلقون عليها (النبوءة التي تحقق نفسها ذاتيا). مفادها أننا إذا اعتقدنا أن الطفل ذكي وعبقري وسيكون ذا شأن كبير في المستقبل، سيعمل عقل الطفل تلقائيا على تحقيق تلك النبوءة"[11]. نابليون بونابرت يقول: "إن ما توصلت إليه اليوم هو من عند أمي" فهي التي زرعت الطموح ليغير العالم بأسره. وبالعكس لو أُسمِع الطفل كلمات سلبية عن نفسه تشعره بالإحباط، وعدم الكفاءة في تحقيق ذاته وطموحاته. ففي علم النفس أن المرء يردد الأفكار التي يسمعها عن نفسه في داخله إلى أن يقتنع بها وينتهج - وهو لا يدري- الطرق التي تحقق تلك التصورات[12]؛ "لهذا يحذرنا جيمس آلن بقوله: كل ما يصنعه المرء هو نتيجة مباشرة لما يدور في فكره، فكما أن المرء ينهض على قدميه وينشط وينتج بدافع من أفكاره كذلك يمرض ويشقى بدافع من أفكاره أيضا" [13]، وأفكاره تنمو، وتتدرّج معه طبقا لما يسمعه منذ الصغر عن الأهل من آراء إيجابية، أو سلبية حول ذاته.
(يتبع)
***
إنتزال الجبوري
..........................
[1]- أنظر: حجازي، د. مصطفى. الصحة النفسية. بيروت: المركز الثقافي العربي، ط2، 2004، الصفحات121، 123، 126، 129.
[2] - لا يسعني التفصيل في هذا الموضوع لأنه ليس محل البحث، وقد طرحته في دراسة سابقة لي بعنوان: جدلية العلاقة بين الرجل والمرأة، نشرتها صحيفة المثقف في عددها الصادر في (كانون الأول/ ديسمبر 2022)- الكاتبة.
[3]- أنظر: عاقل، فاخر. علم النفس. بيروت: دار العلم للملايين، ط10، 1987، ص263- 264.
[4]- داكو، بيير. مصدر متقدم، ص550- 551.
[5] - نفس المصدر والصفحة.
[6] - بركات، أ.د. وجدي محمد، وتوفيق، أ.د توفيق عبد المنعم. الأطفال والعوالم الافتراضية...آمال وأخطار. بحث مقدم إلى مؤتمر الطفولة في عالم متغير (مملكة البحرين- الجمعية البحرينية لتنمية الطفولة- 18- 19/5/2009)، ص19- 20.
[7]- الحفني، د. عبد المنعم. الموسوعة النفسية، القاهرة: مكتبة مدبولي، ط1، 1995، ص308.
[8]- نيلسن، جان. لتهذيب الإيجابي في تربية الأطفال. القاهرة: دار دوِّن، ط1، 2022، ص155.
[9]- نفس المصدر، ص158.
[10]- داكو، بيير. مصدر متقدم، 536.
[11] - سيد حامد. أبي أرجوك لا تفعل هذا. القاهرة: دار الأجيال، ط1، 2012، ص19.
[12]أنظر: نفس المصدر، ص20.
[13]نفس المصدر والصفحة.