نصوص أدبية

مجيدة محمدي: وجه في مرآة مزدوجة

تتبدّلُ الأشياءُ كما لو أنَّها تجرِّبُ وجوهَها على مهلٍ،

تستبدلُ ألوانَها كما تستبدلُ الغيومُ رغبتَها في المطر.

كأنَّها لا تثقُ بالثباتِ،

ولا بالإنسانِ الذي يُراودُها عن أسرارِها.

*

الأكوابُ التي شربتَ فيها نسيانَك،

صارتْ تنظرُ إليكَ بشكٍّ،

كأنّها تشكُّ في صدقِ عطشِكَ،

وجهُكَ الذي تعرّفُه في الصباحِ

يُصبحُ غريبًا مع المساءِ،

عينُكَ تكذّبُ مقلتها،

والمرآةُ تصيرُ نصًّا آخرَ عنك،

نصًّا كتبهُ الغيابُ بالحبرِ المعكوس.

*

كم مرّةً خُلِقتَ من رمادٍ لم يكنْ رمادَك؟

كم مرّةً انقلبتَ على ذاتِك كما ينقلبُ البحرُ

على نبوءةِ الريح؟

كم مرّةً أعدتَ ترتيبَ خرائطِ قلبِك

لتكتشفَ أنَّ الجهاتَ استقالتْ من مجالها ؟

*

الأشياءُ لا تموتُ...

إنّها فقط تُبدّلُ عاداتِها في الحياة.

الكرسيُّ الذي شهدَ انهيارَك الأوّل،

يُصافحُ الآنَ ضحكتَكَ ببرودٍ،

والبابُ الذي صدّكَ عن الدّاخلِ،

يستضيفُ اليومَ حضورك الباهت.

*

كلُّ شيءٍ يختبرُك.

حتى الريحُ التي مرّتْ على كتفِك،

كانتْ تُجرّبُ معنى اللمس.

كلُّ شعورٍ يشيخُ حينَ يُسمّى،

وكلُّ رغبةٍ تُصبحُ حذرةً حينَ تُقال.

*

في دورةِ الأهواءِ،

تتبدّلُ المسافاتُ بينَ الحنينِ والعزوف،

بينَ الاحتراقِ والبرود،

كأنَّك صرتَ مقيمًا في منفى الأضداد،

لا أنتَ فيك،

ولا ما حولكَ حولَكَ.

***

مجيدة محمدي

في نصوص اليوم