نصوص أدبية
جودت العاني: الحقيقة..!!
شعر بخدر كبير في ساقه اليمنى. وحاور نفسه، قائلاً: لـِمَ لا تذهب خارج هذا القفص الذي ليس فيه إلا مخرج ضيق لا مجال لتغييره، هو هكذا منذ ان كنت طفلا تحبو.. اخرج الى المقهى خارج الزقاق وتنفس غير الذي تتنفسه كل يوم خليط من رائحة البصل والغبار ورائحة الحمام التي لن تتوقف.. اخرج وإلا سيدب الخدر الى قدمك الأخرى وربما يتسلق إلى رأسك.
ألا تسمع؟
نعم، سأخرج كما تريد..
لا كما تريد أنت..!!
حسناً كما نريد نحن الإثنين.. واضاف، ألم نكن واحداً؟
انتزع قدميه وتسلل خارج تلك الفتحة الضيقة من الجدار واصبح وجها لوجه أمام الزقاق.
توكأ على الجدار وأسند ظهره لكي ترتاح قدمه اليمنى، ثم عاود السير المتعرج.
كان يتمتم بصوت منخفض.. لقد ضاعت هكذا ضاعت، اختفت ولم يعد لها وجود، يا للخيبه.
سمعه بعض الشبان عابروا الطريق بإستغراب، وبفضول سأله احدهم..
يا عم، هل أضعت شيئاً؟
نظر في عينيه وقال نعم اضعتها..
وهل هي ابنتك زوجتك؟
اكثر من هذه وتلك؟
ماذا تعني، هل اضعت اموالك ياعم؟
ما فقدته اثمن من الأموال وكنوز الأرض؟
ارتسمت على وجوه الشباب اكثر من علامة استفهام واستغراب، وقال احدهم :
هل تريد ان نساعدك في العثور عليها؟
كلا، إنها ضاعت، لقد إنساحت من بين أيدينا وتلاشت ونحن نعرف ذلك وساعدنا في ضياعها.. نعم نحن شركاء في ضياعها..
ولكن، ما هي التي ضاعت ياعم؟ دعنا نعرف؟
نحن جمياً نعرف.. انا اعرف انها ضاعت وانتم تعرفون أنها ضاعت والجميع مرعوب من بقائها تنير بضوئها دهاليز العقل.. إنها الحقيقة.. الحقيقة التي فقدناها وشيعناها، ونخاف من ظلها لحد هذه اللحظة ولا نمتلك الجرأة على ذكر إسمها..
كفو عن أسئلتكم؟ انكم تعلمون ولكنكم خائفون.. تخافون الإفصاح حتى عن إسمها.. اتركوني اردد إنها ضاعت وأنتم شهود على ضياعها..!!
***
د. جودت صالح
15/10/2024