نصوص أدبية

مريم عبد الجواد: العودة (3)

"أنظر إلى تاريخي أراه محمّلا بالخسائر. لا شيء جدير بالذّكر مع ذلك، كلّ ما حدث كان بشكل عبثيّ وغير ضروري. أهم أحداث حياتي كانت في الحقيقة محض معارك خضتها مع نفسي ودفعت نفسي لأجلها دون سبب وجيه.."

كانت تخطّ هذه الكلمات في مفكّرتها وهي تلتهم سيجارتها بشراهة. شعرت بأمواج الأفكار تتلاطم بعنف داخل رأسها، تتسارع وتتصارع، بعضها قويّ يفرض نفسه والبعض الآخر يأتي بهدوء ثمّ يختفي. استرخت بعينين نصف مغمضتين بينما أصابعها تمسك بالسيجارة الّتي تكاد تذوب. ثمّ جعلت تنفث دخانها في الهواء برفق في شكل سحب خفيفة تتناثر ثمّ تتلاشى ببطء.

تنفّست بعمق وهي تمدّ يدها بحذر الى الخاتم الموضوع على الطاولة ثم بسطت كفّها وأخذت تحدّق فيه فشعرت أنّ زرقة تلك الجوهرة تستفزّها رغم ارتباط ذلك اللّون عندها بالهدوء والسّكينة عادة وشيء من الحزن اللّذيذ أحيانا. خمّنت أنّ المشي قليلاً سيخفّف من حدّة هذه المشاعر التّي خلّفتها تلك الشّابّة قبل أن ترحل مسرعة دون تفسير واضح فأخذت معطفها وخرجت لا تعرف أيّما وجهة تقصد..

كانت ليلة شتويّة من ليالي ديسمبر الباردة لكنّ برودة الطّقس آخر شيء قد يثنيها عن الخروج فأحكمت معطفها حول جسدها وهي تشعر بالنّسائم تداعبها بلمسات ودّ وتمرّر أصابعها برقّة لاذعة فوق وجنتيها وأنفها. لطالما كانت ليالي الشّتاء توقظ بداخلها ذكريات متضاربة وتولّد لديها مزيجًا من الشّاعريّة والدفء من جهة والوحدة القاسية الّتي التصقت بروحها ليالٍ عدّة من جهة أخرى. وبينما كانت تسير استوقفها مقهى قديم اعتادت ارتياده قبل ثلاث سنوات فشعرت بقوّة عجيبة تدفعها للدّخول رغم شعورها بأنّ قدميها قد التصقتا بالأرض تأبيان الانزياح والمُضيّ قُدُما غير أنّها - وقبل أن تطيل تحليل الموقف- دفعت الباب بهدوء ودخلت وهي تعبر القِلّة المتواجدة هناك متّجهة نحو طاولة فارغة تعرفها وتألفُها منذ زمن وكأنّما تلك الطّاولة قد رفضت كلّ جليس في تلك اللّيلة لعلمها بأنها تستعدّ لاستقبال صديقة قديمة. سحبت الكرسي بحركة آليّة وجلست وقد ثبّتت عينيها بالباب وكأنّما تنتظر دخول شخص ما. وما هي الاّ لحظات حتى جاءها النّادل فقالت دون أن تدير رأسها إليه:

"- قهوة سوداء، رجاءً"

فأومأ الرّجل برأسه مستجيبا وذهب. شعرت بالصّداع يثقل رأسها فدفنت وجهها بين يديها في انتظار القهوة وقد تناهت الى مسمعها نغمات مقطوعة "الخريف" لفيفالدي تنبعث من الجهاز الصغير المخبّأ بزاوية المقهى وكأنّما موسيقى الفصول الاربعة قد تبعتها الى هناك. وبينما هي غارقة في تأملاتها سمعت الكرسيّ المقابل لها يُسحب

"لم أتأخّر، أليس كذلك؟" جاءها الصّوت هادئا وعميقًا كما عهدته. رفعت رأسها ببطء فوجدته يجلس أمامها، كما كان دومًا، ينظر اليها بابتسامته الخافتة. لم تُبدِ أيّ دهشة بل ابتسمت وهي تحدّق بعينيه، نفس العينين بسوادهما الدّاكن ونظرتهما الثّاقبة التي دائما ما تشعر وكأنها تتسلل خلسة وتقرأ اعماقها، ثمّ قالت:

"-كنت أعلم أنّك ستأتي، دائما تعود."

