نصوص أدبية
عدنان الظاهر: الخريفُ الأكبرُ

ألحَقَني بالعهدِ المُتبقّي من سالفِ أزمانِ
يوري أولاعي قَدْحا
ويُصيخُ السمعَ لآذانِ عريقِ النسيانِ
هلْ اُوقفُ هذا المجرى وأَصُدُّ السيلَ بأنماطِ الحِرمانِ؟
البُعدُ النائي حقٌّ لا يقبلُ شكّا
ويُحوِّلُ سيرَ الركبِ من الأوّلِ للثاني
شتّانَ وإنْ كلَّ المتنُ وشقَّ عصاةَ الطغيانِ
فتحمّلْ عفوَ الخاطرِ والمغزى
نأيٌ أفضلُ من لؤمِ الكائنِ في الإمكانِ
يُطفئُ لا يُشفي لا يُجدي نَفْعا
فتأقّلمْ والحسرةَ في دقِّ المسمارِ
هَدفٌ أبعدُ من حَسَراتِ النفسِ ومن صدِّ المطرودِ
لا شَغفٌ يتنقّلُ بينَ العينِ اليُمنى واليُسرى
كسرابِ الدورةِ في دُولابِ طواحينِ الأهواءِ
أبعِدْ عنّي عِبء الضغطِ على بابِ الأحيانِ
الشمعُ الأحمرُ أجزاءٌ تتفاوتُ شتّى
الردُّ القاسي في جردِ المردودِ وقوفٌ أقسى
مالي والشمعةُ في عينِ الباكي قنديلٌ أعمى
أخشى تمزيقَ عهودٍ مرّتْ سهوا
لا أدري فرَّ الجسرُ وخانَ النهرَ وبَدَلَ معنى المجرى !
أسرعَ من قرعِ سقوطِ الشمسِ على أثوابِ الطقسِ
هيهاتَ وهيهاتا
النأيُ مسافةُ شبرينِ فهَبْني ساعةَ ترويضِ الشمِّ
حتَى تطغى أوداجُ الملحِ وتصفّرَ الشطآنُ
اللوحةُ في العَتمةِ صفراءُ
لا ظلٌّ فيها لا أثرٌ للوجهِ الثاني
لا تفتحُ للبابِ المسدودِ جوانحَ قلبٍ خفّاقِ
كشفُ الآفاقِ السودِ مصيرٌ مجهولُ
إرفعْ عُمُداً فالقاني كالنائي
وطبولُ السفرةِ شوقٌ موجيُّ العَبَراتِ
واحمِلْ لوحوشِ البحرِ الضاري قنديلا ...
الكوكبُ تدليسُ
الموجُ يئنُّ أنينَ خريفِ الحيتانِ
إذْ تمخرُ عِبءَ الماءِ وتستجلي سِرَّ فصولِ الطُوفانِ
وسلاسلَ من غيمِ الضيمِ
قالوا لا تُشرِعْ صاري الإقلاعِ
البحرُ عجيبٌ إنْ شقَّ عصاةَ الإبحارِ
الكوكبُ تدليسٌ والدُنيا دولابُ خريفٍ دوّارُ
يخبطُ أحلامَ الرؤيا خَبْطاً عَشوائيّا
ويُصفّي فصلَ الماضي بسقوطِ الأوراقِ الصْفرِ
دارتْ أو لا حَلْقاتُ الدرسِ القاسي ونوءٌ يجتازُ العامَ فصولا
لا مِنْ حدٍّ يحدوها لا مِنْ ساعٍ يُحصي دقّاتِ الأنفاسِ
ظِلٌّ يبقى مهما طالَ جلوسُ الجُلاّسِ.
***
عدنان الظاهر
أيلول 2025