قضايا
غالب المسعودي: استراتيجيات الابداع الفكري في حقب الانحطاط

مع انصرام الأعوام نجد أنفسنا وقد أصبحنا ورثة تراث مليء بالرهبة العرفية الميتة الكامنة في الذات والتي تقونن السلوك لتصبح دينا عرفيا داخل الدين العام، هذا موروث بدائي، التاريخ يؤكد الحاجة الى مراقبة مستمرة لنزوع العرف الى التشدد حتى لا يكون ظهوره داخل الاجتماعي واضحا رغم تخلفه، اغلب المنتج الثقافي المعاصر ينزع الى مجاورة الماضي في حركة ارتدادية دون أسلحة معرفية، تشخيص الانتكاسة هو مقاربة حداثوية، لذا فان استراتيجيات الإبداع الفكري في حقب الانحطاط يجب ان تتضمن مجموعة من الأساليب التي تساعد المفكرين والفلاسفة على تجاوز التحديات الفكرية والثقافية، محاولة إحياء الأفكار القديمة من خلال إعادة تفسيرها وتقديمها بصورة جديدة تتناسب مع الظروف الحالية بادعاء الاعتماد على تراث ثقافي ومعرفي من كتابات قديمة تأثرت بتاريخ من البهرجة الثورية، دون الانفتاح على الثقافات المختلفة واستيعابها، لن يخلق افكارا جديدة، أي ممارسة نقدية ذاتية وموضوعية تساهم في تطوير رؤى جديدة وتوظيفها داخل المنهج العلمي في دراسة الظواهر الاجتماعية والفكرية يجب ان تساعد في التوصل إلى استنتاجات جديدة مؤثرة حضاريا، ومنها التركيز على التعليم كوسيلة لإعداد أجيال جديدة تتمتع بالقدرة على التفكير النقدي والإبداع ،ان توثيق الأفكار والمفاهيم من خلال الكتابة يساهم في انتشارها وتأثيرها، في أوقات الانحطاط نحتاج الى تطبيق استراتيجيات الإبداع الفكري في مواجهة تحديات العصر والتي تشمل التركيز على التفكير النقدي وإعادة تفسير المفاهيم التقليدية بما يتناسب مع التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية الحالية ،تشمل دراسة التراث الثقافي والفكري المحلي واستخدامه كأداة لحل المشكلات المعاصرة من خلال التمرد على التبعيات، والتركيز على القيم الإيجابية وتعزيز التعليم لمواكبة التطورات ،ان دعم نشر الأفكار الجديدة من خلال المدونات والمجلات العلمية، يسهم في بناء مجتمع معرفي نشط في استخدام التكنولوجيا كأداة لتعزيز الإبداع ، تطبيق هذه الاستراتيجيات يتيح للأفراد والمجتمعات مواجهة التحديات المعاصرة.
