نصوص أدبية

فؤاد ناجيمي: أسبوع جنائزي

في رثاء شاعر مجهول

لقد مات

فدعونا نحبه

قالوا

وانفضوا كلاما حول الشاهد

*

قال الأول:

كان يضيء العبارة

سليل ذكرى هو الآن

والنساء يعشقن خلوته

بين عريهن والمجاز

شكل آخر لليله هن

وهو حتمية إيقاع

فالصعود تناص مع

الهاوية في عزلة

المفردات، كل صباح

يرتب الهوامش على

حافة النسيان ويمشي

بجوار نفسه غيابين وخطايا

*

قال الثاني:

كي تحبي شاعرا

كوني قصيدة يا امرأة

شفافة كغيمة،

جميلة كموسيقى بريئة

واضحة كأنتِ

وقت السر والتجلي

وتعلمي منه وصف

نهدك الصغير، ولا

تندهشي إذا ما قبله

قد تكبري فيه ويرجع

إليك من حليب أمه

حين يمتد به الطفل

إليه، حالة استثنائية

بين الشعر والحلمات

لم يكن يحب الصور

لم يكن إلا ما قال

خاليا من الأثر الخارجي

والداخل يفيض به

وسلمه حيث السجايا

*

قال الثالث:

لا الأشياء في التردد

تعجبه

ولا ما بعد المرآة

ويرى الجمال

في تلقاء البحر

كان صديق كل شيء

القطط، الشوارع،

الأعداء، الكلاب،

مرارة القهوة،

السجائر، البسطاء،

الجنود، المطر ، العاهرات

حتى الحروب والطغاة

وكل عنده ضحايا

*

قال الرابع:

هنا

جلس ذات نفسه

مع الرحيل

من قمر إلى قافية

وجنازة بعد جنازة

يدرب لغته على

الاحتمالات، فالموت

كنه الأبد وما قد

يفسر معانى الجسد

فيه نلتقي بنا في

آخرين يحبوننا

بعد خلاف عاطفي

يسمى شغف الحياة

فما أدركنا ما اللحظة

ولا قدسنا النهاية

*

قال الخامس:

يرحل دائما

إلى حلمه ويعود

خلسة حينما الحب

يحبها،

قالت أحبك والخيال

يحاصر الواقعي

سنلتقي قرب الشاطئ

هناك  نعد المساء

بين جسدين ونبتعد

عن صخب المجاملات

أنت شاعري

وأنا القصيد

لا تشبههم... فالأشباه

آفة تأبى الفطرة

واليأس استراحة مؤقتة

من عبئ المسافر،

كل الموانئ تُفضي

إلى اسمك العابر

من البحارة إلى النبيذ

وما رؤياك إلا مد

والجزر يؤنس البقايا

*

قال السادس:

سيد من أسياد

الهامش، لا ينحني

أبدا، وبعيدا كجزيرة

تسكن الليل والغياب

له أن ينأى ويدنو

خارج سياق النص

وكما تشاء له الحكمة

حرا من السطحي

والباطن صرخة تراوده

وتؤجل نخله إلى

أن يقصى الخريف

كي يبعث من الصدى

لماذا لم يسج؟

العصي يتكئ على

محنته ولا يروض،

هي صفة السماء،

كان علوا رغم الرزايا

وما كان كأسلافه

شعراء يمدحون العطايا

*

قال السابع:

هكذا حدثه المعنى

تمر عليك النساء

كما تمر الحياة،

لا مفاجآت،

تصدع ذاكرة من

عطر، شبق يخلو

إلى الدفء تأوها

ثم يمضي يبحث

عن لذة تحت ظل

آخر، تحب نفسها في

الكلمات والصور

لكنها لا تحبهم

وتدعي العشق كل

شهوة وتمتلئ بالبغايا

لا تصدق امرأة تسكنها المرايا

***

فؤاد ناجيمي

 

في نصوص اليوم