آراء

عبد الأمير الركابي: المنطقة ونهاية الايديلوجيا والتشبهيه الابراهيمه (3)

لنتصور لو ان العقل في المنطقة قد ذهب ـ وهو افتراض غير واقعي ـ الى المقارنه بين الرؤية والتصورات التي عمت المنطقة تحت طائلة المتغير الالي الغربي ارتكازا للمروية التي تضع محمد على الالباني، ومعه مصر، بموقع البؤرة الانقلابيه التشبهية المتماهية مع النموذج الاعلى، بلا اي عنصر فعالية ذاتي يمكن التوقف عنده سوى الاستعانه بالخاصية التكوينيه الكيانوية لمجتمع الدولة التاريخي المنزوع التفاعلية والاصطراعية الداخلية، ضمن شروط البرانيه والفعل من خارج المكان رضوخا لنموذج مطلوب نقله،وبين حالة الانبعاثية الراهنه خارج الاله ومفعولها الابتداء، المطروده من المقاربة لتعديها الطاقة العقلية المتاحة على الاحاطة، والحاصلة في القرن السادس عشر، قبل بدايات العمليه الانقلابيه الالية الاوربية بصيغتها الاولى "المصنعية"، لنصبح في غمرة دورة تاريخيه/ آليه تكنولوجيه/ ثالثة بعد دورتين يدويتين، تعذر فيهما لنقص في المتوفر الضروري، ماديا واعقاليا، تحقق النموذجية المجتمعية فوق الارضوية، اصل ومبتدا الظاهرة المجتمعية ومنتهاها.
هذا والغالب المتوقع المستحيل هنا، احتمالية الذهاب الفوري للنطقية، واسباغ الطبيعه والخاصية المحركة والقابعه خلف الانبعاث الحالي، بعد دورتين ناقصتي النطقية، كمثل الذهاب الخارق وفوق الممكن في ساعته، لاعتبار الحاصل من قبيل الانتقال الى المجتمعية العقلية، مع اعتبار انتهاء الطور اليدوي بمثابة انقضاء اجل نوع معين من المجتمعية، انتهت وظيفتها، الامر الذي اوجد تناقضية احتدامية كبرى بين المجتمعية القائمه الاوربية الارضوية الازدواجية الطبقية، عالية الديناميات ضمن صنفها المجتمعي، والتي انبثقت الاله المتجاوزة لها فعالية بين ظهرانيها، وبين اداة الانتقال المجتمعي النوعي الاعظم غير المكتمله الكينونه ماتزال، بما يعني كون الغرب ليس اكثر من تمهيد غير مكتمل العناصر، ولايستقيم كينونة تفاعليه وتعبيرا مع الانقلابيه المطلوبة والمضمرة، بما يضع غيرها، المجتمعية اللاارضوية، بموقع الغاية والهدف المتلائم مع سياقات الانقلابية المجتمعية الراهنه، فهل كان او هو اليوم حتى واردا باي شكل، الاعتقاد بان الانقلاب الالي هو انقلاب رافديني شرق متوسطي، كتب له ان يغرق ابتداء وسط طور وحالة من التوهمية الكبرى المخالفه للحقيقه، ولطبيعة الانقلاب التاريخي الحاصل.
يصل الامر بواحد من المع المحسوبين على الافكار الحداثية في مصر، حد القول باندهاش:"ياالهي مصر جزء من اوربا" وهذا مافعله الدكتور طه حسين حين عاد لمصر من زيارة لاوربا ووجدها تعاني وطاة مرض الكوليرا، والشخص نفسه عبر عن اعتقادة الجازم بان المجتمعيات الاصطراعية مثل العراقي هي مجتمعات اقل "حضاروية"(2) مقارنه بتلك السكونية الاجترارية التي امضت قبل وقت غير قصير، اربعة قرون تحت الهيمنه العثمانيه عرفت خلالها 150 واليا، كانوا يعينون من الاستانه بفرمان دون ان يعرف اي اعتراض او حتى اعلان عن عدم الرضى عن واحد منهم، بينما قل من بين من وضعوا بموقع حكم بغداد العاصمة الامبراطورية المنهارة، من مات على فراشه، الظاهرة التي استمرت الى الغزو الابادي الامريكي 2003 .
