قراءات نقدية

محمد خالد النبالي: ديوان "أصطفيتك همساًط للشاعرة إنعام كمونة

بداية: تُعد العملية النقدية واحدة من أعمق وأهم الوسائل لفهم وتحليل النصوص الأدبية، حيث تتيح لنا استكشاف الجماليات المعقدة التي تحملها الكلمات، والتفاعل مع الأفكار والمشاعر التي تجسدها. إن النقد الأدبي لا يقتصر على الحكم البسيط على جودة العمل أو قيمته، بل يتجاوز ذلك ليكون وسيلة لفك رموز النصوص وتحليل السياقات التي نشأت فيها. يتطلب النقد احتفاءً دقيقًا باللغة والأسلوب والبنية، مما يساعدنا على إدراك كيف تساهم هذه العناصر في نقل الرسالة المكنونة في النص.

العملية النقدية تُعتبر حوارًا بين النص والمفكر، يتضمن استكشاف المعاني والرموز، وتحليل العواطف والأفكار، وكذلك التفاعل مع الخلفيات الثقافية والاجتماعية التي تؤثر بشكل عميق على الكتابة. وعندما نتناول النصوص النثرية، فإننا نغوص في عالم من التعقيد والتنوع، حيث تتجلى الصور الشعرية وتتراقص الأفكار في تناغمٍ مدهش. إن النقد هنا يصبح جسرًا يربط القارئ بالأبعاد الخفية للنص، ويعزز من تجربة القراءة، مما يجعلها رحلة تعليمية غنية.

في هذا السياق، نبحر في ديوان "أصطفيتُك همسًا" للشاعرة إنعام كمونة، من العراق. يتميز هذا العمل بتنوع النصوص بين الهم العام والهم الوطني، بالإضافة إلى الغزل والحب، ومعاناة الألم والفراق والهجر والنكران. إنه ديوان فريد في صياغته ورمزيته العقلانية، حيث تتجلى الصور الشعرية من خلال التشبيهات والأسلوب العميق الذي تتبعه الشاعرة. تعبر كمونة بصوتها الساحر عن قضايا تمس الوجدان العربي، مستعرضةً معاناة الوطن والروح الإنسانية في سياق معاصر.

تتسم قصائد "أصطفيتك همسًا" بأسلوبها الفريد في التعبير عن الأبعاد الإنسانية والفكرية للشعور الإنساني، حيث تجسد صراعات المعاناة وصوت الوطن. كما تقدم تكثيفًا عاطفيًا آخر للتجربة الشعرية الغنية التي أبدعتها، حيث تتناول مشاعر الغربة، الفقد، الحب، والحنين بأسلوب شعري عميق ومعبر. بهذا، تجتمع عناصر الديوان لتبرز قدرة الشاعرة إنعام كمونة على تقديم رؤى شعرية تتجاوز اللحظة، وتعكس واقعًا إنسانيًا متنوعًا ومؤثرًا.

سنتناول في هذه القراءة النقدية كيف تتفاعل أشعار كمونة مع القارئ، ونتقصى الأبعاد التي تضفيها على التجربة الشعرية المعاصرة، بينما ندرك الجماليات التي تجعل من هذا الديوان مدخلاً غنيًا للتأمل والنقد الأدبي.

المحتوى والمواضيع:

يمتاز ديوان "أصطفيتك همساً" للشاعرة إنعام كمونة بمزيج من المواضيع التقليدية والحديثة، حيث تتناول قصائدها قضايا النساء والأطفال في ظل الحروب، متطرقةً إلى ما يعانونه من ضياع وهزائم. في قصيدة "غرق الأطفال في البحر أثناء الهجرة العشوائية"، تستخدم الشاعرة الصور الحسية للتعبير عن الألم والفقد.

في قصيدة "إلى سبايا القرن الواحد والعشرين في وطني"، تكشف الشاعرة عن معاناة الفئات المهمشة، مستخدمةً صورًا قوية وحساسة تحكي معاناتهم. تعكس الكلمات التوتر والألم الذي يعيشه الإنسان في ظل الأوضاع الصعبة، مما يستدعي حوارًا عميقًا مع القارئ.

