نصوص أدبية
عبد الناصر عليوي: بداية السقوط
إذا الــفجرُ الــجميلُ بــدا يلوحُ
يُــصَحِّي لــلورى ديــكٌ فصيحُ
*
لـــهُ عُــرفٌ جــميلٌ قــرمزيٌ
وزيَّـــنَ ذَيــلَــهُ ريـــشٌ مــليحُ
*
بِــهِ بَــاهَى دَجَــاجَ الْحَيِّ فَخْرًا
وَقَــدْ أَغــوَاهُ بِــالصَّلَفِ الْمَدِيحُ
*
لَـــهُ جَـــارٌ يُــعَرْبِدُ كُــلَّ لَــيْلٍ
لــقَــدْ مَــلَّتْ مَــثَالِبَهُ الــسُّطُوحُ
*
طَــوَالُ الــلَّيْلِ يَسْعَى لِلْمَعَاصِي
وَعِــنْدَ الْــفَجْرِ يَــرْقُدُ يَــسْتَرِيحُ
*
وَقَــدْ كانتْ دُيوكُ الْحَيِّ تَصْحُو
تُــؤَذِّنُ فِي الْوَرَى جَذَلًا تَصِيحُ
*
فَــأَغْضَبَ صوتُها الْعِرْبِيدَ حَالًا
فــرَاحَ يَــثُورُ مِــنْ فَمَهِ الْفَحِيحُ
*
وهَــدَّدَهُــمْ أَلَا صَــمْــتَا مُــبِــيناً
لــقَدْ أَضْــنَانِيَ الــصَّوْتُ الْقَبِيحُ
*
وَإِلَّا أَنْــتِــفُ الأرْيـــاشَ نَــتْــفًا
وَلِــلْــخُمِّ الْــحَــقِيرِ سَــأَسْــتَبِيحُ
*
فــقَالَ لــهُ مــن الأحــرارِ ديكٌ
ألا اُصْــلُبْني كَمَا صُلِبَ الْمَسِيحُ
*
فَــلَنْ أَرْضَــى بِــذُلٍّ مِــنْ جَبَانٍ
وَلَـــوْ مَــزَّقْتَنِي وَدَمِــي يَــسِيحُ
*
وَدِيــكٌ قَــالَ إِنَّ الــصَّمْتَ خَيِّرٌ
ديُــوكُ الْــحَيِّ مــازالت تَــبُوحُ
*
فَــعَــادَ وَقَــالَ أَسْــمَعْنِي نَــقِيقًا
وَإِلَّا رَأْسُـــكَ الْــفَاضِي يــطِيحُ
*
فَــقَالَ أَنِــقُّ مِــثْلَ بَنَاتِ جِنْسِي
ضَــرُورَاتُ الْأمَــانِ لَــنَا تُــبِيحُ
*
فَــعَادَ وَقَــالَ كَــمْ أَحْــتَاجُ بَيضاً
وَلَــنْ أَرْضَــى بِــغَيْرِهِ لَوْ تَنُوحُ
*
عَــلَيْكَ بِــأَنْ تَــبيضَ بِــكُلِّ يَوْمٍ
وَإِلَّا سَــوْفَ يَــشْوِيكَ الــصَّفِيحُ
*
قَـــرَارِي نَــافِــذٌ إِبْــدأْ ســريعاً
وَلَــنْ يَــأْتِيكَ مِنْ عِنْدِي صُفُوحُ
*
بَكَى الدِّيكُ الْمُهَادِنُ دُونَ جَدْوَى
وَمَــاذَا يَــفْعَلُ الْــقَلْبُ الْــجَرِيحُ
*
سِــوَى نَــدَمٍ عَــلَى مافاتَ يَوْمًا
وَلَــمْ يَــسْمَعْ لِــمَا قَــالَ النَّصِيحُ
*
كَــمَا اِخْتَارَ الزَّمِيلُ الْحُرُّ فَوْرًا
وَمَــا عَــادَ الــزَّمَانُ لَــهُ يُــتِيحُ
*
وكَـــانَ خِــيَــارُهُ حُـــرّاً قــوياً
بِــهِ قَــدْ قــامَ صَــاحِبُهُ الــذَّبيحُ
*
فَــآثَــرَ أَنْ يَــمُــوتَ بِــغَيْرِ ذُلٍّ
وَلَــمْ يَــخْذُلْهُ فِــي يَــوْمٍ طُمُوحُ
*
فَــصَارَ كَــقِصَّةٍ تُــرْوَى كَثِيرًا
وَأَصْــبَحَ رِيــشُهُ تَــذْرُوهُ ريــحُ
*
هِــي الــدُّنْيَا يَــعِيشُ الْمَرْءُ فِيهَا
يُــقَــوِّمُهُ بِــهَــا جَــسَــدٌ وَرَوْحٌ
*
إِنِ اِنْــفَصَلَا فَــلَيْسَ هُنَاكَ عَيْشٌ
وَلَــكِــنْ جُــثَّــةً تَــأْتِــي تَــرُوحُ
*
فَــعشْ دَوْمًــا كَمَا الِأَبْطَالُ حُرًّا
كَــمَا اَلــرَّيْحَانُ من طِيبٍ يَفُوحُ
***
عبد الناصر عليوي العبيدي