نصوص أدبية

جاسم الخالدي: حوار مع الريح

أَصبَحتُ الآنَ أَقوَى

استَجمَعتُ ما لَدَيَّ مِن سِنِين

وَحَسَرتُ رَأسِي

بِعِصَابَةِ أُمِّي

وتَحَزَّمتُ

بِحِزَامِ أَبِي

واسمُ جَدِّي الَّذِي وَرِثتُهُ عَنهُ

وَلَطَمتُ الرِّيحَ عَلَى وَجهِهَا

وَأمَرتُ حِصَانِي القِرمِزِي:

أَحمِل عَلَى الرِّيح؟

لَا يُقَلِّلُ عَزِيمَتَكَ

عَوِيلُهَا المُزَيَّف

فَمَا زِلتُ أَرَاكَ وَحِيدًا

بَينَ مَن عَرَف

كَيِفَ يَتَعَلَّمُ لُغَةَ الرِّيح

وَيَتَحَاوَرُ مَعَهَا

بِضَربَاتٍ عَنِيفَة؟

أَتَعَجَّبُ كَثِيرًا

حِينَ أَرَى دَمعَتَهَا

وَلَكِن مَا أَن

تَهبُّ عَلَى الفُقَرَاءِ

تَحمِلُ مَعَهَا كُلَّ كُثبَانِ الصَّحرَاءِ

وَتَذرُوهَا فِي أَعيُنِ

طِفلٍ نَائِم

نَسِيت أُمُّهُ أَن تَعصِبَ عَينَيهِ

يَا إِلَهِي:كَيِفَ أُقنِعُ الرِّيح

أَلَّا تَهبَّ فِي اللَّيَالِي البَارِدَة

وَأَلَّا تَحمِلَ كُثبَانَ الصَّحرَاءِ

فِي اللَّيَالِي الصَّيفِيَّة

وَأَلَّا تَمُرَّ عَلَى أَجدَاثِ

الفُقَرَاءِ

فَلَيسَ هُنَاكَ مَا يُقَدِّسُ الأَحدَاثَ

سِوَاكِ

أَيَّتُهَا النَّائِمَةُ فِي آخِرِ الطَّرِيق

وَرِثتُ مِنكِ

زِيَارَةَ المَقَابِر

وَالاحتِفَاظَ بِتُرَابِ

قَبرِ أَبِي

مَاتَت وَلَم تُصَدِّق

أَنَّ المَوتَ قَد لَا يَتَوَانَى

أَن يَختَارَ

أَصغَرَ الأَقمَار

ضَعِي ذِرَاعَكِ تَحتَ رَأسِه

وَلَا تَنسِي أَن تُغَطِّيهِ

فَمُذ كَانَ طِفلًا

لَا يَنَام

إِلَّا وَالوِسَادَةُ فَوقَ رَأسِهِ.

***

د. جاسم الخالدي

في نصوص اليوم