نصوص أدبية

عبد العزيز قريش: أيها المارون على درب موتي

إهداء

إلى الأحياء الأموات

***

أيها المارون على درب موتي، تذكروا أني ما مت إلا وأنا نادم؛

على أني منكم.

تائه في الدرب، أبحث عن اسم من أسمائي،

تلاشى مع أول خيط ضوء أشعلتموه في قاع الدرب،

سيجارة حشيش،

دخان عود في معابد الأعراب،

بخار حلم، تبدد على الرصيف،

يتقصى أثري.

وأنا أمشي في الطرقات غريب المكان،

هو مني براء،

وأنا منه بين الألم والرجاء،

روحي بين أضلعه وهو مني عباء،

يستوطنه الجفاء،

وروحي فناء،

في البقاء،

***

أيها المارون على درب موتي، تذكروا عيوني، مرايا أعراب تعكس صمت أسرار حكاياتي؛

كلماتهم أوهام، ترقص على أطراف جسدي،

المسجى بين الحياة والموت،

يعيش يوما؛ كي يموت ألف يوم،

ويموت ألف مرة؛ ليعيش مرة،

بالقناع،

الاختفاء،

وعديد الوجه،

فلا تقل لي؛ أني حي! فأنا في عالم الأعراب معلق الوجود،

بين الحياة والموت،

أزرع أحلام الأوهام في تربة الملح،

أسقيها بدمع المقل، ودم العروق،

أرصد ظلها في جفاف الروح،

وسراب الصحراء،

***

أيها المارون على درب موتي، لا تركضوا خلف أحلام الوهم، فهي سوى اسم من أسمائي،

أنا الأعرابي المولود من لب أفكاري،

أبني قلاع الأجداد من الأوراق، وجريد النخيل،

أنام في عسل العذاب،

أنظر سمائي منفى حياتي، موتي بالحياة،

وأسأل الوجود من أنا؟

وما معنى وجودي؟

هل أنا؟

الأعرابي!

حي لأني أتنفس الهواء؟

أم أن حياتي؛ موت حياتي، تقدس في الحياة؟!

وموتي في الحياة لا تنفى إلا بالموت؟

أفنى نصف حياة، وأموت في النصف الثاني بحياتي،

فأنا من الأحياء الأموات في سفر التكوين،

فلا الفناء أفناني،

ولا الحياة تبقني من الأحياء.

***

عبد العزيز قريش

فاس في: 06/12/2024

في نصوص اليوم