ابتسم وهمّ بالحديث فقاطعه النّادل وهو يضع القهوة على الطّاولة ثمّ غادر. فرفعت ايزلي يدها في إشارة لمناداته ثانية وقالت محتجّة:

"- لم يأخذ طلبك!"

لكنّه أمسك بيدها وقال:

" لا تقلقي، كما تعلمين، لا أحتاج لشيء" ثمّ استطرد مبتسما وقد انتبه الى الخاتم ذي الجوهرة الزّرقاء في اصبعها: " لازلتِ تحتفظين بآخر هديّة قدّمتها لك."

ارتبكت قليلا لكن سرعان ما استعادت هدوءها، محاولة التّمسّك بلحظة تخشى أن تتلاشى. سحبت يدها برفق ونظرت الى الفنجان أمامها ثمّ أطبقت يديها حوله تستشعر دفأه.

"أتعلمين" قال وهو يتّكئ على الطّاولة " كان يوما طويلا، لكنّني انتظرت هذه اللّحظة طوال الوقت."

لم تردّ، فقط نظرت إليه بعمق فتابع وهو يسحب الكرسيّ قليلا ليقترب: "لقد عملت اليوم على تحقيق صحفيّ عن قضيّةٍ مرهقة لكنّها بالغة الأهمّيّة، تعلمين كيف تعمل الشّركات الكبرى على التّستّر عن أعمالها؟ واحدة منها تسبّبت اليوم في تدمير قرية بأكملها جرّاء تسرّب كيميائي. ليس ذلك فحسب بل إنّهم لم يعوّضوا الأهالي حتّى الآن، هؤلاء النّاس لا صوت ينصرهم، لقد فقدوا كلّ شيء منازلهم، أراضيهم وحتّى آمالهم.."

أخذ نفسا عميقا وتابع في أسف: " تحدّثت الى امرأة فقدت ابنيها تباعا بسبب التّلوّث. أخبرتني وهي تبكي بحرقة عن كمّ التّضحيات والجهد الذي بذلته في تنشأتهما. كانت تراقبهما وهما ينموان وتحرص على دراستهما رغم الصعوبات وكأنّما هي بذلك ترعى الأمل الّذي سينتشل عائلتها الصغيرة من بؤسها. شعرتُ بصدري ينقبض وأنا أسمعها غير أنّني إلى جانب الألم رأيت اصرارا عظيما وهي تخبرني أنّها لن تستسلم وأنّها ستحمي البقيّة بأيّ ثمن حتى لو كانت وحدها."

ابتسم ابتسامة خافتة وتابع "هذا الايمان هو ما يجعلني أواصل رغم كلّ شيء. سأحرص على الوقوف الى جانب هؤلاء الأشخاص وكلّ من أجده مظلوما.. تعرفين، ايزلي، كلّ ما أفعله، كلّ كلمة أكتبها، أشعر أحيانا أنّها نقطة في بحر لكنّني أقول لنفسي نقطة واحدة قد تغيّر مسار موجة."

