نصوص أدبية
لمى ابوالنجا: ملائكة ساقطة (1)
نهضت مبكراً قبل الوقت المعتاد بساعة كاملة ولم يكن ذلك الإستيقاظ بالحدث الجيد لمزاجي المعتم، حيث، بقيت أطرد الشياطين من وجهي حتى الساعة ٨ صباحاً..
بعد الطابور الصباحي دخلنا الفصل وجلسنا على مقاعدنا إستعداداً للحصة الأولى ولإكمال الناقص كانت حصة مادة الرياضيات والتي سوف تمتدلساعتين..
كانت مقاعدنا مقسمة إلى ثلاثة مجموعات وكما هو بديهي فمكاني هو في المقعد الآخير و تجلس على المقعد الموازي لي صديقتي ثم بقيةالشلة الذين يشغلون الصف الأخير وماقبله كاملين..
في ذلك اليوم كانت صديقتي هذه تفيض بالطاقة وبالثرثرة مع صباح لا يلائمني، حلّت عليها الحكايات الرومنسية مع خطيبها مبكراً وهذاالأمر يعد خلاف المعتاد لأن هذه المواضيع توقيتها بعد الظهر ..
لم تكن تعلم عن الجهاد الذي أقاسيه داخل رأسي فأخبرتها أن تؤجل الموضوع إلى فترة الغداء لكنها أصرت على الثرثرة قبيل دخول معلمةالرياضيات فمددت يدي لأمرر لها جملة لائقة ولسواد حظي شاهدتنا المعلمة فتقدمت نحوي وسحبت الورقة من يدي بقوة، حاولت إيقافهاأخبرتها : "لو سمحتِ يا أستاذة الكلام لايعنيكِ اتركي لنا بعض الخصوصية" ولكن لحظتها بدت كأنها صماء فتحت الورقة رغم ترجيهاوبمجرد أن قرأت تلك العبارة اللائقة اتسعت عينيها واحمر وجهها غضباً ..
عوقبت من تلك المعلمة بأسوأ أنواع العقاب
فقد عنفتني نفسياً بتجاهل تصحيح دفتري أو الإجابة على أسئلتي فصلاً دراسياً كاملاً ولأننا مجتمع للأسف إعتاد على الشخصنه فمن الطبيعي أن أشعر بالذنب خاصة أني مجتهده وشقيه وهذه الصفتين ناداً أن يجتمعا، شعرت بالضيق الشديد لأن أهم مادة في مرحلة الثانوية العامة أخفق فيها بهذا الشكل
بسببها إنقلبت علي كذلك معلمة الفيزياء ! رغم أنه لايوجد أي خلاف بيننا فقط اتخذت ذلك الموقف تآزراً مع صديقتها ثم معلمة اللغةالإنجليزية وهكذا وبدأ الجميع يعاملوني بشكل سيء و ملحوظ من صديقاتي مما عرضني للتنمر لاحقاً،
صبرت فصلاً دراسياً كاملاً حتى اعتقدت هي أني خضعت، كنت ألاحقها في كل ممر وبعد نهاية كل حصة أن تقبل إعتذاري فكانت تتجاهلني كالعادة، وفي يوم دخلت غرفة المعلمات وناديت عليها فتجاهلتني وكأنني لست إنسانه تقف عند الباب همزت لها إحداهن بشماته وضحكةغريبة لشدة خبثها لم أستطع للآن تفسيرها
ردت عليها أنها تعرف سبب مجيئي فشكلي مثير للشفقه لوحت لها بيدها معطية إشاره أن تتجاهل وجودي هي أيضاً ويكملوا فطورهن.
فجأة وقفت في وسط غرفة المعلمات صرخت فيها بكل ما أوتيت من قوة في حالة من الإنهيار أخبرتها أنها بلا ضمير لأنها شخصنت فعلي بآداء واجبها المهني وأنها تستحق الشتيمة التي قرأتها
إلتفت على البقية لاحقاً وقلت "كلكم إمعات،مجرد حريم قطيع"
وخرجت مقفلة الباب لكل قوة ..
الغريب أنها بعد ذلك عادت بشكل طبيعي ..!
***
لمى ابوالنجا – أديبة وكاتبة سعودية.