يتناول الديوان مواضيع متنوعة ترتبط بمشاعر الاشتياق، الفراق، الهوية، وطبيعة العلاقات الإنسانية. تعكس الشاعرة في قصيدة "ذات اتقاد" تجاربها الشخصية وتأملاتها حول الفراق والحنين، مقدمة سردًا شعريًا يحمل في طياته الشغف والآلام. تعبر القصائد عن تمزقات الذات، وتتناول الخطوط الفاصلة بين الفرح والحزن، مما يخلق توازنًا دقيقًا بين المتناقضات.

نجد تنوع بقصائد الديوان وهذه قصيدة وطنية "صراط الشهادة" تعكس الألم الشديد والمعاناة الناتجة عن الفقد والفراق، حيث تتداخل مشاعر الحزن مع الشرف والفخر تجاه التضحيات التي قدمها الشهداء. الشاعرة تستخدم رموزًا غنية مثل "عناق أجسادكم الفتية" و"عرس مذابح" لتجسيد الفراق كحدث مؤلم ولكنه يحمل في طياته بدلاً من ذلك عراقة الصمود. تبرز الصور القاسية للواقع في العراق المستباح، مما يخلق توتراً بين الأمل واليأس، كما أن اللغة الشعرية تحمل دلالة قوية على صراع الهوية والوطن. النص يعتبر صوتاً قويًا يوثق ذاكرة الشهداء ويعبر عن شوق لا يزول، مما يجعله وثيقة شعرية تتجاوز اللحظة الراهنة لتلامس القلوب.

أما بعض التناقضات نراها في قصيدة "غنج موجة" تجسد تجربة الحب من خلال لغة شاعرية غنية بالاستعارات والصور الحسية، حيث تتداخل مشاعر الانجذاب والحنين في إطار مائي يرمز للعمق العاطفي. الشاعرة تبرز الانفعالات المتناقضة بين الاندفاع والرغبة في البقاء، مما يخلق توتراً جمالياً يستحضر صورة العلاقة كأنها بحر متلاطم بالأمواج. الاستخدام المتكرر للمفردات المائية مثل "أمواج" و"موجة" و"غيم" يعكس سلاسة العواطف وتجددها، في حين أن الصور تنقل إحساس الوجدانية المتناهية. النص ينقل طاقة الحب بشكل مرهف، محولا الشوق إلى تجربة حسية ترتبط مباشرة الشعور بالوجود.

في قصيدة "ما ملكت دماؤهم"، تُبدع الشاعرة إنعام كمونة في خلق لوحة شعرية مليئة بالأبعاد الإنسانية والرمزية العميقة. تُعبر الأبيات عن صراع الوجود والتاريخ من خلال صور بليغة، مثل "وجوه راعبة المنايا … تتوضأ العَجَل"، مما يُجسد معاني الألم والفقد بعمقٍ مؤثر.

تنسج كمونة بتشبيهاتها الثرية حكاية جماعية تعكس وحدة العراق ومعاناته، تاركةً روح النص تنبض بالحياة والأمل في ظروف شديدة القسوة.

اللغة والأسلوب:

تمتاز اللغة والأسلوب في ديوان "أصطفيتك همساً" للشاعرة إنعام كمونة بالغنى والعمق، حيث تضم نصوصها تركيبات شاعرية تتسم بالموحية والجرأة. تبرز الألفاظ والعبارات القوية التي تشحذ مشاعر الحزن والأسى، وتتحرك بإيقاع يشبه التنفس. يتجلى الشغف بالكتابة كوسيلة للتعبير عن التجارب الإنسانية في قصيدة" بلا استئذان"، تتميز هذه القطعة الأدبية بلغة شاعرية غنية بالمجازات والتشبيهات، مما يعكس عمق المشاعر الداخلية وصراع العواطف. تتجلى في النص حالة من الفراق العميق الذي يترك أثره في الروح، حيث تجسد الكلمات لوعة الاشتياق وفقدان الأمل.

تعبر الصورة الفنية المعقدة عن الاغتراب والفقدان بشكل مُؤثر، إذ تلامس تجارب إنسانية حقيقية. من ناحية أخرى، يضيف التكرار عنصر الإلحاح الشعوري، مما يثير القارئ ليغوص في تفاصيل هذا الفراق الأليم. النص، بعمق معانيه وإيقاعه، ينطق بصوت الوجدان مما يجعله عرضة للتأمل العميق.

