نصوص أدبية
جميل حسين الساعدي: قصيدتان في الحب والجمال
تحيّرتُ منْ شوقي إليك ِ ولوعتي
أنارُ جحيم ٍ أنْت ِ امْ أنت ِ جنّتي
*
تلاقينني والقلب ُ يرقصُ نشوة ً
وارجع ُ مهموما ً أنادم ُ حَسْرتي
*
وتبديْين َ لي في ألْف ِ حال ٍ وصورةٍ
فأيّة حال ٍ سوف َ ترسمُ ريشتي
*
أكفكف ُ أحيانا ً دموعي وتار ة ً
أ ُغرّدُ مثْل َ الطيرِ من فرْط ِ فرحتي
*
وأهرب ُ منْ لقياك ِ لكنني أرى
خيالك ِ قُدّامي كأنك ِ كعبتي
*
وأغفل ُ عنْ ذكْر ِ الهوى متناسيا ً
فتلسعُني ذكراك ِ لسْعة َ جمْرةِ
*
فتسخر ُ بالنسيان ِ ذاكرتي وقدْ
صَحتْ خطواتي عنْد َ موطئ عثرتي
*
وأرجع ُ منْ حيث ُ ابتدأت ُ كعادتي
أُفكّر ُ ما بين اشتياقي وخيبتي
*
أحاذر ُ ممّا قدْ يجئ ُ به ِ غد ٌ
فيغرقني التفكير ُفي كلّ خطوةِ
*
أخاف ُ من الأيام، منْ دورانها
يفرّقنا عن بعضنا دون َ رجْعة ِ
*
فقدْ تقتل ُ الحُب َّ الشديد ّ حماقة ٌ
وقدْ يُطفئ ُ الأشواق َ بعضُ تعنّت ِ
*
فتصبح ُ دُنيا العاشقين َ مملّة ً
وباردة ً كالثلْج ِ مِنْ غيرِ جذوةِ
*
أخاف ُ بأن ْ تجري الرياح ُ حبيبتي
بغير ِ الذي قدْ أمّلتْهُ سفينتي
*
ويُلْغي شراع ٌ مُرْغما ً خط ّ سَيْرهِ
وترمي بنا الأمواج ُ في كل ّ وجهة ِ
***
أعيدي إلى نفسي الأمان ّ وحاولي
بأنْ تنقذيها منْ شكوك ٍ وحَيْرةِ
*
أريني الغد َ الآتي حنانا ً وعالما ً
مِنْ العطْف ِ لا مِنْ كبرياء ٍ وقسْوةِ
*
كما أنت ِ كوني فطرة ً وبراءة
فإنّك ِ لَوْ تدرين َ أجمل ُ لوحة ِ
*
بقيّة ُ حُب ّ في فؤادي تشدّني
إليك ِ فصونيها بلمْسة ِ رقّة ِ
*
فإنْ أنت ِ أبديْت ِ التسامح َ مرّة ً
سيكبر ُ في قلبي الهوى ألف َ مرّة ِ
*
أشيح ُ بوجهي عنك ِ وجها ً مقنّعا ً
وأهواك ِ حتّى الموتِ وجه َ حقيقة ِ
*
ولي أمل ٌ أنْ يرجع َ الحبُّ صافيا
ويفتح َ أبواب َ السماء ِ بكلمة ِ
*
فنرقى إلى حيث ُ الأعالي تضمّنا
كنجمين ِ من تلك النجوم ِ البعيدة ِ
*
نسافر ُ في كون ٍ من الضوء ِ ساحر ٍ
فنحن ُ بلا حُب ّ مجرّد ُ طينة ِ
*
هو َ الحب ّ نورُ الله فينا وإنّهُ
عزاء ٌ لنا في عالم ٍ متزمّت ِ
*
وبالحب ّ أغنى الناس ِ نحن ُ وإننا
لأطول ُ عمرا ً منْ حياة ٍ قصيرة
لا تشغليني بالحديث لأنني
في الصمتِ يشغلني الهوى الغلابُ
*
وأرى الجمالَ إذا صمتُّ مفكرا
إنَّ الحديث َ عن الجمال ِ حجاب ُ
*
إنَّ التفكّر َ في الجمال ِ عبادة ٌ
تجلو الفؤادَ فتُفتح ُ الأبواب ُ
*
الحسْن ُ معنى ً كالمحبّة ِ ساكن ٌ
أعماقنا لا صورة ٌ وثياب ُ
*
إنّي ليبلغني التفكّر ُ نشوةً
أضعاف َ ما تاتي به ِ الأكواب ُ
*
كُثْر ٌمحاريبُ الجمال ِ وإنّما
الكون ُ كلُّ الكون لي محراب ُ
*
سألوا : أأنت ِ حبيبتي فأجبتُهم ْ
بالصمْت ِ، فالصمْت ُ العميق ُ خطاب ُ
*
إن َّ الإ جابة َ حين َ يفتضح ُ الهوى
عبث ٌ ، ففي بعض ِ السؤال ِ جواب ُ
*
ولكم أثاروا في غيابي شكّهم
لِم َ قدْ عشقتُك ِ؟ ما هي َ الأسباب ُ
*
إنّي أحبّك ِ هكذا بتجرّد ٍ
معنىً ، فما الأسماء ُ والأنسابُ
*
في الحب ِّ تنصهر ُ الفروق ُ ويختفي
نَسَب ُ الحبيب ِ وتسقط ُ الألقاب ُ
*
لا شئ َ غير ُ الحب ِّ يجمعنا معا ً
إنْ لم ْ نعشْه ُ فإنّنا أغراب ُ
***
جميل حسين الساعدي
...........................
* هاتان القصيدتان من مجموعتي الشعرية (طقوس) الصادرة عن دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة جمهورية مصر العربية






