نصوص أدبية
جاسم الخالدي: طريق لا يغيب

سَنا الذكرى بقلبي لا يزولُ
ودمع الشوق من عيني هطولُ
*
سَنا الذكرى يُناديني طويلًا
فأمضي حيثُ ينتظرُ السبيلُ
*
تخاطبني الليالي الممطراتُ
خطابًا لا يُجَامِلُهُ الأفُولُ
*
ويهتفُ في ظلامِ الليلِ طِفلٌ
يُرتِّلُ في حناياهُ العويلُ
*
على هذا الطريقِ مشيتُ يومًا
يرافقُ خطونا ظلٌّ ظليلُ
*
ضحكنا كيف جئنا والربيعُ
على أعتابِهِ حانَ المقيلُ
*
وهِمتُ بوجهها، والنورُ يسري
على قسماتِها سحرٌ أصيلُ
*
سرَتْ أنسامُها تُحيي شُعوري
ويَهْمِسُ في خيالي ما أقولُ
*
تراقصَتِ الخطى شوقًا وَحُبًّا
وفي أهدابِها يغفو العليلُ
*
تطلُّ كأنها فجرٌ تجلَّى
وفي العينين وَعدٌ لا يطولُ
*
فذي أيَّامُنا تمضي سِراعًا
ويبقى في دجى الذكرى الذهولُ
*
سقاني حبُّها كأسًا كذوبًا
وما أدري، أيدركني الرحيلُ؟
*
أعودُ لذا الطريقِ وليلُ وجدي
يُؤرِّقُني، وصبري مستحيلُ
*
كأنَّ خطى هوانا لم تبارحْ
وفي أنفاسيَ العطرُ الأثيلُ
*
فيا قدري، أما أنصفتَ قلبي؟
أما آنَ الرجوعُ، أما السبيلُ؟
*
إذا ما الليلُ أرَّقني شُجُونًا
يُسامرها من الذكرى خليلُ
*
ألمَّ بخافقي طيفٌ جميلٌ
يُناجيني، فتَغمرني النخيلُ
*
تُرى، هل كان ما نحياهُ وهماً؟
وهل في البعدِ يُنصفنا الدليلُ؟
*
أيا ليلَ المنى، صبري تشظَّى
ولا يجدي معي نسبٌ أصيلُ
*
سأمضي فيكَ، تحمِلُني أمانٍ
فإن غابَ المنى، فالمستحيلُ!
***
د. جاسم الخالدي