وتتابع الشاعرة إنعام بقصيدة غزلية مدهشة بعنوان "حدائق وعود" يجسد حالة من الانغماس في الأحلام والأماني، حيث تستحضر اللغة باقة من الصور الحسية الزاهية. البنية الشعرية تعتمد على التكرار والمقابلة بين الأمل وخيبة الأمل، مما يعكس تناقضات المشاعر الإنسانية. استخدام الرموز مثل "الأخضر"، "الأزاهير"، و"حدائق" ينم عن إظهار جماليات الحب المفعم بالحياة، ولكنه يظل مرتبطًا بالحذر والفقد، كما يتجلى في عبارات الانتظار والخيبة. تعبر الشاعرة بمهارة عن عمق الشوق وحنين الفراق، ما يجعل القارئ يشعر بمزيج من الفرح والحزن. النص يتضمن أسلوبًا استعارياً غنياً، مما يعزز الانغماس في تجربة الحب المتجدد والمليء بالتحديات، مما يُظهر كيف يمكن للكلمات أن تكون أداة للتخليد والتوثيق.

وللعيد والأحزان والموت نصيب في ديوان أصطفيتكَ همساً، يتجلى ذلك في قصيدة "أحزان عيد" تُعبر عن تناقض مشاعر الفرح والحزن المرتبطين بعيد، مشبهة إياه بمزيج من الدموع والشجن. تعكس الشاعرة حالة الفقد والانكسار، حيث تُبرز كيف يمكن لذكريات الأحبة المتوفين أن تثقل قلب المحتفل، مما يجعل العيد يبدو كاحتفال مكمل للحزن. الصور البلاغية القوية، مثل "شتلات الإنتظار" و"معنى لا تغني"، تُظهر عمق الألم الوجداني، بينما تكشف التوتر بين الذكرى والأمل. يتجلى تأثير العائلة المفقودة من خلال ذكر الأم والأب، مما يعمق الحس الإنساني في النص. اللغة الغنية بالاستعارات تُضفي على القصيدة أشكالاً مختلفة من التوتر العاطفي، فاتحةً المجال لفهم أعمق للفرح الأداتي في ظل الشوق المتمكن.

كما تعكس الجمل القصيرة الضاجة بالعواطف انغماس الشاعرة التام في التجربة الشعرية.

في قصيدة "سهر" خاتمة الديوان تعكس عمق التجربة الإنسانية في مواجهة الليل، حيث تتجلى الوحدة والأمل ضمن أجواء من الحزن والذكريات. الشاعرة تستخدم لغة غنية بالصور الشعرية والمجازات، مما يمنح القارئ شعورًا بوجود تواشجٍ مثير بين الألم والهدوء الذي ينشره السهر. تعبر البنية الشعرية عن الصراع بين رغبة الاستمرارية وقسوة الفراق، في لوحة تعكس الاشتياق والحنين. تنقل الأبعاد الزمنية بطريقة تُحسّس القارئ بتقلّبات المشاعر، وتضفي على النص روحًا من الغموض والترقب. تداخل العواطف بين القهوة والأحلام يعكس القدرة على التحمل في مواطن القلق، مما يجعل النص يعبر عن تجربة تصلح لأن تكون مرآة لأحاسيس الكثيرين. الشاعرة تمكنت بدهاء وذكاء من خلق حالة من التوتر الجمالي للدهشة.

تتناول القصائد الغزلية بتعابير فنية راقية وصور شعرية مبتكرة، مما يغمر القارئ في تأملات عميقة حول مشاهد الحب وتجارب النكران والفقد, تتجلى في هذه القصائد معاني مكثفة من الصور والألم، حيث تتحول الأنا إلى أنا جمعية، قادرة على لمس قلوب شريحة واسعة من المجتمع، مما يعزز تواصل المشاعر الإنسانية في إطار فني مؤثر.

الصورة الشعرية:

تتميز بنية القصائد في ديوان "أصطفيتك همساً" للشاعرة إنعام كمونة بالتنوع، حيث تتراوح بين السرد والتخييل، وتمزج بين التعبير الشعري الحر والنظام الذي يعتمد على الأسطر والأفكار المترابطة. تتألق الصور الشعرية المستخدمة عبر التقنيات البلاغية مثل الاستعارة والتجسيد، مما يعكس عمق التجربة الإنسانية التي عايشتها الشاعرة.

