نصوص أدبية
مصطفى علي: بينَ الرُوَيْبِضةْ والهَبَنّقَةْ

مُتَعلّقاً بِعُرى الطُغاةِ وَيَدّعي
شَرَفَ المسيرِ مع الأُباةِ طَريقا
*
لَبِسَ القِناعَ تَنَكُّراً لكنّما
نَسَجَ الرِباطَ مع الفلولِ وَثيقا
*
وَيُبشّرُ الطاغوتَ جَنّةَ رَبِّهِ
إذ رامَ للبلدِ السعيدِ حَريقا
*
أَفَهَلْ يرى الطاغوتُ غيرَ جهنّمٍ
كم جائرٍ طلبَ الجِنانَ فَعيقا
*
عَجَباً لِمَنْ مَنَحَ الخؤونَ ولاءَهُ
أيَصيرُ للجبَلِ العنيدِ صديقا
*
مُتَناسِياً أنَّ المُسَمّى سادِرٌ
لَمْ يَتّخِذْ غيرَ اللعينِ رَفيقا
*
بِهُتافِ إمّعَةٍ وراءَ مُخادِعٍ
غَرِقَ الهَبَنّقُ في الخِداعِ عَميقا
*
كَمُهَرْوِلٍ جَهلاً وراءَ رُوَيْبِضةْ
شَدّتْ على عُنُقِ الهَبَنّقِ زيقا
*
حتى تهافتَ غفلةً وسذاجةً
عَبَثاً أعاتُبُ ساذجاً وغريقا
*
وبها غدا كالببّغاءِ مُحاكياً
وَيَهُزُّ ذيْلَ التابعينَ رَشيقا
*
يَجْتَرُّ من دَجَلِ الحَداثَةِ زيْفَها
وَيُعيدُ دوراً في الرياءِ عَريقا
*
لَعَنَ الخيولَ الصاهلاتِ مُفضّلاً
نَزَقَ الضفادِعِ قَفْزَةً ونَقيقا
*
ماذا أحدّثُ يابلقيسُ عن سَبَأٍ
قد أسكرَ القاتُ الرخيصُ صفيقا
*
لَيَشُمَّ من رِئةِ الكَذوبِ زفيرها
ويهابُ من رِئةِ الصدوقِ شَهيقا
*
يَرِثُ الضغينةَ للكرامِ قساوةً
ويدورُ في فَلَكِ القُساةِ رَقيقا
*
كَرِهَ الأُلى رَفضوا الهَوانَ لِأنّهم
عَشقوا الفِداءَ حقيقةً وَحقيقا
*
زَعَمَ الخلائقَ بالسجونِ خَليقةً
وَنَزيلَها بالمُهْلِكاتِ خَليقا
*
وَكَذا زنازينُ الأسى قَدَرُ الورى
لِجَحيمِها زُجَّ الأنامُ وَسيقا
*
وَرأى طَواغيتَ العُروشِ على هُدىً
وَ دَمَ الرَعيّةِ ساءَها فَأُريقا
*
أفتى : خنوعُ الجائعينَ فَريضةٌ
وَلَإِن بِها طحنوا التُرابَ دقيقا
*
وكذا السكوتُ عن المظالمِ حِكْمةٌ
فَحَذارِ أنْ يَعِيَ الورى وَ يَفيقا
*
قد صار من خَدَمِ الطغاةِ مُردّداً
نَغَمِ البِطانةِ جوْقةً وَ فَريقا
*
مُذْ ضيّقوا حولَ الجياعِ منافذاً
متوسّلينَ مع المجاعةِ ضيقا
*
هَدَموا على خيرِ الطيورِ منازلاً
فَلَكمْ تُواري ياغُرابُ خَنيقا
*
نشقَ الغبارَ مع الرَمادِ على الطِوى
وَزَعيمُهُ حَلَبَ الزُهورَ رَحيقا
*
أَيَظُنُّ مَنْ تحتَ الرُكامِ صغارُهُ
سَيَعيشُ حُرّاً طائراً وَ طَليقا
*
أَتَغُضُّ سمعَكَ عن هديرِ دمائهم
لِتَزيدَ من هَذَرِ الدَعيِّ زعيقا
*
وتعضُّ شاهِدِةَ الشهيدِ ولَحْمَهُ
وتخافُ من دَمِهِ الزَكيِّ بَريقا
*
مُسْتجْدِياً عندَ الأنامِ مَدائحاً
لِتَبُلَّ في دَبَقِ المدائحِ ريقا
***
د. مصطفى علي