نصوص أدبية
حامد عبد الصمد: أبو الخصيب
هو يقرأ صمت المناخات،
يلمح سرّ اجنّتها، يتوازن
فوق جذور الحقيقة.. والكشف،
يلبس وجه البلاد العريضة،
يمتدّ مملكة وقرارا
عينه
وقفة الحبّ في شرفات العذارى
وجهه اخضرُ
قلبه اخضرُ
ويداه القرى المستفيضة بالرمز، والشعر،
رغم رمال الصحارى
والخطى.. خطوة..
خطوة
في امتداد الفصولْ
ترتقي سلّما
لا تطيق انتظارا
*
بطراوته
تتألق فيه السماوات
تمنح فضتها للقمر
وتفيض نخيلا.. ضياء.. وماء
تستفيق العصافير شادية:
عشش الشوق بين (السوابيط)
ينضح في أوجه العاشقين
عسل التمر، واللبن الحلو، والياسمين
مرة صاح بي:
كيف تمضي لغير النخيلْ
العناوين فارغة
فاقترب:
أنني تائه ٌ...ودليلْ
واقتربتُ أواصل وجدي المعطّر
ثم انحنيتُ
على أضلع الأرض – مستذكرا –
هذه الأرض تفصح عن نفسها
بامتلاء الجلال
والخصاصيف.. والخضرة النابتة
والجواخين والـ.....
لم تكن قطعة من حجر
أنها سرّ أفراح كل البشر
هذه الأرض قامتها
شجر تضفر الشمس أوراقه
يرفض الانحناء
*
قال لي:
أترى وجهك الآن في رجفة العشب
في النهر.. قد غصّ بالذكريات ْ..؟
شفة الأمس لا... لم تكن صامتة
كنت منتظرا أن أراك
- ثم لوّح لي -
للحقيقة.. في راحتيك ندى الصبح
بلّل درب الحكايات، أجنحة للزمان
استرح:
نتقاسم بوح الفوانيس، دخانها
- واسترحت على جذع نخل قديم -
تحدّثْ عن الأمس ..
عن رحلة العمر أبّهة، ومكان
سيدي
أمس كنّا هنا
مالنا غير حبّ نبيلْ
لم نزل في الطفولة،
نأخذ عدّتنا
- الحصير..
إناء
وأباريق شاي، وثرثرة في النفوس
نقتفي خطوات الرجال
يجمع البعض مناّ الحطبْ
من بقايا النخيلْ
ثم نجلسُ
تحت ظلال الشجرْ
البراعم تبدأ رحلتها
نشعل النار، اقصد يا سيدي
نضرم النار في بهجة،ليس فينا تعبْ
نغسل الوقت
نلبس طعم الثمرْ
نحتسي الشاي في فرح ونغني:
(بصرتنا ما عذبت محبْ
واحنا العشق عذّبنا)
ويلفّ الصدى
نكهة الصدق
خلف أريج الشموسْ
في المياه
نمسح التعب الحلو،
عن فم الأرجل الناعمة
ونقول إلى الأرض:-
اقترحي العمر.. تزدهر الرغباتْ
*
- والتفتُ لكلّ الجهاتْ -
آه أرجوك معذرة
دع تفاصيل عمري على الطرقات
وقصائد حبي ونورستي
وصدى الصوت يوم الخميس
دع على معطف الأمس محبوبتي
وهي تمضي إلى صفها في (رفح)
والملابس مرشوشة بالحنين
دع غبار الطباشير بين اليدين
وبقايا الدفاتر والواجب المدرسي
دع على السطح ساهرة نجمة حانية
وبراءة – عبد – وضحكته الصافية
دع أحاديث كل الغصون
وتفاسير أمي.. أبي
لمعنى الهدوء السكون
دع لسنّارتي سمكا
دع على فمي الأغنية
دع منابت قوس قزح
ومواضيع خير جليس
دع هنا الكلمات
ما مضى
ظلّ حقّا
يمدّ الحياة
بالهوى.. والجنون
آه لم يبق غير التوغّل بالأصدقاء
لأضيع بغابات أيامهم
أصدقاء
كلهم رحلوا في غبار السنين
واحدا.. واحدا.. واحدا
لم أزل أبدا
اذكر الآن أسماءهم
افرش الوهم دربا
اقطع حبل الجفا
أنهم أخوتي
... ... ...
بيننا ألف باب وباب
يتناسل بالحبّ
يكتب فوق الخيال
قصة الأمس.. صحوته الحالمة
*
يا صديق الخصوبة.. والشعر.. والفقراء
في بساتين روحي
الطفولة أتعبها الانتظار
ها هو الدمع قد غصّ في المقلتين
لا أطيق التحدّث،
اغرق في شهقة الحلم، أوغل، أوغل
احلف باسمك أنت الخصيب
لا أطيق التحدّث
- أنّ المحبة دين -
ليس يجدي التحدثّ لا...
فجأة
تلفت نحوي كئيب
مدّ لي يده باكيا
قائلا:
نتقابل ثانية
........ ثمّ غابْ
***
شعر: حامد عبد الصمد البصري