بدا عليها التّأثّر بسبب ما أخبرها به ثمّ نظرت إلى يده الّتي لا تزال على الطّاولة وقالت بنبرة تكاد لا تُسمع: " وأنت، هل تغيّرت؟"

ابتسم بحزن وخفض رأسه قائلا: " ربّما، لازلت أحاول أن أفهم هذا العالم حتّى بعد هذه المدّة الطّويلة، إنّني أستمرّ بتغيير نفسي علّني أناسب الحياة، علّني أستطيع أن أعيش"

تراءت في عينها دمعة عنيدة سرعان ما مسحتها ثم عادت تتفرّس في ملامحه وفجأة انفتح باب المقهى بقوّة واندفعت الرّياح الى الدّاخل فشعرت بقشعريرة تسري في جسدها. "هل تتذكرين؟" وقف قائلا "اعتدنا الخروج والتّسكّع معا في مثل هذه اللّيالي الباردة" ثمّ مدّ يده مبتسما "أترافقينني؟"

ابتسمت ايزلي وهي تنظر الى يده الممدودة إليها، شعور بين الحذر والشّوق يتغلغل بداخلها، ثمّ أمسكت يده وخرجا معا من المقهى.

كان الشّارع يبدو وكأنّه يغفو تحت أضواء خافتة تمتزج مع لمعان الرّذاذ الخفيف المتساقط.

" هل تذكرين عندما رقصنا هنا للمرّة الأولى؟"

" وكيف لي أن أنسى؟" ردّت ايزلي ضاحكة " كُنتَ دائما تجرؤ  على فعل أشياء لا يمكنني تخيّلها."

ابتسم وهو يلفّ ذراعه حول خصرها بخفّة، استعدادا للحركة الأولى. بدأت الموسيقى تتردّد في عقلها كأنّها صدى بعيد، مقطوعة " الرّبيع" وقد استجابت خطواتهما الراقصة للحركة الأولى بألحانها المشرقة المتسارعة الّتي تشبه زقزقة العصافير. وبدأت الحركة الثانية من المقطوعة بانسيابها الهادئ. فاستدار بها بلطف وكأنّهما في رقصة قديمة اعتاداها دون تدريب رغم ما انطوت عليه من عفويّة. كانا يدوران ببطء تحت أضواء الشّارع وكأنّهما الوحيدين في العالم.

شعرت ايزلي وكأنّها في حلم جميل لا تريد أن ينتهي. " هل أنتَ هنا حقّا؟" سألت وهي تنظر في عينيه ونظراتها تشي بشيء من الرّجاء المشحون بالارتباك بينما تتابع خطواتها خطواته.

" أنا هنا بقدر ما تريدينني أن أكون" أجابها بنبرة غامضة تغلّفها ابتسامة لطيفة .

"كيف تعود في كلّ مرّة ثمّ ترحل من جديد وأين تذهب؟" سألته ايزلي بنبرة غلب عليها الحزن والاضطراب رغم محاولاتها للمحافظة على هدوئها.

لم يردّ مباشرة، رمقها طويلا ثمّ أجاب: " أنتِ من جعلتني أعود، ايزلي، أنا هنا لأنّك لم تتركي لي خَيارا"

أرعبتها النّبرة الّتي تحدّث بها ووقعت الكلمات على مسمعها وقع دويّ شديد شعرت به يسحبها من عالم الأحلام الرّاقص.

توقّفت عن الحركة فجأة ونظرت إليه مليّا، شعرت بثقل في صدرها وبكلماتها تتمزّق من حلقها تمزّقا عنيفًا :" أنت لست هُنا حقّا، أليس كذلك؟"

تناهت إلى مسمعها نغمات المقطوعة تتعالى شيئا فشيئا وكأنّها تطغى على كلّ صوت آخر وشعرت بانفصالها عن الواقع وتجمُّد الوقت، لا شيء يتحرّك سوى أنفاسها المضطربة ونظراتهما المتشابكة.