تبدأ الشاعرة بهذا النص أصطفيتكِ همسًا برسم مشهد صباحي رومانسي، حيث يضفي الصباح، الذي يبدو كأنه يغفو على نجل الهمس، جواً شاعريًا هادئًا. صورة الضباب الذي يلامس وجه الصباح تنقل شعورًا ناعمًا من الرقة والعاطفة. تعبر الشاعرة عن تجربتي الفراق والشوق من خلال صور مؤثرة مثل "تناثرت أرواحنا.. أشلاء نحيب"، التي تدل على عمق الألم وتفكك الروح، وهو تصوير دقيق لمشاعر الفقد والامتزاج بين الحزن والحنين.

تستخدم الشاعرة لغة غنية بالمشاعر الحسية، موحيةً بخبرات شخصية عميقة. تعبيرات مثل "نسيج روحك" و"خفقان أحلامك" تبعث صورًا نابضة تساعد القارئ على الشعور بالوجد والعاطفة. كما أن النداء لـ"طفلتي" يعكس الحنان الممزوج بالألم، ما يضيف طبقة من الشجن العاطفي القوي للنص,وليس التعبير الشعري محصورًا في الحب فقط، بل يتجاوز ذلك ليشمل الاشتياق والأمل، كما يتضح في عبارة "نجمة أبدية سنحلق"، التي تعبّر عن الخلود والتجديد الدائم. هناك تداخل بين مشاعر الحب والغياب، تعكس كيف يمكن استشعار النور وسط ظلمة الفراق، وهو موضوع أساسي يعكس قوة الحب في مواجهة التحولات والتقلبات

تستخدم إنعام كمونة مجموعة غنية من الصور الشعرية التي تدفع القارئ إلى التفكر والتأمل. في قصيدة "غرق الأطفال في البحر أثناء الهجرة العشوائية"، تغمرنا بالتفاصيل الملموسة التي تبرز مأساة الطفولة المفقودة، حيث تخلق صورة تجمع بين القسوة والبراءة، مما يثير في النفس مشاعر القلق والحزن.

كما تعكس كمونة الحالة النفسية للذات الشاعرة من خلال تنوع الصور الشعرية. في قصيدة "سريان بريق"، تتحدث عن النضال من أجل البقاء والثبات، مستخدمةً الرمزية المتعلقة بالطبيعة والماء لتجسد الأمل والتجدد، حيث تتجاوز الصور الشعرية الوصف لتروي قصة من المقاومة والانبعاث.

في نفس السياق، تظهر في قصيدة "مهد الروح" روح الكتابة كأداة للتواصل بين الشاعرة وعواطفها وأفكارها. وتعبر الصور مثل "نشوة الريح" و"الأفق السرمدي" عن الآمال والتطلعات الإنسانية، مما يضفي عمقًا على التجربة الشعرية.

تتجسد في هذا الديوان صور شعرية مدهشة تعكس الأبعاد النفسية، حيث تعبر خلال خطوط شعرية معقدة عن الآلام والآمال. على سبيل المثال، "رحيق انتشاء تنهيدة شوق" يصور العلاقة بين الحب والحنين بطريقة بالغة البراعة.

تجمع إنعام كمونة بين البنى الشعرية التقليدية والمعاصرة، مما يثري نصوصها بالاستعارات والصور البلاغية المتميزة. تتميز الأسطر بتلاعبات لغوية تجعل القارئ يستشعر عواطف الشاعرة، حيث تتجاوز تشكيلات هذه اللغة السرد المباشر وتخترق فكر القارئ. بهذا، تبرز لغة إنعام كمونة كأداة تعبيرية غنية وذات قدرة مؤثرة على نقل الأحاسيس والأفكار العميقة، مما يعزز من جمالية تجربتها الشعرية.

التأويل:

يمكن قراءة ديوان "أصطفيتك همساً" من منظور تأويلي يبرز التعقيدات النفسية والاجتماعية التي يعيشها الأفراد في ظل الظروف القاسية. تسلط الشاعرة إنعام كمونة الضوء على التحديات اليومية، ورغم الحزن الذي يهيمن على الأجواء، تتضمن القصائد لمحات من الأمل والمقاومة، مما يعكس إرادة الحياة.

