قضايا
شايلا لوف: هكذا يميز دماغك الواقع من الخيال
بقلم: شايلا لوف
ترجمة: د.محمد عبدالحليم غنيم
***
فيما يتعلق بنشاط الدماغ، فإن تخيل شيء ما يشبه إلى حد كبير رؤيته حقيقة، فلماذا لا تخلط بين الاثنين كثيرًا؟
في عام 1910، سألت عالمة النفس ماري تشيفيس ويست بيركي المتطوعين عما تعتقد أنه سؤال يسهل عليهم الإجابة عليه: هل ما تراه حقيقي أم خيالي؟ في بحثها، طلبت من الناس أن يتخيلوا أشياء، مثل التفاحة، أثناء النظر إلى الحائط. ثم، سرًا، استخدمت جهاز عرض مبكرًا يسمى الفانوس السحري لإلقاء نفس الصورة. واجه المشاركون صعوبة في التمييز بين ما رأوه بأعينهم وبين ما تخيلوه في رؤوسهم.
اقترحت هذه التجربة الرائدة، والعديد من التجارب التي تلتها، أن الرؤية وتخيل الرؤية تتضمن عمليات مماثلة في الدماغ. وهذا يؤدي إلى لغز؟ تقول نادين ديكسترا، عالمة الأعصاب الإدراكية في جامعة كوليدج لندن: "إذا كان الدماغ يتعامل مع الخيال بشكل مماثل لكيفية تعامله مع الواقع، فلماذا لا نخلط بين الاثنين طوال الوقت."
في دراسة حديثة لما يسمى "تأثير بيركي"، نشرت مؤخرا في مجلة Nature Communications، طلبت ديكسترا وزملاؤها من أكثر من 600 شخص أن ينظروا إلى شاشة مليئة بالكهرباء الساكنة، ويتخيلوا خطوطا قطرية على الشاشة، ويقدموا تقريرا عن مدى تأثيرها. وكانت الخطوط حية على مقياس من 1 إلى 5. على مدار التجربة، على غرار دراسة بيركي، قدم الباحثون سرًا خطوطًا قطرية حقيقية لاختبار مدى تأثير ذلك على ما يعتقد الناس أنهم رأوه.
كما هو الحال في عمل بيركي، وجدوا أن الناس يمكن أن يخلطوا بين الخيال والواقع بسهولة. لكن ليس دائمًا: ويبدو أن العامل الرئيسي هو مدى وضوح الصورة وحيويتها. الأشخاص الذين قالوا إنهم رأوا خطًا قطريًا واضحًا كانوا أكثر عرضة للقول إنهم يعتقدون أنه حقيقي، بقطع النظر عما إذا كان حقيقيًا أم لا.
وجدت ديكسترا دليلًا إضافيًا على هذا المبدأ نفسه من خلال إعادة تحليل إحدى تجاربها السابقة لتصوير الدماغ: عندما تخيل المشاركون في الدراسة أنهم يرون شيئًا ما، أظهرت أدمغتهم نمطًا مشابهًا من التنشيط في القشرة البصرية كما هو الحال عندما كانوا ينظرون إلى نفس الشيء، ولكن كان التنشيط أضعف بشكل عام. وتقول ديكسترا إن نتائجها تشير إلى أن الناس يستخدمون "عتبة الواقع" للتحقق مما هو حقيقي وما هو متخيل، في عملية تسمى مراقبة الواقع الإدراكي. عندما تكون الإشارة أضعف من هذه العتبة، فمن المرجح أن يصدق الشخص أن ما يراه هو خياله. إذا كان قويًا أو أقوى، فمن المرجح أن يصدق أنه حقيقي.
وهذا يعني أن الأشخاص الذين لديهم صور ذهنية مفعمة بالحيوية قد يجدون صعوبة في التمييز بين الواقع والخيال؛ كان هناك بعض الارتباط بين وجود صور حية وزيادة احتمال التعرض للهلوسة. وللنتائج أيضًا آثار على كيفية تعاملنا مع المستقبل من خلال الواقع المعزز أو الافتراضي الذي أصبح أكثر واقعية.
ومن المثير للاهتمام أن عتبات واقعنا ربما تتغير دائمًا - لذا مع تغير التكنولوجيا، قد نتغير نحن أيضًا. عندما أجرى بيركي تجربته، كانت مقاطع الفيديو نادرة وكان الناس يعتقدون دائمًا أن ما رأوه كان قادمًا من عقولهم. بعد كل شيء، ماذا يمكن أن يكون؟ وقال أحد المشاركين: "لو لم أكن أعلم أنني أتخيل ذلك، لظننت أنه حقيقي".
(انتهى)
***
..............................
الكاتبة: شايلا لوف/ Shayla Love كاتبة في مجلة / سايكى (Psyche ). وبالإضافة إلى ذلك ظهرت مقالاتها الصحفية العلمية في مجلات Vice وThe New York Times وWired وغيرها. تعيش في بروكلين، نيويورك.