آراء

عبد الأمير الركابي: اللاارضوية بدل الشيوعيه.. نداء اممي (2)

يحصل الانقلاب الالي ابتداء في الموضع الارضوي الازدواجي الطبقي كمقدمه وعتبه اولى ضرورية قبل اكتمال  الانتقال الالي ومغادرة الطور اليدوي كليا، وهو مايظل متاخرا بانتظار التفاعلية المجتمعية مابين ارضوية ولا ارضوية هي الطرف المعني بالعملية الانتقالية الكبرى كما كان الحال ابتداء، يوم تبلورت المجتمعات في ارض سومر جنوب مابين النهرين بعد مرحلة انتقالية مابعد "الصيد واللقاط"، فلم تصبح المجتمعية متبلورة الا ضمن الاشتراطات فوق الارضوية الدالة على مابعد يدوية، وعلى ماتوجد المجتمعات لبلوغه بعد الطور اليدوي، وهو مايظل العقل البشري دونه قاصرا وعاجزا عن ادراك منطوياته، فضلا عن كشف النقاب عنه وعما مضمر فيه، لتظل الارضوية ومنظورها ومفهومها للحياة والوجود، ارضوية هي الغالبة مادامت اللاارضوية غير قابلة للتحقق الاني في حينه، لنقص في الوسائل المادية والادراكية الضرورية.

 ومع  مايحكم اللاارضوية من ديناميات الدورات والانقطاعات والاصطراعية الازدواجية اللاارضوية الارضوية، كما هي مصممه من قبل الطبيعة والبنيه النمطية في الطريق الى التحقق مابعد الارضوي، تنتهي الدروة الثانيه العباسية القرمطية الانتظارية بالاحالة الى الدورة القادمه باعلان "الانتظارية"، ويصير التاريخ من يومها محكوما للعبور من هيمنة الارضوية  مع تحقق شرط الانتقال من اليدوية، وهو مايوكل الى الازدواجية الارضوية الطبقية الاوربية فتح الباب باتجاهه، بعد ان تقوم الازدواجية اللاارضوية واقتصادها التجاري الريعي العالمي ومركزه  العاصمه الامبراطورية بغداد، بتهيئة الاسباب للاصطراعية الطبقية على الطرف الاخر من المتوسط، تلك المسدودة النهاية لان تدخل زمن التفاعلية القصوى الاصطراعية، وصولا لانبثاق العامل والعنصر الثالث من خارج العملية الاصطراعية الطبقية، حين ينتقل المجتمع ساعتها من تفاعلية وديالكيتيك (البيئة/ الكائن البشري) وهو مايتوافق مع الطور اليدوي، الى (البيئة / الكائن البشري / الالة) مايعني انبثاق مجتمعية اخرى غير تلك التي ظلت قائمه ومستمرة حتى حينه.

  ويعني ذلك وهو مالم يتم الانتباه له او ملاحظته، بدء  عملية  تبلور وظهورالصيغة الثانيه من المجتمعية، الامر الذي لايمكن توقع انبثاقه فورا من دون  مسار تفاعلي تاريخي، يبدا باستمرار الغلبة الموروثة من الطور المنقضي الارضوي  على مستوى الرؤى والمنظور ومايتعلق بجوهر وحقيقة الالة وانعكاسها على المجتمع، فينظر الى الحاصل وكانه تتابع بديهي من "اليدوية"، الى "الالية"، بمعنى التبدل في الوسائل وحسب، وهو ماسيحكم ويظل غالبا على الرؤى الاوربية،  مع ضخامة المنجز المتحصل من الانقلابيه الاليه، بحكم تسريعها للاليات المجتمعية، ومايرافقه من تعاظم قدرات وقوة مفعول في المجالات كافة، الامر الجدير بتهيئة الغلبة شبه المطلقة للتفكرية والنموذجيه الغربي على مستوى المعمورة، خصوصا وان الغرب الاوربي هو موضع الانبجاس الالي الابكر، سوى انه الموضع الازدواجي الاعلى ديناميات اصلا ضمن نمطيته ونوعه المجتمعي الارضوي.

 هكذا تحتل المروية الاوربيه للواقع الحاصل مكان الحقيقة التوهميه الكبرى، تظل مستمرة لمايزيد على الثلاثة قرون، تتركز خصوصا مع القرن التاسع عشر الذي عرف اكتشاف الاصطراع الطبقي وشكل التحولية النظري المواكب له، والمستند اليه، بمنظور الارضوية الآنيه قبل الانتقال الى المجتمعية المفارقة لليدوية، ومابعدها نوعا وفعالية واستهدافات، واذ تتشكل رؤى ونظرة من نوع الماركسية، فان العامل الفعال الدافع فيها يكون  متعديا لها وناتجا عن دفع العنصر الجديد الفاعل في البلنيه المجتمعية، الذاهب ابعد من نطاق الارضوية ومنظورها التحولي الارضوي، ممثلا بالانتقال المفترض الى الشيوعية انطلاقا من المرحله الاولى بين المراحل التاريخيه الخمسه، بدءا من الشيوعية الاولى.

