قضايا

فاطمة الثابت: العلاقات الاجتماعية في العصر الرقمي بين الشعور الزائف ووهم التواصل

هل تعرف هذا الشعور عندما تتصفح صفحتك الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي؟ ويبدو الأمر كما لو كنت متصلاً بالجميع وبكل شيء؟ ولكن بعد ذلك، عندما تضع الهاتف جانبًا، تدرك أنك لم تتحدث حقًا مع أي شخص شخصيًا طوال اليوم؟ هذا ما أقصده بالشعور الزائف.

باعتباري متخصصة في علم الأجتماع الرقمي ومهتمة بدراسة التقاطع بين التكنولوجيا والمجتمع، فقد لاحظت التأثير العميق الذي يمكن أن يحدثه إدمان وسائل التواصل الاجتماعي على علاقاتنا الاجتماعية، وبينما توفر منصات وسائل التواصل الاجتماعي اتصالاً وفرصًا غير مسبوقة للتفاعل ، فإنها تشكل أيضًا تأثيراً كبيراً على صحة وعمق اتصالاتنا الشخصية.

إن جاذبية وسائل التواصل الاجتماعي، مع سرعة التمرير الذي لا يتطلب الظهور أحياناً يكفي أن تختبئ خلف شاشتك و المحتوى المنسق والإشباع الفوري، يمكن أن تدفع الأفراد إلى إعطاء الأولوية للتفاعلات الرقمية أو الأفتراضية  على المشاركة وجها لوجه.،لا يؤدي هذا التحول إلى تقليل جودة علاقاتنا خارج عالم الراوتر فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى تآكل قدرتنا على التعاطف  والتواصل الهادف.

علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي إدمان وسائل التواصل الاجتماعي إلى تفاقم مشاعر الوحدة والعزلة والمقارنة الاجتماعية، حيث يقيس الأفراد بشكل متزايد قيمتهم الذاتية ومكانتهم الاجتماعية من خلال الإعجابات والتعليقات والمتابعين، يمكن لهذه الدورة الدائمة من سلوك البحث عن التحقق من مكانتنا أو وجودنا  أن تخلق إحساسًا زائفًا بالارتباط بينما تبعدنا عن الاتصال الإنساني الحقيقي .

ولمواجهة هذه التحديات، يجب علينا أن ندرك أن إدمان وسائل التواصل الاجتماعي هو قضية مجتمعية تتطلب عملا جماعيا وتدخلات ممنهجة ، يلعب التعليم دورًا حاسمًا في رفع مستوى الوعي حول الطبيعة الإدمانية لوسائل التواصل الاجتماعي وتمكين الأفراد من تطوير عادات رقمية صحية، ومن خلال تعزيز المعرفة الرقمية ومهارات التفكير النقدي( وهذا ماأشرت له في أطروحتي للدكتوراه)، يمكننا تزويد الأفراد بالوعي اللازم للتنقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مسؤول والحفاظ على التوازن بين حياتهم  عبر الإنترنت وخارجها خاصة.

***

د. فاطمة الثابت – أستاذة علم الاجتماع / جامعة بابل

 

 

في المثقف اليوم