البشرية مجتمعيتان تظل تحت طائلة منظور واحد، يجعل الظاهرة المجتمعية موجودة بلا ولادة، في حال تصير تستغرق تفاعليتها الرحميه المفضية للولادة، فلا تبدا علائم الطلق، ويصير الصراخ النطقي الاول واقعا، الا بعد ان ينتهي الطور اليدوي الرحمي بعد احتدام اصطراعي انتقالي عالي التوهميه، مابين متبقيات اليدوية، والاليه الذاهبة تحورا الى التكنولوجيا العقلية، الجنين المودع بين تضاعيف الوجود الحي، والاكثر حضورا ووجودا اصلا في الموضع الابتداء التبلوري المجتمعي في الشرق المتوسطي، وتحديدا في ارض مابين النهرين، والمكتوب عليها مواجهة اعلى مايمكن تصوره من اشكال القصورية العقلية المتجدده، والهيمنيه الساحقة الافنائية، المعجونه باشتراطات الانهيارية والتردي التاريخي الموضوعي، المنوط اصلا باليات الانتقال والصعود الكبرى، حين هيأ هذا المكان بازدواجيته ونهوضه في الدورة الثانية مابين القرن السابع والثالث عشر، اسباب الانقلابيه الاقتصادية التجارية عالميا وعلى المنقلب الاوربي حيث الديناميات الارضوية العليا تحديدا، لتبدا من هنا آليات استكمال التفاعلية التجارية الذاهبة الى الالية الصناعية، قابلها كما هو قانون الدورات والانقطاعات الرافديني، انهيار انقطاعي تاريخي هو الاخير خلال الطور اليدوي.
وتلعب التقابلية التاريخيه الشرق متوسطية الاوربيه ومحطاتها، دورا اساسا في تامين البنية الاعتقادية الحداثية المقابله للغرب من موقع الشعور بنوع من التساوي او المضاهاة، فالمنطقة تعرف انها كانت قبل قرون ليست بعيده استمرت حتى الثالث عشر، مركزا حضاريا متقدما عالميا، وهي مركز فعالية كونيه وحضاريه بدئية اسبق من الاخيرة، مامن شانه جعل التساؤل" لماذا تاخرنا وتقدم الغرب؟" من قبيل المقوله العملية، لولا انها ترد من دون اعتبار (لمابعد) اي لما يتعدى الغرب الحالي والطور النهوضي المتلازم مع الثورة الجزيرية الابراهيمه الاخيرة، لا التماهي المتمثل بالصيغة و النموذجية الغربية، ما يفترض التفريق بين "تقدم الغرب" و"تاخرنا" كذاتيتين تاريخيتين، كانتا ووجدتا في التاريخ منفصلتين متباينتين نوع محركات واسباب، وصنف تعبيرية، مابين فلسفية ارضوية نخبوية اغريقية، ولاارضوية كونية نبوية ابراهيمه، هي من اخترق الاخر مجتمعيا وسكن بين تضاعيفه الى اليوم، مع تباين الوسائل والاسباب، بين الامبراطوريات والانصبابات الكيانوية باتجاه شرق المتوسط، وبين نوع الرد الاختراقي المجتمعي العقيدي اللاارضوي.
الاهم في كل هذا هو المتغير الحاصل خارج محركات التقابلية التارخية المعتادة بصيغتها اليدوية، اثره ونوع فعاليته مجتمعيا، مع اخذ التباين البنيوي بالاعتبار، وهنا تظهر واحده من اهم قصورات العقل الابتدائية، اذ يظل مجهولا الاثر البنيوي الطاريء على التفاعلية البنيوية المجتمعية الاصل اليدويه، بما هي ( كائن بشري/ بيئة)، الى ( كائن بشري / بيئة/ آلة) وهي عنصر جديد طاريء مختلف، تتغير بموجبه الاصطراعية التشكلية المجتمعية بدخول عنصر مستجد من خارجها ومن غير طبيعتها، مايجعل من الفاصل من وقته العودة الى النوع المجتمعي الاصل ونمطيته، بما لايترك اي مجال بعدها للتغاضي عن الانشطار الازدواجي اللاارضوي / الارضوي مجتمعيا، بحثا عن مسارات الاصطراعية التفاعلية المجتمعية وانواعها بعد حضور الاله، حتى نتعرف على اشكال التفاعلية الطارئة في الحالين والصنفين، اللاارضوي والارضوي، كل ومدى قربه او بعده تلاؤما مع المستجد الانقلابي الفاصل، بحثا عن سلامة المسار المجتمعي والوعي به، بظل الانقلابيه الكبرى الواقعه بما هي الاصل الواجب التركيز عليه، وليس التوهمات الصناعوية الاليه التي كرسها الغرب دالة وهمية اعتباطية على الحداثة والعصر.
ـ يتبع ـ
***
عبد الأمير الركابي

 

في المثقف اليوم