نصوص أدبية
عبد الناصر عليوي: بغداد يا عــروس الــمجدِ
بــغدادُ طــيفُكِ فــي الأحداقِ يعتكفُ
يــكــادُ يــقتلُني الــتهيامُ و الــشغفُ
*
قــد بــاتَ حــبُّكِ كالأنفاسِ في رئتي
مـــعَ الــشهيقِ رذاذاً راحَ يُــرتشفُ
*
يــاأمَّ هــارونَ أخــفيتُ الهوى زمناً
والــيومَ جــئتُ بــهذا الحبُ أعترفُ
*
مــاعدتُ أقوى على كَتْمِ الهوى أبداً
إنْ مــرَّ ذكــرُكِ كادَ القلبُ ينخطفُ
*
صــهيلُ حــبكِ لــمْ يَــهجعْ بأوردتي
كــأنَّ نــارَ الغضا مرَّتْ بِها عُصُفُ
*
جــمالُ عــينيكِ يــابغدادُ يــسحرني
لــقدْ تَــغَنَّتْ بــهاالأخبارُ والصحفُ
*
كــلُّ الــعراقِ أصــيلٌ فــي عــراقته
فــي كــلِّ قِطعةِ أرضٍ تَبْرُزُ التحفُ
*
كركوكُ والموصلُ الحدباءُ تَأسرُني
تــكريتُ والــحلةُ الــفيحاءُ والنجفُ
*
وفــي الــحويجةِ أهــلٌ كــلُّهُمْ شَــمَمٌ
مــاصَانَعُوا حاكِماً يوماً ولا ازْدلَفُوا
*
هــلْ ألــتقيكِ ويَروَى القلبُ مِنْ ظمإٍ
وهــلْ ســتجمعُنا الأقدارُ و الصّدفُ
*
لــقــدْ أضــعناكِ يــابغدادُ وا أســفي
بــعدَ الــضياعِ بــماذا يــنفعُ الأسفُ
*
إنَّ الــحُسَافةَ في الأرجاءِ قد كثُرتْ
مــتــى الــحُسَافةُ يــابغدادُ تــنجرفُ
*
مــتى سيذهبُ عنكِ الزيفُ مرتحلاً
ومــا تــبقّى مــن الأدرانِ يــنشطفُ
*
ويــنــتهي الــشرُّ لا ظِــلٌّ ولا أثَــرٌ
ويــرحلُ الــحَيفُ والأوغادُ والجِيفُ
*
قــد طــالَ نــومُكِ والأحوالُ مخزيةٌ
ونالَ من صيدكِ الطاعونُ والأَزَفُ
*
حــانَ الــنهوضُ فهبّي مثلَ عاصِفةٍ
فــينجلي الــليلُ والأغباشُ والسَّدَفُ
*
وتشرقُ الشمسُ في الأرجاءِ ساطعةً
لابُـــدَّ لــلــغَمَّةِ الــســوداءِ تــنكشفُ
*
يــاقلعةً فــي مــهبِّ الــريحِ صامدةٌ
مــا هــزَّها سَــقَمٌ يــوماً ولا شَظَفُ
*
هي الأساسُ ومَنْ مرّوا بِها عَرَضٌ
لابُــدَّ لــلعارضِ الــمنبوذِ يــنصرفُ
*
ودجــلةُ الــخيرِ كالشّريانِ في جَسدٍ
لــكــلِّ نــاحــيةٍ جَــدبــاءَ يــنــحرفُ
*
وصــوتهُ الــعذبُ كالألحانِ من وترٍ
إذا تــغنَّى يــميسُ الــنخلُ والــسَعَفُ
*
كــأنَّ زريابَ في قصرِ الرشيدِ شدا
لــصوتهِ طَــرِبَ السُّمَّار ُ وانعطفوا
*
دارُ الــسلامِ مُــذِ الــمنصورُ أنشأها
كــأنَّها الــسّيفُ فــي وجهِ العدا تقفُ
*
كــشوكةٍ في حُلُوقِ الكاشحينَ غَدتْ
مــامرَّ ذكــرٌ لــها إلّا وقــد رجــفوا
*
خــيولُ مــعتصمٍ فــي الكرخِ صافنةٌ
والصيدُ ناطرةٌ في الصَّفِّ ترتصفُ
*
حــيّا الــهمامُ جــيوشَ الفتحِ مبتهجاً
والــعزُّ يــتبعُهُ والــفخر ُو الــشَّرفُ
*
وصــاحَ لــبَّيكِ يــا أخــتاهُ وانتظري
مِــنَّا الــزحوفَ لرأسِ الشرِّ تقتطفُ
*
من يومِ ذي قارَ والأسيافُ مُشْرَعةٌ
فــالغدرُ شــيمتُهمْ والــطّبْعُ يــختلفُ
*
مــن يومِ ذي قارَ باتَ الحِقدُ يسكنُهمْ
مــاراقَهُمْ أنَّ فــيهِ الــعُرْبُ تنتصفُ
*
لَــمْ يَــرْعَوِا الــقَوْمُ مِنْ أسلافِهمْ أبداً
فــي الــقادسيةِ ريشَ الكِبْرِ قَدْ نتفوا
*
لكنْ مَضَوا وهَوى الشيطانِ يَدْفَعُهُمْ
نــحوَ الهلاكِ غَواهُ الكِبْرُ و الصَّلَفُ
*
فــفــاجــأتْهُ بــــضــربٍ مــاتــوقّعهُ
وبــاءَ مِــنها بــكأسِ الــسّمِّ يــغْتَرفُ
*
والأحــمقُ الــغِرُّ والأحــقادُ تــدفعُه
أتــى بــجمعٍ مِــن الأوغــادِ يــأتلِفُ
*
قــدْ ضَــمَّ كــلَّ صَــفيقٍ تــافهٍ حَــنقٍ
وكـــلَّ لــصٍ ولــلإجرامِ يــحترفُ
*
لاشــــيءَ يــجــمعُهمْ إلّا نَــذالــتَهمْ
عــن كــلِّ مكرمةٍ بيضاءَ قدْ عَزَفوا
*
وغــابَ عــن ذهــنهِ مِنْ أنّنا عَرَبٌ
نــظــلُّ بــالــعزةِ الــقعساءِ نــتصفُ
*
إنّ الــشــهادةَ بــعــضٌ مــن ثــقافتِنا
مــضى على نهجها الأبناءُ والسلفُ
*
يـــادرَّةَ الــعُرْبِ يــانبراسَ عــزتِهم
لــكمْ تــغنوا بــذاكَ الــمجدُ كم هتفوا
*
فــهي الأبــيّةُ دومــاً فــي تَصَوُّرِهم
مــنها الــوفاءُ لــكلِّ العربِ قد ألفوا
*
مــتى ســتخلعُ ثــوبَ الحزنِ غاليتي
وبــالبياضِ عــروسُ الــمجدِ تلتحفُ
***
عبد الناصر عليوي العبيدي