يبحث العمل في قضايا تحمل قيمًا رمزية، حيث تنتقل الشاعرة من الرمزية الشخصية إلى الواقع الجماعي المؤلم الذي يعيشه الوطن. تتجلى تأثيرات العالم الخارجي في قصائد كمونة، ما يجعل القارئ يختبر المشاعر الحادة للفقد والمعاناة. لذا، يمكن النظر إلى العمل كمسعى لتجسيد المعاناة الشخصية والاجتماعية، مستعرضةً قضايا الهوية والانتماء.

تظهر معاناة الشعب في قصائدها، حيث تتعمق في تلك المعاناة لتبرز الجانب الروحي والإنساني. يتضح ذلك بشكل جلي في قصائد مثل "صراط الشهادة"، التي تصور تأثير الشهادة والألم على الهوية والانتماء، مما يدعو القارئ إلى إعادة التفكير في معاني الانتماء والإيمان.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن تفسير الأعمال كاستكشاف للتحديات الثقافية والاجتماعية التي تواجه مجتمع الشاعرة. تضيء أغلب القصائد على النزاعات الذاتية والبحث عن الأمل في واقع مؤلم. يعكس العمل أيضًا نضال المبدع للتعبير عن الذات والمكان في زمن العنف والمآسي، كما يتجلى في قصائد مثل "وشاح الفواجع"، حيث تتبنى الشاعرة قضية ضحايا فاجعة الكرادة كقضية إنسانية مشتركة.

يمكن أن تُعتبر تعبيرًا عن الصراع الدائم بين الأمل والواقع الأليم، حيث تتناول الشاعرة الهزائم والانكسارات وبعض حالات الفقد. يُضفي ذلك شعورًا بالحنين، الذي يتضمن في جوهره مقاومة للألم والخسارة. قصيدة "ذكريات عيد" تجسد هذه الفكرة بشكل خاص، إذ تتناول موضوع الفقد في عيد يتحول إلى لحظة للذكريات الموجعة.

بهذا، يتمحور ديوان "أصطفيتك همساً" حول استكشاف المشاعر العميقة والتحديات الإنسانية، مما يجعله عملًا شعريًا بالغ التأثير والتعقيد.

الخاتمة:

يُعتبر ديوان "أصطفيتك همسًا" للشاعرة إنعام كمونة عملاً شعريًا غنيًا بالتجارب الإنسانية العميقة. تعكس إنعام من خلال نصوصها مشاعر الأنثى بأسلوب فريد، حيث تتجاوز حدود التعبير الفردي لتُنقل الألم الشخصي إلى فضاء عام يمكن للقارئ الإحساس به والتفاعل معه.

إن قوة الكلمات وعمق المعاني يجعل هذا الديوان إضافة قيمة للأدب العربي المعاصر، ويعكس تصورات معقدة عن الوطن والهوية والأنوثة. كما يمثل العمل شهادة على ألم العصر وتصويرًا دقيقًا للواقع المعاش، مُساهمًا في إغناء الأدب وإعادة النظر في المشهد الشعري.

إن النصوص تدعو القارئ ليعيش التجربة مع الشاعرة، حيث تحتفل إنعام بالألم وتجعل من الكتابة فعل مقاومة، مما يُبرز ديوانها كعمل يُستحق التحليل والدراسة. يتميز بأسلوب لغوي متقن وصور شعرية مؤثرة، مما يُعزز من تجربة القراءة ويغمر القارئ في عالم عاطفي غني.

يتناول الديوان بشكل خاص واقع الإنسان المعاصر من منظور يُعبر عن الألم والأمل والحب، مما يجعله مصدر تغذية فكرية ونفسية يُثري الأدب العربي. تظل تجربة القراءة لهذا الديوان خالدة في ذاكرة القارئ، حيث تسلط الضوء على مشاعر عميقة وصادقة في عالم متقلب.

إن إبداع إنعام كمونة في صياغة شعرها يُظهر قدرتها الفائقة على لمس القلوب وتنمية الوعي الإنساني، مما يجعلها واحدة من الأصوات الشعرية البارزة في عصرنا.

***

بقلم محمد خالد النبالي

في المثقف اليوم