نصوص أدبية
هادية السالمي: نَضَيْتُ ثِقالَ الكُدَى

كأنّ وشاح السّراب يُوَشِّي سديم المدى.
كأنّ مداه جراحُ الغياب ومَهْوَى الرّؤى.
كأنّ صهيلَ السّراب سحابٌ يَسُحُّ الصّدى.
وإنّي اُنَمِّي ضياء الكروم
بأغنيتي.
وأغرس في الرّملِ نَوْلِي
وأوْتارَ أجنحتي.
وإنّي أُعَتِّقُ ثوبَ النخيل
لِيَعْتِقَني.
وأَرْتق وجه المرايا بجفني
لِيَجمعني.
وأقطفُ من دَخَنِ الماء سقفا
يُدَثِّرُني.
*
وهذي المداخن حوْلي
تُهَجِّرُ أكوام أحذيتي
تُهَجِّنُ عطري وأرغفتي،
وخرائطَ لي.
وتوغل في نهش قوْسي
وإعطاب أمتعتي…
*
كأنّ وشاح السّراب يُوَشِّي سديم المدى
كأنّ مداه جراحُ الغياب ومَهْوَى الرُّؤى.
وما مِنْ ضمادٍ لِشَرْخِ شراعي
وأعمِدتي.
وما أوْقَدَتْ لي على الطّينِ أَيْدٍ
لِأَقتنِصَ البِشْرَ مِنْ وحشتي.
وما مِنْ يَدٍ أَسْرَجَتْ فَرَسي
لِأُعَمِّدَ صَرْحَ غدي.
وأبحث عنكم ،
عساني أُسَرُّ بمرأى المدى…
*
كأنّ صهيلَ السّراب سحابٌ يَسُحُّ الصّدى،
وهمْسُ التّراب شهيق شريد،
صَلاه الدُّجى …
يقول:
" أَ يا مَنْ جَذَلْتُم بذاك الفحيح
وبسمةِ ذئبٍ عوى،
وقلتُمْ : " نراكَ غَوِيًّا،
وإنّكَ مِمَّنْ غوَى،
وإنّكَ رُغْتَ،
وما أيْقَظَتْكَ صُكوكُ الهدى… "
وقلتمْ : " أيا أرضُ! طيبي،
حَبَتْكِ الحشودُ بِنُعْمَى،
وطوْقِ ندى،
ووجهُكِ بالوَجْدِ يَمَّمَهُ الباشقُ الْوَلِهُ،
وأنَّى تُصَدُّ له نَشَوَاتٌ وما قد نَوَى؟؟؟ "
*
وإنّي لَأَدْري
بِأنَّ النَّقِيقَ دعاه لِمَا قد هوَى …
وها قد رَضِيتُ بِمَا قد رَضِيتُمْ
مِنَ المنتدى…
وإنّي أَنَخْتُ نِيَاقي حِذاكُمْ
لِأَجْلِ السُّرى.
ولَسْتُ رَضِيتُ قُعُودًا،
ولَكِنْ نَضَيْتُ ثِقالَ الكُدَى…
***
بقلمي : هادية السالمي دجبي - تونس