"لماذا الآن؟" سألته

ابتسم ابتسامة باهتة وأجابها: " ربّما لأنّك مستعدّة الآن لتواجهيني..أو لتواجهي نفسك." شعرت بكلماته تمزّق غلافا رقيقًا داخلها لكن قبل أن تتمكّن من الرّد عليها انطفأت الموسيقى فجأة فأغلقت عينيها كأنّما تخشى فتحهما على الحقيقة، إنّها تخشى أن تفتحهما ولا تجده، أن يتلاشى السّراب الّذي جاهدت كي تتشبّث ببقاءه وهاهي الآن تشعر به ينساب من بين أصابعها. حاولت أن تتخيّل صوت خطواته وهو يغادر اذ لا يمكن أن يتبخّر فجأة. لقد كان هنا منذ لحظات، استمعت بشغف الى أحاديثه وشعرت بلمساته.

"سيّدتي، لا أقصد التّطفّل ولكنّ البرد لا يُحتمل وأنت تقفين هناك منذ ساعة تقريبا، ستتجمدين." جاءها صوت النّادل وهو يطلّ عليها من أمام المقهى كأنّما هو ناطق باسم واقع لا تريده.

" وداعا." همست بصوت يائس ثمّ سارت نحو منزلها وقد استبدّ بها الصّداع. عند اقترابها من مدخل المنزل وبينما هي تجترّ أحداث اللّيلة غير قادرة على التّمييز بين ما حدث ولم يحدث لمحت حنين تقترب منها وقد بدت عليها علامات حزن وتيه شديدين هي الأخرى. استغربت لتواجدها في هذا المكان في وقت متأخّر وتوقّعت أن تتوقّف لتحدّثها أو تطلب الدّخول لكنّ حنين اكتفت بأن حيّتها بابتسامة غامضة ثمّ أكملت الّسير نحو المقهى فتابعتها بنظراتها حتّى رأتها تلجُ إليه..

في المنزل، بحثت بجنون عن شيء يمكن أن يمنحها إجابة عمّا يحصل لها. أيّ ذكرى ملموسة تستطيع أن تنقذها من الانفصال العميق الّذي تشعر به لكنّها لم تهتدِ إلى شيء حتّى تراءى لها صندوق خشبيّ متوسّط الحجم تغطّيه كومة من الملابس. هرعت إليه تفتحه فوجدت به بضع صفحات من جرائد مختلفة. تغيّرت ملامحها المتلهّفة وارتسمت عليها آثار الصّدمة وهي تقرأ الأخبار واحدا تلو الآخر.

"طفلة تنجو من حادثة مروعة داخل منزلها..

 نجت الطّفلة ذات السّتّ سنوات من محاولة اعتداء عليها من قبل والدتها، التي تعاني من إدمان الكحول واضطرابات نفسية. الحادث انتهى بمقتل الأم على يد طليقها، الذي يواجه حاليًّا اتّهامات بالقتل المتعمّد.

نُقلت الطّفلة إلى مركز حماية الأطفال."

"الشّابّة ايزلي تُحدث تغييرا في مجتمع الصّحّة النّفسيّة بفضل طريقتها الّتي تمزج بين الفنون والحديث"

" برنامج الطّبيبة النّفسيّة ايزلي لتقديم الدّعم النّفسي للأطفال المحرومين في المناطق النّائية يحظى بدعم واسع"

استمرّت بالتّقليب بين العناوين والصّفحات المتناثرة حولها حتى استقرت عيناها على عنوان " العدل أيضا يمكن أن يُباع" وعنوان آخر " احدى الشّركات الكبرى تدمّر حياة المئات..و السّلطات تقف مكتوفة اليدين.."

تذكّرت تلك القضيّة الأخيرة الّتي حدّثها عنها مرّات عديدة وقد قادته الى الفاجعة الكبرى.

"تمّ اغتيال الصّحفي الاستقصائي "خليل الحسن" بعد مسيرة اعلامية حافلة مساء هذا اليوم في حادثة هزّت الأوساط الاعلامية والسّياسيّة وقد عُثر عليه مقتولا أمام منزله في ظروف غامضة. واشتهر بشجاعته في فضح الفساد وكشف الحقائق ممّا جعله هدفا محتملا للعديد من الأطراف المتضررة من تحقيقاته."

