نصوص أدبية

خالد الحلِّي: قصيدتان مِنْ شعر البند

رِسَالَةٌ إلى إبْنِ الخِلْفَةْ الحلِّي

ألا يا أيُّها الحِلِّيُّ، يا (اَبنَ الخِلْفَةِ) المنذورَ  للإبداعِ، دَعْنِي أسْتَمِحْ عُذرَكَ، دَعْنِي أسْمَعْ اليومَ قليلاً  مِنْ تغاريدِكَ في البَنْدْ

بلا لَوْمٍ ولا صَدّْ

بلا أَخْذٍ ولا ردْ

فإنّي لا أروم الآنَ أنْ أعرفَ ماذا في التفاصيلْ

ولا أرجو سوى أنْ يُصْبِحَ الصّبْ

طليقَ الرّوحِ وَلْهانْ

يعيشُ العمرَ  فَرْحانْ

بعيداً عَنْ مراراتٍ وأحزانْ

أَغِثْنِي أيُّها الحِلِّيُّ، واَعْذرْنِي،

فإنّي كُنْتُ ضِلِّيلْ

وكانَ الوهمُ يأتيني

وتأتيني الأباطيلْ

ولكنِّي أَنَا اليومَ

رأيتُ الحبَّ وضّاحْ

فصارَ الحُزْنُ ينزاحْ

وما عدتُ أنا لوّامَ في الحبّْ

فقد أيقَنْتُ إنّ الناسَ أجناسْ

و للعِشّاقِ أرواحٌ

ترى ما لا نرى نحنُ

بإلهامٍ وإحساسْ

أَغِثْنِي أيُّها الحِلِّيُّ، واَعْذرْنِي،

فإنّي لَمْ أكُنْ أُدْرِكُ إنَّ الحبَ نِبْراسْ

يُضيءُ القَلْبَ والدَرْبَ

بِهِ تُسْعَدُ أرواحٌ،

به تَهْنَأُ أنْفاسْ

***

* ويبقى البَنْدُ تَرْتيلْ: مَفَاعِيلٌ.. مَفَاعِيلٌ.. مَفَاعِيلْ    

........................

بِدايَاتٌ .. نِهايَاتْ

بِدايَاتْ

بِدايَاتٌ بِنا تمتدُّ في دربِ نِهايَاتْ

يظلُّ العُمْرُ  فيها حَسْرةً تتبعُ حَسْراتْ

بداياتٌ بلا نَجْوى

نهاياتٌ بلا سَلْوى

وأحلامٌ بلا مأوى

وحزنٌ مِنْ دَمِ الأحْلامِ يقتاتْ

بِدايَاتٌ .. نِهاياتْ

تُسيلُ الدّمعَ مدراراً،

وفيها يُصْبِحُ الدّربُ درورباً، كلّ دربٍ يدفعُ الأرْجُلَ قَسْراً لمتاهَاتْ

تَخاصَمْنا مَعَ الأمْكِنَةِ الهوجاءَ كي نَبْلُغَ درباً لا نُداني بِهِ مأساةْ

تَخاصَمْنا، وما زِلْنا ولَمْ يَحْصُدْ كلانا غَيْرَ  وَيْلاتْ

تَشَابَكْنَا مع الوقتِ، تَشَابَكْنَا، و لايمكن أنْ ننفكَ هيهاتْ

ضبابيٌ هو الصُّبحُ

ومخنوقٌ هُوَ اللّيلُ

وبين الصُّبحِ و اللّيلِ أَضِعْنا

كيفَ تأتينا البداياتْ

وفي أيِّ معاناةْ

ستُلْقِينا النهاياتْ

***

خالد الحلِّي

............................

* إِبْنُ الخِلْفَة الحِلِّي هو الشيخ محمد بن اسماعيل، وكان من رواد شعر (البند)، وأروع من نظم فيه، سابقاً بذلك رواد الشعر الحر (التفعيلة) كالسياب والملائكة والبياتي والحيدري بأكثر من مائة وثلاثين عاماً.

وشعر البند كما يؤكد الأستاذ عبد الكريم الدجيلي، في كتابه "البند في الشعر العربي" هو فن أدبي عراقي نشا في أواخر القرن الحادي عشر الهجري ثم انتقل إلى منطقة الخليج العربي وشاع فيها مدة ثلاثة قرون. ويصف الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي - توفي 1936 م - البند بأنه (حلقة وسطى بين النظم والنثر وهو مستعمل عند الفرس والترك).  ويأتي البند على بحر الهزج وهو:

مَفَاعِــيــلُنْ مَفَاعِــيــلُنْ مَفَاعِــيــلُنْ مَفَاعِــيــلُنْ

و يرى عدد من الباحثين والشعراء أن البند كان بداية مبكرة لكتابة الشعر الحر "شعر التفعيلة"، ولكن باستعمال بحر الهزج دون غيره. وهذا ما يمكن أن يحكم عليه قاريء نصوص البند بنفسه.

 

في نصوص اليوم