نصوص أدبية
أحمد عمر زعبار: لـمـاذا؟
لماذا الحياةُ
تقاسمها الزيفُ والسيفُ والخوفُ... آلهةٌ وطغاةُ
يبيعُ أقساطها للعبيدِ سماسرةٌ، أباطرةٌ، مسخُ أنبياءٍ وأمواتُ
لماذا
نصيبنا منها عناقُ الفراغِ، سحر الخرافة والذكرياتُ
ذكريات الذين مرّوا على الأرضِ فوق السيوف وتحت السيوفِ
وألّه سيفَ الطغاةِ الرواةُ
*
لماذا؟
حياتنا وهمٌ والخرافة واقعُ
أفراحنا اكتمال السرابِ
خدعة الكلماتِ لإخفاءِ موت بطيء وأمسٍ مريضٍ وجرحٍ فائضٍ بالعذابِ
وغزاة يطردهم غزاةُ
ونحن الذينَ هزمتنا مبادئنا
عشنا في الظل خلف الهزيمة لأن الناس أقنعةٌ
ونرفض أن نرتدي الأقنعة
لماذا
خلقنا من المطلق الرحب
ونرضى قيود الأساطير
لنصبح في وهمها أمتعة
*
خُلقنا من هبة الريح والعواصف أجنحةً تسابقُ أجنحة
لكنّ حياتنا
نزيف بين حربٍ وحربٍ
ونحن الجنودُ ونحنُ الضحايا ونحن الأيادي والأسلحة
*
لماذا الله غايتُنا
هو القصدُ هو الغرضُ
لكنّ شيوخنا خَللٌ
أدياننا مرضٌ وإيماننا مرضُ
لماذا
كل الذين وعدونا الخُلدَ
قصفوا أعمارنا وانقرضوا
*
لماذا طريقنا إلى الحبِّ
مُسيّجةٌ بالجسد وما ترك الحور فينا من بصمة النار في الطين
لماذا
لنا ألف وجهٍ ووجهِ
نحبُّ الجواري، نسبُّ الجواري
نحبّ البلادَ، نسبُّ البلادْ
نحبُّ الفرح، ونقضي أعمارنا في حدادْ
نحبُّ الإله ونسعى إليه ونعبده من طريق الفسادْ
*
لماذا
هم اشتعال الحياةِ نورا ونارَا
ونحن الهشيمُ ونحن الرمادْ
*
لماذا مازلنا من أوّل الماءِ في الكهف
كهفٍ من الطينِ، كهف الرعاةِ
ننهشُ أيّامنا في عنادْ
وما زلنا من عهد نوحٍ وهودٍ وعادْ
لم ندرك المعنى إلاّ غموضًا
ولم ندرك الفرق بين العبيد وبين العبادْ
*
لماذا
طريقنا إلى السراط المستقيم
مُعوجّة، ملتوية بلا خرائط أو فضاءٍ أو أفقْ
من نفقٍ إلى نفقْ
نفتش عن شمس تضيء الغموضَ، تضيء الطرقْ
*
لماذا
نقدّس الله، الملائكة، القرآنَ
ونحتقر الحياةَ، نحتقر الإنسانَ
نعيش في خيمة الموتِ
نهين دنيانا وننتظر آخرة لا تأتي
*
لماذا؟؟؟
***
أحمد عمر زعبار
شاعر وإعلامي تونسي مقيم في لندن