  وهكذا تعطي اللاارضوية في المرحلة اليدوية رؤية ونموذخا من عملية الانتقال الآلي متعديا له، وذاهبا الى مابعده، وماهو موصول بالمرحلة الحالية الانتقالية، من اليدوية في طورها النهائي المكتمل، بعد ان تسقط وتنتهي متبقيات الموروث القصوري الارضوي الموروث، ومع هذا فان الظواهر الانتقالية على توهميتها تاخذ بعدا غير عادي على مستوى الاعتقاد والقناعات والممارسة، بينما تنشا ظاهرة لم يسبق ان قاربها من حيث الامتداد الكوني الاعتقادي، غير الابراهيمة اللاارضوية بصيغتها النبوية الاولى، مع تبلور الحركة الاممية وامتداد احزابها الموحدة التصور والاعىتقاد والوسائل، الامر الذي  لايمكن حتى مع اقتراب الرؤية المشار اليها من انتهاء الصلاحية، ان يعامل خارج الاطلاقية الاعقتادية خارج الانقلابيه المجتمعية، كما هو حاصل الان بعد انهيار التجربة الروسية والمعسكر المسمى بالاشتراكي، فلا يخطر على البال نوع  التحولية الفعلية مابعد الارضوية اليدوية المتلازمه مع الانتقال الالي، والمتلازمه معه.

  هذا مع ان المنظور التحولي الارضوي، يلتقي متداخلا مع اللاارضوية المنطوية على اسباب الانقلابيه الالية مع شرط مغادرة اليدوية النهائية، واذ تتوزع الماركسية نظريا على اوربا وعمليا تطبيقيا افتراضيا  لينينيا في الحالة الروسية، فانها تصبح لاارضوية مع بلوغها ارض التبلورية الاولى اللاارضوية في العراق، فاذا بها في موضع يتعداها افقا ومنطوى وغاية، واذا بالحقيقة المجتمعية التاريخيه البدئية تتعدى الموضوعات النظرية الجاهزة المنقولة، وفي موضع يفترض انه "ديني" قبلي بنية، تخترق اللاارضوية كل الاعتبارات لتحيي كوراجينا وحمدان قرمط، والاسماعيليين والخوارج والانتظاريين، مؤكده قرب التحقق النهائي، خلال ثلاثة عقود انتهت بعدد شهداء ومعتقلين يعادلون ضعف عدد اعضاء الاحزاب الشيوعيه في الشرق الاوسط، في وقت حضرت فيه ابان ثورة 14 تموز حاله من الانقلابيه الكبرى الغامرة سحقت الصيغة الافنائية المسلطة عليها من الاحتلال الغربي البريطاني ونموذحها، مع مرويتها التوهمية كدولة، لتصطدم بالقصورية التاريخيه مكررة عند المحطة الاخيرة ماقبل التحققية، فاذا بالنظرية الجاهزة المعتمده تسقط في امتحان  فتح  بقوة"ضرورة النطقية الغائبة" باعتبارها هي التحولية العظمى المؤجله، وبينما يخرج يوم 1/5/ 1959 مليونا ونصف المليون متظاهرة ليس اقل من نصفهم اميون، في مجتمع لم يتعد عددا السبعة ملايين يطالبون "حزب الشيوعي في الحكم مطلب عظيم(ي) يرفع الافندويون شعارات "مهام الثورة الوطنيه" مقررين الانفصال عن شيوعية اللاارضوية الى الشيوعيه  الارضوية عجزا وقصورا وانبهارا بالمتحقق الغربي بلا نظر للواقع بل باتخاذ خيار معاكسته والعمل ضد آلياته .

 ومن يومها والشيوعية تبحث عن المنظور اللاارضوي التحولي حيث الانقلاب الاعظم الكوني، وحيث يبدا المتغير الشامل على مستوى المعمورة متطلبا من هنا فصاعدا انتقالا الى الطور الثاني من التحولية المجتمعية، تنزع عنده التحولية الارضوية الدنيا الماركسية اللينينيه، وهو مايفترض بالقوى حاملة لواء التحولية الانفة الى اليوم، ومنذ البيان الشيوعي ان تبدا باعتبارها النواة العالمية الجاهزة والمهياة لان تتعرف عليه، تحت عنوان الانتقال من " التحولية الارضوية" الى "التحولية اللاارضوية"، بناء على، ووفقا لحكم الانقلابيه التاريخيه المجتمعية الموافقه للقانون المجتمعي،  التحولية  غير المزال عنها النقاب، ودالة القصورية العقلية التاريخيه الاكبر .

  ـ يتبع ـ   

***

عبد الأمير الركابي

 

في المثقف اليوم