ارتعدت ايزلي وهي تقرأ الخبر. شعرت وكأنّ الكلمات تتسرّب كجمرات تحرق أعصابها وعقلها. أعادت قراءة السّطور ببطء لعلّ هنالك خطأ ما وهي تتمتم في حيرة "المقال بتاريخ الثالث عشر من ديسمبر 2019 اي منذ ثلاث سنوات! هل مات حقّا؟"

امتلأت عيناها بالدّموع لكنّها لم تبكِ بل جلست في صمت يشبه السّقوط في هاوية لا نهاية لها. وقد جعلت الذّكريات تتدفّق متدافعة في عقلها..

أحسّت باعياء شديد وبرأسها يكاد يسقط عن جسدها من شدّة الصّداع فمشت بخطوات متعثّرة حتّى أدركت السّرير وارتمت عليه كأنّما فقدت الوعي..

فتحت ايزلي عينيها اذ أزعجها النّور السّاطع الّذي تسلّل من النّافذة لينكسر على الجدار مع أوّل خيوط الصّباح. نهضت متثاقلة لتُغلق النّافذة واذ بهاتفها الخلويّ يرنّ. رفعت الخطّ دون أن تتكلّم فتناهى الى مسمعها صوت نسائيّ يقول:

" صباح الخير سيّدة ايزلي. أتّصل لأذكّرك بموعدك مع الطّبيب النّفسيّ هذا اليوم على السّاعة الحادية عشر."

أجابت بصوت مقتضب: " أشكرك."

 أغلقت الهاتف ثم جلست الى النّافذة وجعلت تراقب العالم الخارجي بعينين بلّوريّتين. تبدو الحياة فيه هادئة جدّا وكأنّ لا أحد يلاحظ جنونها. بات واضحا الآن أنّ العاصفة الّتي هبّت البارحة لم تمزّق سواها وأنّ العالم لا يهتمّ بالمعاناة الّتي تعيشها فهي مجرّد شذرة ضئيلة من بين مجموعة لامتناهية من الشّذرات الّتي ترتعش كلّ منها وحيدة وهي تصارع عوالمها الدّاخليّة مع أنّ صورتها الخارجيّة ثابتة. تساءلت في نفسها " هل نحن نخلق الوهم أم الوهم هو الّذي يخلقنا؟"

اتجهت بهدوء الى الأوراق المتناثرة في الغرفة وأخذت تجمعها ثم أعادتها الى الصّندوق دون أن يبدو عليها الاكتراث وبعدها أغلقت جميع النّوافذ. ساد السّكون أرجاء الغرفة ولم يبقَ سوى صوت مقطوعة "الشّتاء" يعصف داخلها كعاصفة هادئة. ثمّ تقدّمت نحو الحمّام ببرود شديد كأنّها تعيش لحظة اعتراف بجميع الآلام الّتي تجاهلتها لسنوات. فتحت الصّنبور ببطء وهي تملأ الحوض وتراقب انعكاس وجهها الّذي بدا يحدّق بها شاحبا كأنّها عائدة من معركة عتيدة. جلست على الحافّة تصغي الى الألحان الأخيرة لهذه المقطوعة الّتي رافقتها مدّة طويلة فبدت وكأنّها تصف فصول حياتها. أخذت نفسا عميقا وقالت"لا أعلم متى بدأ الوهم لكنّني أعلم أين سينتهي."

نهضت بهدوء ودخلت الحوض وغمرت جسدها بالماء. غاصت تحته بلا حركة أو مقاومة وهي تستمع بالسّكون المستمرّ والموسيقى تغمر جميع أرجاء البيت.

انتهت.

***

مريم عبد الجواد - تونس

 

في نصوص اليوم