آراء

توفيق التونچي: سباق تسلح أم سباق من أجل الفناء

(وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ).. سورة الملك: 10

 هل يتجه العالم الى الهاوية والفناء كنتيجة لسباق التسلح ووجود مجانين يعلنون الحرب واخرون يتاجرون بها ومصانع تربح؟

 منذ نهاية الحرب العالمية الأولى تغير الخارطة الجيو- سياسية لدول العالم وظهور دول وطنية جديدة وقوى إقليمية وعالمية جديدة وسباق جديد وحرب باردة. هذا المادة لا تطرح فكرا سوداويا بل واقعيا كنتيجة حتمية للتطور الهائل في عالم صنع وإنتاج أسلحة الدمار الشامل وسذاجة العقل البشري خاصة بين هؤلاء من قادة دول العالم المستهترين بحياة شعوبهم حيث يعلنون الحرب دون دراسة العواقب والنتائج وبمبررات اقل ما تكون سخيفة وغير عقلانية. هذا بالإضافة الى القوى المتطرفة والتي أصبحت تستحوذ على أموال طائلة ستمكنها من شراء تلك الأسلحة في القريب وان كان هذا القريب بعد ٥٠٠ عاما وباستخدامها ستنهي جميع مظاهر الحياة، البيئية، البشرية، الحيوانية، البحرية، النباتية، الفضائية وووو كوكبنا الأرضي.

ان قدرات تلك القوى المتطرفة، السلبية وسقف تفكيرهم الواطئ الذي بات فكريا في أدراج التاريخ، لا، ولم يحمل اي معنى عقلاني التفكير ، حكيم سوى كون تلك الأفكار جزء من التراث الإنساني وخرافات وأساطير تعود الى دهور خلت لن تقاوم وتندثر حتما امام اي تغير واكتشاف علمي يدحض تفكيرهم ويقوض مكانتهم في أبراجهم العالية.

إن مجموع ما يصرفه دول العالم لشراء السلاح من ميزانيتها الدفاعية الوطنية وما يكلف إنتاج تلك الأسلحة في المصانع بإمكانها وبصورة كافية كي تمحو الفقر وتقضي على الأمية والتخلف بين جميع شعوب الدنيا. ناهيك عن إمكانية ربط دول العالم بشبكات من الاتصالات والمواصلات رخيصة وتقديم الخدمات المجانية من متطلبات المعيشة والسكن والخدمات الطبية والتعليمية لكافة سكان الأرض، وإنشاء مختبرات للكشف المزيد من الاكتشافات العلمية والطبية لخدمة بني البشر. فتمعن قارئي الكريم كيف سيكون الحياة في كوكب العدل والمساواة لجميع بني البشر.

لا ريب ان الرفاه الاقتصادي والاجتماعي ونشر التعليم له تاثير مباشر واخر غير مباشر على مجمل نواحي الحياة لسكان الارض . والقضاء على الفقر سينعش الدورة الاقتصادية لاقتصاديات الوطنية لجميع دول العالم وينشر السلام والوئام على المعمورة. حين تلغى الحدود وتصبح حركة البضائع والاموال والبشر وامور اخرى كثيرة وحرية دون اي قيود.

اما مصانع تلك الأسلحة والمعدات والصواريخ وكل ملحقات الصناعة والتصنيع العسكري فتتحول الى الانتاج السلمي لبناء البنى التحتية لدول العالم اجمع. كل ذلك التقدم سيؤدي الى اختفاء الفوارق بين الشمال والجنوب ويبات الفقر مصطلحا تراثيا تاريخيا وجفت منابعها كما حصلت مع الإمراض المستعصية والأوبئة تلكم التي كانت تعصف بالبشرية وتبيد وتفني شعوبها كالطاعون والكوليرا والملاريا والجدري و كورونا.

لا ريب ان مستويات الجريمة ستنخفض الى درجات سيكون فيها السجون والمصاريف المترتبة عليها من محاكم ورجال قانون وشرطة وحماية ستزول او تبقى منحصرة في معالجة جرائم مستحدثة تخص ذلك العصر اكثر اهمية وخطورة على البشرية. قد يعتبر البعض ان هذا العالم الذي وصفته من باب الخيال العلمي او كما صوره أفلاطون في مدينته الفاضلة ومن الامور الغيبية ومحال التحقيق او الوصول اليها. لكني اجزم لكم قارئي الكريم ، بان هناك حتمية تاريخية في زوال البشرية اذا بقى سباق التسلح واكتشاف أسلحة جديدة تدميري و نووي وجرثومي وسايبرنتيكي يؤهل اي مجنون من استخدامها.

لا يوجد اي مستقبل للبشرية الا اذا ساد السلام النفوس وتغيرت السلوكيات الشريرة عند بعض البشر و سار الجميع على هدي العقل. اما باستخدام العنف والقتل والإبادة للبشرية سنزول من الوجود ويبقى سطح الكوكب الارضي ماؤى للصراصير والنمل.

***

  د. توفيق رفيق التونچي - الأندلس

2024

 

في المثقف اليوم