قضايا

نهاد الحديثي: الثقافة والفنون وتنمية مدارك الانسان

على مر التاريخ، لعب الفن دورًا كبيرًا في توثيق الثقافة ونقلها عبر الأجيال، فاللوحات والتماثيل، على سبيل المثال، ليست مجرد أعمال فنية؛ بل هي شهادات حية على طبيعة الحياة والقيم والمعتقدات في فترات زمنية مختلفة، وفيما يخص العلاقة بين الثقافة والفن، هناك نظرة تقول: بأن الثقافة تُعتبر الحاضنة الأساسية للفن، فهي التي تُلهم الفنانين ليُعبروا عن رؤاهم وتجاربهم بأساليب مُختلفة مثل الموسيقى، الرسم، المسرح، والسينما. الفن بدوره يُعيد تشكيل الثقافة من خلال تقديم رؤى جديدة وأفكار مبتكرة تُحفز على الحوار المجتمعي والتطور الفكري.

الثقافة والفنون - وجهان لعملة واحدة تُعبر عن هوية الشعوب وتعكس تطورها الحضاري، فالثقافة تُشكل الإطار الذي يُحدد أسلوب حياة المجتمع، بينما الفن هو الوسيلة التي تُعبر عن هذه الثقافة بأساليب إبداعية تلمس القلوب وتُلهم العقول، حيث إن التراث والعادات والتقاليد هما الآخران يمثلان ثقافة وفنون الشعوب التي تقدم من خلالها نفسها للآخر، أو تروج وتعرف بنفسها عبرهما

ولا بد أن ندرك هنا أن الثقافة والفن ليسا مجرد عناصر ترفيهية، بل هما أدوات قوة ناعمة تُعزز من مكانة الاوطان وتُسهم في بناء جسور التفاهم بين الشعوب، الفن يعتبر اداه من ادوات تطبيق الثقافة في جميع النواحي وتساهم الثقافة في تنمية مدارک الانسان وخلق انواع جديدة من الفنون، وهذا يؤکد علي الارتباط الوثيق بين الفن والثقافة. وبذلك يمکن القول بأنه لاتوجد فنون دون ثقافة ولا توجد ثقافة دون فنون، لذلك نجد في اتحادهما انتاج ابداعي متميز

حقيقة الثقافة والفن في بلدنا فقد شعروا بالاهمال المتعمد والتهميش، حال دون أن يأخذوا فرصتهم الحقيقية في الحياة طيلة السنوات العجاف التي مر بها البلد، وبقي المثقف والفنان أسير هذه الضوابط والتعليمات منقادا بسلوكيات وسيطرة الأحزاب وبالتالي حرمتنا المتعة وصور الأبداع على المستويين العام والخاص إلا ماندر، فلو كانت تعرف ان الثقافة عنصر مهم من عناصر المعرفة الشخصية والإبداعية تمكن صاحبها من التناغم والتحاور مع العالم الاخر بشكل علمي عبر بواباته المختلفة الادبية والعلمية و جسرا مع العالم في تبادل المعرفة والتواصل لتطوير البلد والمعرفة الشخصية لما وقفت موقف المتفرج من هذا المفهوم.

نظرة بسيطة في سنواتنا القليلة الحديثة نرى ذلك بوضوح فلا مسرح جاد ولا أغنية تطرب ولا ثقافة تغني ولا موسيقى تشنف الاسماع ولا دراما،، وزارة الثقافة المفرغة من محتواها تتحمل الجزء الكبير في هذا الجانب بعد ان وقفت موقف المتفرج من عدم رعاية المواهب ودعم المبدعين وخلق الفرص من اهتماماتها لهم، وتركت منارات التميز بلا رعاية واهتمام كقاعات مسرح الفن الحديث ومسرح الرشيد وقاعات اخرى كثيرة مهملة في عالم النسيان، إبراز تاريخنا الحديث والاهتمام بأصحاب المواهب بحاجة لرعاية ودعم سوآءا على مستوى الدولة أو القطاع الخاص والسعي لخلق حالة التنافس بين الاخرين من خلال برامج وخطط معدة سلفا نكون قد ساهمنا ولو بشكل يسير لدعم المسيرة الثقافية والفنية بالبلد بعد هذا السبات المتعمد.

***

نهاد الحديثي

 

في المثقف اليوم