نصوص أدبية

حامد عبد الصمد: للغيوم أشرعة ورحيل

قبل أن آوي إلى فراشي

فتحتُ النافذة

لأسترجع تفاصيل أيام بعيدة

فجأة

رأيتُ قمر الأمس، دنا وتدلّى

قلتُ أهلا..

ورحتُ أرحّب بهذا الزائر

فالزمن ليس شيئاً مجرداً

بقدر ما هو، مجموع الوقائع التي تشكّله

غير أنّ الزمن قد يفلتُ منّا

ولكنّي..وأنا بين..بين

تناهى إلى سمعي صوت أنين

قلتُ: ها هو أيقاع الأعوام

واستفقتُ وحدي

على تخوم ايام الصبا

واللحظات الهادئة الخجولة

بعيدا عن عجاف السنين

في طفولتي، كنتُ احبُّ المطر

أنظر إليه، بمحبّة وحميمية

أحدّق في السماء

أغيبُ في تأملاتي

على مخدة الخير

اتدبّر امري بطراوة ملامحي

أرى الغيوم

وقد أسبلت جفونها

لتلمّ شعاع حلم المطر

وتترك ضفافها، تفيض بحنان

لأرض الفقراء، والمساكين، ولكلّ الناس

قطرات.. قطرات

تتهادى تغسل- بمودّة - أوراق الشجر

وتبارك سعف النخيل

وتبلّل كل المساحات بخضرتها العاقلة

انها مواصفات للحياة، بلا ظلال قلق

انها لوحات، بحقول من ضوء، يلوّن أفق الزمان

تضمخت ْبعليل هواء أبي الخصيب

كنتُ أحسّ بسعادة، بشكل متوازن

بعيدا عن مرافئ القلق والغبار

كأنّني بحلم جميل

وللحلم رائحة البساتين، والشعر

ويمضي بي الوقت

في أرجوحة الأمل البعيد، القريب

كأنّي أضمّ الأرض، أشمّ عطرها بعد المطر

بل كأنّي مواويل العشب الأخضر

الذي ظهر بغتة

بعد أن أشرقت الشمس

وراحت تخترق جدران الغيوم

وتضيء قريتي بأشعتها الملونة

مرحّبة بالطيور لكي تستريح

بشرفات سماويّة جديدة

بجدائل من حبّ...

على افق من نجوم

وأنا بين شوق يحطّ هنا

وشوق يطير.. هناك..!

أمنح نفسي فهما ً جديدا، للخير والجمال

بعيداً عن ظمأ العشق

وسراب العاشقين

ومضت أقدامي تسير

وتسير

تطير مثل طيور المساء

تسافر بين بلاد أحلامها

على شجر البوح

تاركة قشرة الأيّام الخاليات

فهي قادرة على أنْ تضمّ إلى صدرها

ضفائر النخيل.. وأوراق السدر

لتحّقق الحبّ...

والسلام والهناء

وتأبى الخضوع، لغير الله تعالى

***

حامد عبد الصمد البصري

في نصوص اليوم