تحديات التطبيق
عدة تحديات تواجه تطبيق استراتيجيات الإبداع الفكري في فترة الانحطاط، يواجه الأفراد والمجتمعات صعوبة في قبول الأفكار الجديدة أو التجديد، نتيجة التمسك بالتقاليد والقيم الراسخة، قلة الموارد المالية أو البشرية تعيق القدرة على تنفيذ البرامج التعليمية أو البحثية التي تدعم الإبداع، نظم التعليم التقليدية لا تشجع على التفكير النقدي أو الإبداع، مما يؤدي إلى نقص المهارات اللازمة، عدم وجود بيئة تشجع على الحوار والنقاش يحد من القدرة على تبادل الأفكار وتطويرها ،الفجوة الرقمية تمنع بعض الفئات من الاستفادة من التكنولوجيا مما يعوق الابتكار ،مناخات القمع أو عدم التسامح تمنع الأفراد من التعبير عن أفكارهم أو انتقاد الأوضاع السائدة ،عدم فهم أهمية الإبداع الفكري ودوره في مواجهة التحديات يحد من دعم المجتمع لهذه الاستراتيجيات ،التنافس العنيف بين الأفراد أو المؤسسات يؤدي إلى تقليل التعاون وتبادل الأفكار، تجاوز هذه التحديات يتطلب جهودًا جماعية وتعاونًا . البيئة الداعمة في حقب الانحطاط تظهر مقاومة للتجديد في عدة جوانب ،انغلاق بعض المؤسسات التعليمية والدينية على أفكار معينة، مما يحد من التفكير النقدي ،الخوف من الانتقادات أو التهميش يمنع الأفراد من التعبير عن أفكار جديدة ،الأنظمة الاستبدادية تفرض قيودًا صارمة على حرية التعبير، مما يصعب نشر الأفكار المبتكرة ،عدم توفر بيئة تشجع على البحث والابتكار ودعم البحث العلمي وتعزيز التنوع الثقافي ،التبادل الفكري يساهم في تحقيق التوازن بين مقاومة التغيير ووجود بيئة داعمة وهو ما يمكن أن يسهم في تعزيز الإبداع الفكري حتى في فترات الانحطاط.
دور وسائل الاعلام
دور وسائل الإعلام في فترات الانحطاط يمكن أن يكون معقدًا، قد تساهم في تعزيز الأفكار السلبية أو الترويج للسلطوية ، تعليم الجمهور في كيفية تحليل المحتوى الإعلامي بشكل نقدي، يساعد على تمييز المعلومات الجيدة من السيئة .يشكل دعم وسائل الإعلام المستقلة التي تقدم تغطية موضوعية وتعكس وجهات نظر متنوعة، يعزز من حيوية النقاش العام في إنتاج محتوى إعلامي يسلط الضوء على الدعوة إلى حرية التعبير ورفض الرقابة على وسائل الإعلام، مما يضمن تنوع الآراء والمعلومات المتاحة، في مرحلة عولمة التفاهة وتغلب حقبة التردي سوف لن تكون هناك نماذج ناجحة واضحة للمقاومة ، قد يبدو المشهد معقدًا وصعبًا، لكن هناك بعض الطرق التي يمكن من خلالها مواجهة هذه التحديات رغم عدم وجود نماذج كثيرة ،منها بناء شبكات من الأفراد المهتمين بالمقاومة والتغيير، مما يعزز من تبادل الأفكار والإبداع الجماعي ،حملات توعية تهدف إلى فهم تداعيات عولمة التفاهة وأهمية التفكير النقدي، يساعد الأفراد على اتخاذ مواقف واعية ،تشجيع الأفراد على إنتاج محتوى بديل يركز على القضايا المهمة، مما يعزز من تواجد أفكار متنوعة في الفضاء العام بالرغم من التحديات، يمكن للأفراد والمجتمعات أن يتصدوا لبناء بيئة فكرية إيجابية، حتى في ظل غياب النماذج الناجحة أو الإعلام المستقل، تحليل المعلومات وفهم محتوى الإعلام بشكل أفضل ،المبادرات التي تقدم محتوى موضوعي ومتوازن، توفر بدائل للمعلومات السائدة ،تعزيز الشفافية في وسائل الإعلام من خلال الضغط على المؤسسات الإعلامية للكشف عن مصادر المعلومات وطرق العمل على إنتاج محتوى يسلط الضوء على القضايا المهمة والقصص الملهمة، مما يساهم في تعزيز القيم الإيجابية ،استغلال منصات التواصل الاجتماعي لنشر الأفكار البديلة والتفاعل مع الجمهور بشكل مباشر، يساهم في بناء مجتمعات واعية و التمييز بين المحتوى الجيد والسيء ،عدم وصول بعض الفئات إلى الإنترنت أو التكنولوجيا الحديثة يمكن أن يحد من تأثير الجهود المبذولة ،الإعلام السائد بموارده الكبيرة، قد يهيمن على المشهد الإعلامي . كسب اهتمام الجمهور ونقص الوعي حول أهمية التفكير النقدي أو الإعلام البديل يمكن أن يؤدي إلى تجاهل الجهود المبذولة، الانقسامات الاجتماعية والسياسية يمكن أن تجعل من الصعب بناء توافق حول القضايا المهمة لتجاوز هذه التحديات لذا يتطلب الأمر جهودًا منسقة وتعاونًا بين الأفراد والمجتمعات والمنظمات لتعزيز الوعي والدعوة للإعلام الإيجابي للتغلب على تحدي التضليل الإعلامي بشكل فعال، كذلك يمكن اتباع بعض الاستراتيجيات لتطوير برامج تعليمية تركز على كيفية تقييم المعلومات وفهم المصادر، مما يعزز من قدرة الأفراد على التمييز بين الحقائق والأخبار الزائفة وتشجيع الجمهور على التحقق من مصادر المعلومات والتأكد من موثوقيتها قبل قبولها أو مشاركتها، إنشاء منصات أو تطبيقات تساعد الأفراد على التحقق من المعلومات المتداولة، مثل مواقع التحقق من الأخبار ،الضغط على وسائل الإعلام والمؤسسات لتكون أكثر شفافية بشأن مصادرها وأسلوب عملها، تنظيم حملات توعية تشرح آثار التضليل الإعلامي وكيفية التعرف عليه، مما يعزز من وعي الجمهور، العمل مع مختصين في الإعلام أو العلوم الاجتماعية لتقديم ورش عمل أو ندوات حول كيفية التعرف على التضليل، تشجيع النقاشات المفتوحة حول قضايا المعلومات المضللة، مما يعزز من تبادل الأفكار والتجارب استخدام منصات التواصل الاجتماعي للتواصل مع الجمهور وتقديم معلومات دقيقة، مع التأكيد على أهمية التفكير النقدي من خلال استخدام هذه الاستراتيجيات، يمكن تعزيز قدرة الأفراد على مواجهة التضليل الإعلامي وبناء مجتمع أكثر وعيًا ومصداقية .
نظام التفاهة والجيوش الكترونية
تمثل الجيوش الإلكترونية تحديًا كبيرًا في مواجهة الثقافة السطحية ونظام التفاهة لمواجهة هذا التحدي، يمكن اتباع توضيح استراتيجية عمل الجيوش الإلكترونية وطرق تأثيرها على الرأي العام، مما يساعد الأفراد على التعرف على أساليبها، تمكين الجمهور من استخدام أدوات التحقق من الأخبار والمعلومات، مما يقلل من تأثير الرسائل المضللة ،دعم إنشاء وترويج المحتوى الذي يعزز من القيم الإيجابية والإبداع، مما يساهم في زيادة الوعي الثقافي ،العمل مع منظمات غير حكومية ومؤسسات تعليمية لتعزيز التفكير النقدي ومهارات الإعلام في المجتمعات، إنشاء منصات إعلامية بديلة تقدم محتوى موثوق وتروج لوجهات نظر متنوعة، مما يساعد في تقليل تأثير المعلومات السطحية ،تشجيع النقاشات المفتوحة حول القضايا الثقافية والاجتماعية، مما يعزز من التفكير النقدي والمشاركة الفعالة استخدام أدوات لرصد المحتوى المضلل أو السطحي على الإنترنت، مما يساعد في التعرف على الأنماط والتصدي لها ،المطالبة بتحسين سياسات المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي لمكافحة التضليل وتعزيز المحتوى الجيد، دعم الفنون والثقافة المستدامة التي تعكس القيم الإنسانية وتعزز من الإبداع والابتكار من خلال هذه الاستراتيجيات، يمكن مواجهة تأثير الجيوش الإلكترونية وتعزيز ثقافة أكثر عمقًا وإبداعا .وتعزيز التصدي لمرحلة الانحطاط.
***
غالب المسعودي