نصوص أدبية
طارق الحلفي: الطَّلقُ
لن نحاججَ ما اعتقدناهُ قويمًا.. دَخلنا كُردستانَ ذات نضال خِفافًا ومنها خرجنا حَيرَةً..
الى كلِّ من شاركني ملحَ الرفقَةِ، خبزِة ذكر..
***
في الأناشيدِ جِراحٌ لِعيوني
وبِقايا لِلغصونِ
كُلّما أدمَيتُ لِلشمسِ أصابيعي
وعادت لي الظنونُ
وَشَمَ الغارُ على زَندي اللّقاحَ
اخضَرٌ صَدرُ الرفاقِ
قَمَرًا يَأتونَ مِن وسَطِ الزّحامِ
حاملينِ المَوتَ مِن عَتْبَةِ داري
يَنحَتونَ الصَّخرَ مِن وَقعِ خُطاهم
كَفّهَم يَنبوعُ ماءٍ وشجرْ
*
تسألوني: ـ؟
أيْنَ أزهارُ الأغاني
في صَباحاتِ المَدارِسْ
وانتِظارِ الفَجرَ في قَلبِ القَرَنفُلْ؟
أين غَنَّتنا العَصافيرُ
مَواعيدًا مَعَ العُشقِ
نُجومًا
وبَخورًا
وألق؟
أين ذَيّاكَ الندى
قُبلَةٌ تَبحَثُ عَن ضَحكَتِها
عُنقودَ سُكَّرْ؟
أين ألوانُ النهارِ؟
: ايّها الهابِطُ في حُلمِ الظهيرَةْ
لا تَسَلني
هُوَ ذا مُستَودَعُ الفَيروزِ
مَذبوحً الشفاهِ
راكِضًا عِبرَ الشّوارعِ
زَنبقُ البَصرَةِ
بَغدادَ
وكُردستانِ يَركُضْ
داميًا عبرَ الشوارعِ
انها كلُّ بِلادي
دَمُها المَهدورُ مَجنونٌ
ويركضْ
فَجرَها المَسبيِّ
مجنون ويركض
نَخلَها المَشدوهِ يَركُضْ
الدَّمُ الصاعِدُ في تَرتيلِ زَهرِ الهَيْلِ
مجنون ويركض
عارِيًا يَصرَخُ في قَلبِ الزّمانِ
: السرابُ في ضِفافِ الفُقراءِ
واختِلاجُ البَحرِ مُرجًا لِخيولِ الأغنِياءِ
انني أتلو عِليكُم
إنني أتلو عليكم
إنني أتلو عليكم
هَسهسات النخل
إذ يَجفِلُ من هَتكِ المَراثي
فانظِروا طَوقَ الحَمامِ
مَسكنَ الوَردِ الذّي يَمضي شَهيدًا
في القُيودِ
وحدَهُ يَجثِمُ في صَمتِ الضَجيجِ
وحده يَهبِطُ في أعمِدَةِ الذّعرِ مُلوَّعْ
وحده يولَدُ في رَحمِ الشقاءِ
تَنهَشُ الجَّزماتُ مِن غاباتِهِ
رَملَهُ الدّرّي
والتَّمرَ
وحَبّاِت المَطَرْ
انظُروا…
هذي السّماءُ الشجَريَّةْ
تَتَمَزَّقْ
الصبايا
زَعفَرانَ الهَيكَلِ المَفجوعِ
ابصارَ البَراعمِ
تُنثِرُ الأحقادَ جَمرًا ونَفيرًا وتُقاتِلْ
سَنُقاتِلْ
سَنُقاتِلْ
نَزرَعُ الحِقدَ على الأرضِ
لِهيبًا وَصَواعِقْ
وسَنَبني بِالجِراحاتِ حُقولًا لِلزَّوابِعْ
فالسَّلامُ
لُغَةً في أذرُعِ العُمّالِ
مِلحًا لِلصباحِ
وانطِلاقَ الخُطوِّ وَقدٌ
في الجذورِ العاصِفاتِ
داوِيًا صَوتُ الشغيلةِ
صاخِبًا صَوتُ البَنادِقِ
عَبَقُ الماءِ يًقاتِلْ
نَسَماتِ الفَجرِ
ذَرّاتُ الترابِ
انْ حُفاةً أو عُراةً
زَمهَريرًا كانَت الأيامُ
او رَعدًا ونارًا
سنقاتل
رَغمَ آلافِ المَقابِرِ
طَلقَةٌ نَخرِجُ من بَينِ عِظامِ الشهداءِ
حَجَرًا نولَدُ مِن تَحتِ الحَجَرْ
وَهَجًا نُبعَثُ مِن جِنحِ الرياحِ
ونُجومًا نحنُ في كُلِّ سَماءٍ
فَسَلامًا
قامَةُ العُمّالِ يا نَسغَ الحَياةِ
اصرَخي بين عُيوني وقفي
مارِدًا فوقَ الجِبالِ
كَرمَةً بين الصخورِ
غَضَبًا أنتِ وَظِلَّ الإقترابِ
فَرَحًا كوني ونَبَضَ الإختِراقِ
أنتِ يا مَوعِدَ ساعاتِ انتِصاري
امَّهاتُ الشهَداءِ
امهاتُ السجَناءِ
امهاتُ العالمِ الرافِضَ لِلحربِ
يُزَيِّتنِ البَنادقَ
ويُعَطِّرنَ السلامْ
** *
طارق الحلفي - كردستان / العراق
آب 1983
من ديوان" إمرأة من ماء البحر" 2007