نصوص أدبية

صادق السامرائي: إبداع وإبداع!!

الهرولة وراء عطاء الآخرين الذين لا قيمة ولا ذكر ولا دور لهم في مجتمعاتهم، يشير إلى مأساة حضارية معاصرة مروعة في واقعنا الثقافي.

فنأتي بالنكرات وذوي الأصوات الخافتة من الذين أصدروا كتابا هنا أو هناك، وما أسهل إصدار الكتب، لأنها تجارة وما يهمها الربحية وحسب، والعديد من دور النشر تعلن وتتوسل بمن لديه نية تأليف كتاب، ومستعدة لطبعه ونشره، شريطة أن يدفع الثمن مقدما ويؤمِّن ربحيتها.

كتب وكتابات يتم نقلها للعربية، وتقديم مؤلفيها على أنهم من المبدعين الكبار والمفكرين الأفذاذ، وهذا ليس واقعيا ولا يمتلك مصداقية، وإنما يتماشى مع أوهام ورغبات وتصورات الناقل لهم.

وبموجب ما يشعر به الناقل، وما يتراكم في دنياه من المشاعر السلبية تجاه ذاته وموضوعه، فأنه يتجه نحو الآخر، ويحسبه يأتي بما يشافيه من علله النفسية وإضطراباته السلوكية، التي يريد عكسها على المجتمع.

فإختيار نص أو كتاب، وبذل الجهد لنقله إلى العربية، ينم عن دوافع ونوازع كامنة في أعماق الناقل، وإلا لماذا إختار ذلك دون غيره.

ومن الواضح أن المشاعر الإنكسارية فائقة، وتجعلنا نحسب ما نقدم عليه من دراسات وبحوث، مهما كانت ضعيفة، لا تكتسب المصداقية إن لم تستند على مصادر أجنبية، أما إذا إستندت على مصادر عربية بحتة، فأن قيمتها ستكون قليلة في أعين الباحثين والقراء.

وعلى هذا المنوال يتواصى البعض بما هو أجنبي ويضعه في مقامات عالية، وهو لا يساوي شيئا في مجتمعاته، ويُنظر إليه على أنه من هوامش الإبداع، أو الهراءات اللازمة للبوح الذاتي لصاحبه، لكن من بيننا تبرز حالات محكومة بعللها فتتلقف ما هو عليل وتنقله إلينا، على أنه حالة فريدة تستحق أن نذوب فيها ونعبر عن منطوياتها المتآلفة مع مجتمعاتها أو متعاطفة معها.

وما عليك إلا أن ترفع رايات الحداثة وتأتي بما هو غثيث!!

صداهم كيفما قالوا نطقنا

تركنا أصلنا وبهمْ عَجِبنا

ولا ندري لماذا لا نَراها

موائلنا وما شَحَتْ علينا

إذا الأقوامُ من غُدُرٍ تساقتْ

ستنكرُ رافداً يجري الهوينا

***

د. صادق السامرائي

 

في نصوص اليوم