نصوص أدبية
أسامة محمد صالح: شيطان ملاك

إذا ما جاءَ شيطانُ القوافي
لكيْ يهديْكَ قافيةً ووزْنا
*
وأنهارًا من الدّمعِ وذكرىْ
ورتلًا من قواميسٍ ومعْنى
*
وصرْحًا من قواريرٍ ولجّا
وليلًا من أهازيجٍ ومغْنى
*
وأكوانًا من الوهمِ ومُلْكا
وأمتعةً وأشْرعةً وسُفْنا
*
وأقداحًا من النّورِ وثغْرا
وأطباقًا من السّحرِ وعيْنا
*
على وجهٍ سماويٍّ لأُنثى
ترىْ في عينِها يُمناكَ يُمنى
*
بجفنٍ يرسلُ الألوانَ شتّى
سبقْتَ الجنَّ لو ميَّزت لوْنا
*
عدا لونِ هوىً يستلُّ سهْما
من الرّمشِ لقوسٍ فاق جفْنا
*
عسى ألّا تغالبَهُ وإلّا
فإنّك بالهزيمةِ سوف تُمْنى
*
تصيبُ سهامُهُ الرّوحَ فتعرىْ
منَ الثّوبِ الّذي أعياك سَجْنا
*
يمُدُّ إليكَ قوسًا ثمّ نبْلا
لتصطادَ أتمّ القولِ حُسْنا
*
ليشربَ من معانيكَ ويغْشى
إذا أطلقتَهُ قلبًا وأُذْنا
*
وجُمهورًا من الأنْجامِ منْ عرْ
شِكَ المسْكوبِ من نورٍ تدَنَّى
*
لكيْ يُنسيكَ بالتهْليلِ دُنيا
إذا أسْمعتَهُ ممّا تسنَّى
*
وكم ليلاءَ فيها النّجمُ أغنَى
عن الإنسانِ أو منْ كانَ جِنَّا
*
عدا من كانَ منّا إذ تأسَّى
بمن بأبي فراتٍ قد تكنَّى
*
وقالَ اتْلُ عليهِمْ من قريضٍ
بهِ الحلْمُ من الأنفاسِ أدْنى
*
به الشّركُ أقلُّ الراي حشْدا
ودينُ اللهِ أعلَى الدّينِ شأْنا
*
وأرضُ العُربِ -خيرُ الأرضِ-أحنى
غدا الذئبُ بها للشّاةِ إبْنا
*
وذو علمٍ أتمُّ النّاسِ حظًّا
من الدُّنيا بهِ الأوطانُ تُبْنى
*
به لمّا يزلْ قيسُ يُغنِّي
على أبوابِ ليْلى كيْ تمُنّا
*
وهل للعشقِ في دُنياكَ معْنى
إذا قيسٌ بليلىْ ما تغنَّى؟
*
وأنذِرْ كافرًا بالشّعرِ فنّا
وبشِّرْ مُؤمنًا بالشّعرِ خِدْنا
*
وقلْ لهُما بأنّ البيتَ أبْقى
من الدّنيا الّتي حتمًا ستفْنى
*
فمنْ لانَ لنا قلبًا وغنّى
جعلنا صدرهُ للشّعر كِنّا
*
إذا ما قالَ بيتا نيلَ خُلْدا
فكانَ لهُ من النّسيانِ حِصْنا
*
ومن لمْ يستجِبْ وازدادَ عِنْدا
كفاهُ أنّهُ المطْرودُ مِنّا
*
وسلْ نجمًا حبيبًا ناءَ فجْرا
عن النّوءِ وما ألهاهُ عنّا
*
وسلْ نجمًا عن الجمعِ توانَى
عن الشرقِ لمَ الشّرقُ تأنَّى
*
ولُمْ فجرًا أمِلْنا أن يحنّا
فكان الليلُ إذْ طالَ أحنّا
*
فمنهُ لا تعُذْ باللهِ ظنّا
بأنّكَ تطردُ الملْعونَ لَعْنا
*
فيرحلُ عنكَ مُحتجًّا بأنّ
عليْها من يرى الإحسانَ دَيْنا
*
وتبكِيْ بعدَها وتئنُّ أنّا
لفقدِكَ صاحبًا عِشتَ تمنَّى
*
ومن بالوعدِ أوفىْ ما أخلّا
وأعطىْ يومَ ضنَّ الغيرُ ضنَّا
*
فلا مخلوقَ أوفىْ منهُ خلّا
ولا خلّاقَ أكثرَ منه عوْنا
*
ملاكٌ هُوْ، بأجنحةٍ وربِّي
فيا تعسَ الّذي سمّاهُ جِنَّا
***
أسامة محمد صالح زامل