نصوص أدبية

سوف عبيد  : سيجُ الألوان

إلى محمود قفصية

قُماشٌ آخرُ…نَسيجُ وَحدِهِ

صَديقِي

فِي عَليٍّ مِنَ الأرضِ مَرسَمُهُ

حينَ تَرقَى الشّمسُ إليه مِنْ جِهةِ البَحر كلّ صباحٍ

تَغزل حَولهُ خُيوطًا

مِنْ أبيضَ وأصفرَ

فَتَستحيلُ ستائرَ ضوءٍ

ومَسرّةٍ

هُنّ الجنّياتُ الجميلاتُ

مِنْ ألوانٍ وأنوارٍ

بَصَمنَ اللّمسةَ الأخيرةَ

عندَ أسفل اللّوحةِ

ثمّ رُحنَ

واحدةٌ منهنّ فقطْ

تلكَ التي

مِثلُ يَمامةٍ وحَطّتْ على الدّواةْ

طارتِ الأوراقُ في مِنقارها

ثم اِمتدّتْ إليهِ

فَجَنَّحَ الفنُّ

بالفُرشاةْ

*

طقسٌ آخرُ…فَصْلٌ وحدَهُ صَديقِي

فِي عِزّ الشّتاءِ يفتحُ أزرارَ مِعْطفِهِ

ويَهمِسُ للرّيحِ

ـ هذا صَدري…هَيَّا اُنفُذِي هيَّا

ثمّةَ في القلبِ عَواصِفُ

لم تَصلْ رَغمَ الزّوابعِ

إلى مَدى اليَمّ

الرّحلةُ أمتعُ مِنَ الوُصول

وقالَ

ـ ثمّةَ أغصانٌ لم تُزاوجْهَا اللّواقِحُ

وثَمّةَ كثبانٌ تنتظرُ فَوَاتَ الهُبُوبِ

لتَرحلَ بالقَوافل إلى الأقاصِي

هُنالكَ في المَدى

بَعدَ الفَيافِي

نحوَ الشّمال كان صَديقِي يمضِي

غير أنّنا نلتقِي دائمًا

عندَ الجَنُوبِ

*

وَترٌ آخرُ…ومَقامٌ وحدَهُ صديقِي

يُرفْرِفُ كلّمَا شَدّهُ العِشقُ فراشةً

حَوْلَ حَقلٍ مِنْ عِنَبْ

يَرشُفُ مِنْ دَواليهِ أشهَى الكُرومِ

ويُقدّمُهَا أغنيةً

لِمَنْ يُحِبْ

وَقَابَ قَوسَينِ أو أدنَى شُرفتُهُ مِنَ البَحر

هُو الرّاقِصُ دَومًا

بينَ اللّهَبْ

*

طائرٌ آخرُ... سَماءٌ أخرَى صَديقِي

تُوَشّحُ ريشَهُ النُّجُومُ

فتَلوحُ ظلالُها عَلى كفّيهِ

بنقَائشِ الأمَازيغِ الأوائِلِ

وخُطوطِ الكُوفةِ والقَيروانِ

عندئذٍ قُلتُ لهُ

ـ اُكتُبْ

قال ـ مَا أنا بكاتبٍ

قلتُ له ـ اُكتبْ

قال ـ ما أنا بناسخٍ

قلت له ـ اُكتُبْ

فتناولَ الرّيشةَ

ورَسَمَ

*

سَمِّ اللّوحةَ مَوّالاً

مِثْلَ التِي لمْ تأتِ…قُلتُ

أسَمِّي اللّوحةَ ليلَى

تلكَ التي مَا أخلفَتْ وَعدًا…قال

ثُمّ وقّعَ عندَ زاويةِ اللّوحةِ

ـ مَحمود قفصية -

***

سُوف عبيد

في نصوص اليوم