آراء

الخلفية التاريخية لتضامن جماهير نادي السلتيك لكرة القدم مع الشعب الفلسطيني

ترجمة: عزام محمد مكي

***

هذه ترجمة: لكلمة القاها شاب ايرلندي يعيش في مانشستر (يصف نفسه كجمهوري ايرلندي).  تعرفت على الشاب من خلال المشاركة في التظاهرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني التي تنظم في مركز المدينة في يوم السبت من كل اسبوع منذ تشرين الاول 2023، بالاضافة الى التظاهرات المناطقية. من خلاله تعرفت على الخيط الذي يوثق تضامن جماهير نادي السلتيك في غلاسكو، كجزء من تضامن الجماهير الايرلندية مع نضال الشعب الفلسطيني.

بمناسبة بدء مباريات كرة القدم في غلاسكو لهذا الموسم، دعى هذا الشاب الى تجمع تضامني مع الشعب الفلسطيني. وقد حضرالى هذا التجمع عدد كبير من المتظامنين. واما هذا التجمع القى هذا الشاب كلمة القت الضوء على الرابطة النضالية للشعب الايرلندي مع الشعب الفلسطيني.

 ***

يمكنهم قمعكم، يمكنهم سجنكم. لكنهم لن يكسروا روحكم أبدًا.

غزة، طولكرم، نابلس ....لن تمشون وحدكم أبدًا

(ترجمة للشعارات التي ترفعها جماهير النادي)

نادي السلتيك لكرة القدم: لقد تم تأسيس نادي السلتيك في مدينة غلاسكو (سكوتلندا) من قبل المهاجرين من أجل المهاجرين. وهم الناجون من الإبادة الجماعية التي خطط لها البريطانيون... من عام 1845 إلى عام 1852، حيث قُتل ثلث سكان أيرلندا، ونُقل ثلث آخر إلى أستراليا الاستعمارية، أو على متن سفن نقل الجثث إلى أمريكا أو فروا على متن قوارب نقل الماشية إلى بريطانيا.

لم تكن هناك حاجة لذلك. فقد تم شحن آلاف الأطنان من الحبوب والماشية إلى بريطانيا بينما كان الملايين يتضورون جوعاً. ولم يتم تقديم أي إغاثة.  ولم تصل أي مساعدة لأمثالنا. وادعى ملاك الأراضي والأرستقراطيون الغائبون، الذين لم تطأ أقدام معظمهم أرض أيرلندا قط، "حقهم الممنوح من الله" في غنائمهم الاستعمارية وثمار الإمبراطورية.

إنها صورة تكررت في مختلف أنحاء العالم.  العبيد السود في أفريقيا، والسكر والروم في منطقة البحر الكاريبي، والقطن الذي كان يُرسل من العبيد في أميركا إلى الهند لإنتاج الأفيون، ثم إلى الصين، وكل هذا من أجل الشاي والفضة.

كانت أيرلندا بمثابة الوقود الذي يغذي أفران الدم في الصناعة. الرجال والنساء والأطفال. المناجم والمطاحن والعمل لمدة 18 ساعة، مقابل ما يكفي من الخبز لإبقائهم على قيد الحياة حتى يتم العثور على بديل.

في الطرف الشرقي من غلاسكو كانت الأحياء الفقيرة الكاثوليكية الأيرلندية مروعة.

ولكن وفي عام 1887، شرع الأخ ويلفريد، وهو قس كاثوليكي، في إحداث تغيير. فقد تأسس نادي سلتيك لكرة القدم بهدف واحد: استخدام الأموال من مبيعات التذاكر لإطعام الجوعى والأطفال والعاطلين عن العمل.

بعد مرور أكثر من مائة عام، ها نحن ذا، ولا تزال نفس الروح الإنسانية حية حتى يومنا هذا.

لا تزال أيرلندا غير حرة. ولا تزال هناك ست مقاطعات تحت الحكم البريطاني الاستعماري، ولا يزال نضالنا من أجل التحرير مستمرًا. ومع ذلك، فإننا كمشجعين لنادي سلتيك نرفض أن نغض الطرف عن أولئك الذين يعانون تحت نير الحكم الأجنبي والتطهير العرقي. إن تحرير فلسطين يحتل الصدارة في أذهان كل مشجعي سلتيك.

أتذكر الاقتباس الشهير لأسطورة نادي السلتيك تومي بيرنز الذي قال: "إنه أكثر من مجرد فريق كرة قدم، إنهم يلعبون من أجل قضية، من أجل شعب".

هذه القضية هي قضية أيرلندا وقضية فلسطين أيضًا، وهي قضية كل المجموعات والشعوب المضطهدة في العالم.

في عام 2016، واجهنا في دوري الأبطال فريقًا فظيعًا من إسرائيل. وبدلاً من التطبيع مع الهمجية، دافع مشجعوا نادي السلتيك عن مبادئنا وغطوا ملعب نادي السلتيك ببحر من أعلام فلسطين كما فعلوا مرات عديدة.

وعلى اثر ذلك فرض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم غرامة على النادي قدرها 8600 جنيه إسترليني. مصمما على عدم الخضوع للإسكات، اطلق الفريق الأخضر حملة "ادفع الغرامة من أجل فلسطين".  وبعيداً عن دفع الغرامة فقط، نجح مشجعوا نادي السلتيك، ومن خلال تبرعات صغيرة من الناس العاديين، في جمع مبلغ مذهل قدره 176 ألف جنيه إسترليني لصالح الجمعيات الخيرية في فلسطين.

تم تقسيم الأموال بين مؤسسة المعونة الطبية لفلسطين ومركز عايدة الرياضي في بيت لحم. ومن خلال نفس روح الخير التي شكلت نادينا، ولد فريق جديد: عايدة سلتيك أو لاجي سلتيك كما يُعرف الآن.

إن هؤلاء الأطفال في الضفة الغربية، الذين يعيشون كل يوم تحت المراقبة العسكرية المستمرة، والمضايقات، والمداهمات الليلية للمنازل، والاعتقال التعسفي، والغاز المسيل للدموع، وإطلاق الذخيرة الحية - كل هذا يعرفه الشعب الأيرلندي جيداً.

ومع ذلك، ورغم كل الرعب والمعاناة التي تحيط بهم، فإن كرة القدم تمنحهم فرصة للتحرر من هذا الواقع. فهي تعيد إليهم إنسانيتهم وحريتهم التي حرمتهم منها سياسة الفصل العنصري الإسرائيلية ـ ولو لبضع ساعات في الأسبوع.

نسمع دائمًا عن السلبيات في كرة القدم، لكننا نادرًا ما نسمع عن قدرتها على أن تكون قوة للتغيير، وقوة للخير، وقوة للمقاومة والتحرر.

بالاستفادة من تجربتنا التاريخية المشتركة، في أيرلندا وفلسطين، يمكننا أن نتعاون معًا لإحداث الفارق.

إن التضامن هو فعل بسيط من أفعال المقاومة التي يمكننا جميعًا القيام بها. فمجرد التواجد هنا اليوم، وارتداء اللونين الأخضر والأبيض، والتلويح بالعلم بفخر، يحدث فرقًا لا يصدق. ولهذا السبب يكرهوننا. بغض النظر عما تقوله الحيوانات، وبغض النظر عما يفعله هؤلاء البرابرة على أرض الملعب اليوم، فإننا نعلم أننا نضع أنفسنا على الجانب الصحيح من التاريخ.

***

 

في المثقف اليوم