نصوص أدبية
مالكة حبرشيد: يحدث أن..
يحدث أن أنادم الجدار
نتنازل في حوار عشوائي.. يكسر رتابة الأيام
الانتظار المتناسل على قفا الصمت
القصائد الساقطة في حضن المواسيم البربرية
والعواصم الهاربة من فسحة الكلام المؤجل
الموت المستعجل.. والدم الـ يبحث عن أرض
تلم الصباحات في رحم الزمن
لتولد بين النارين فجرا.. يفك قيود المأسور من الغضب
*
أرشو الجدار بكاس شاي
فيمنحني الغلبة
وأستكين
*
قد يحدث أن أسابق الشارع
وهو المتمرس في الهروب.. الطاعن في الاختباء
القانع بالمراتب الهزيلة من أجل سيجارة تحرق
ما تبقى في الرئة من دماء
رغيف من حنان الأسلاف.. يدفيء برد الأمعاء
وكل شبر على الرصيف يسأل
عن صبح يعيد للسيف النقاء
*
شدي وثاق الوقت يا مالكة
في الدهاليز صغار يركضون خلف النعوش
والريح زمار تباريح
على قيثارة مكسورة.. يعزف
في مهرجانات ردح.. يغني
تغريبة النوارس.. بعدما شتتها اليباب
الأماني مكلومة تصرخ
: يحيى الوطن
والوطن مقرطس في الجرائد.. متواتر في الرتب
*
يحدث أن تتوزعني المفارق
يشدني البحر المحجور في كف الخليفة
تستدرجني الصحراء المتهاوية نحو نصفها الظليل
في ساحة الجرح أجهضوها
بتروا الرحم الولود وقالوا:
الدنيا لاهية
ولنا فيها نصيب
ألهث في اتجاهين
فتخطفني الصرخات الملتاعة فوق الجبال
تتجاذبني الجهات
والقصيدة تندب حظها السيئ
إذ حضرتني عند فساد الوضوء
*
يحدث كثيرا أن
أصوب الهواء نحو خاصرة الجرح
عل الكون يستعيد ملامحه الوضاءة
أرش الحناء في كل الزوايا لتنخفض حرارة التاريخ
بعد ضربة يأس أصلته بشواظها
فنسي أنه جزء من التراب .. والحجارة والغبار
إبريق الشاي في الركن البعيد ينفث بخاره
مع خيوطه ترتسم في الأفق صور مرعبة
لجنود هاربين من المعركة
أطفال عند ظلال الحافلات يتناوبون على شمة
فتيات يرسمن الطريق بأحمر شفاه على سبورة
نساء يضربن الدفوف عند قارعة القهر
ورجل صبور .. وامرأة جلودة
جبلان من هذه التربة
جدي كان طودا
على قمته يتربع الجشع اليوم
دلى رجليه وعرفه في السماء
يدعو الساقي كي يدير الكؤوس
وجدي لا يبكي
أحفاده يداعبون عظامه العجفاء
والريح تقتلع الأبواب
في فم النار ترميها .. لقمة سائغة
يهتز فرس الموت صهيلا
يزف العرق الباقي إلى المثوى الأخير
وأنا أقتطع من الفؤاد قصيدة
أهديها للأحياء الموتى
للنفس الأخير المجرجر نحو نصل الخنجر
للقادرين على الحقد أكثر
على الموت أكثر وأكثر
وأقول وداعا لأطواري
لأمي التي أثقلت بالأضاليل رأسي
والتمس لي صورة على الحائط
جنبا إلى جنب مع المصفقين
المرابطين على حدود الوطن !
***
مالكة حبرشيد - المغرب