نصوص أدبية
قصي الشيخ عسكر: هو الذي منحني يدا
رواية قصيرة
بعض من سيرة أخي الخطاط أسعد
***
الرقعة الأولى: الموت.. القبر
ابن مقلة؟
هل هذا اسمك؟
إنسان بسيط
تعلمت الخط على يد أخيك وبعض خطاطي عصرك
ثمّ احترفت
رحت تتكسب بهذا الفن
الفن هواية وحرفة وتفكّر باقتحام السوق
بعيد عن ذهنك أن السياسة ستجرفك معها
وأنّك سوف تخوض صراعا مريرا بين الخوف والأمل
*
الفصل الأول: حياة أم موت
كنت أتجوّل في بغداد بعد السقوط فلا أرى شيئا جميلا سوى العناوين المكتوبة بخطوط رائعة عايشتها منذ طفولتي وكأنني أقرأ أسماء من خطوها أعرفهم واحدا واحدا من أشكال خطوطهم، فأرى أن الشئ الوحيد الذي بقي سالما من الخراب هو آثار صديقي القديم ابن مقلة. كانت المدينة التي تزهو بخطه مما تحمله واجهات المحلات واللافتات والإعلانات ولوحات االعيادات حزينة داكنة. بيوت قديمة عمارات متداعية.. وجوه كسلى وجنود أمريكان يجرجرون أقدامهم وكأنهم لم يقتنعوا بنصرهم. كانوا أشبه بالمنهزمين الذين لايعرفون ماذا يفعلون بعد دخلوهم بغداد.
ويبدو أن الناس بدؤوا يستفيقون من الصدمة الأولى والفوضى خفت حدتها أما أنا فكنت منبهرا بالخطوط التي حولي في كلّ مكان وهي العلامة الوحيدة الني تركها لي رجل مات بثلاثة قبور واخترع فنا غزا العالم كلّه.
هذه ليست بغداد التي عرفتها زمن الحكم العارفي ولا أيام البكر ولا حتى فترة الحصار الخانق.
هيكل مدينة أصابها وباء وبيل
ونخرتها حرب وحصار
كانت مشهدا آخر لخربة تحمل لافتات صدئة بخطوط رائعة الأشكال.
محلات حلويات.. مطاعم.. أثاث. أعلانات قديمة.. بقايا متآكلة لشعارات حزبية
الرقعة
الثلث
الفارسي (*)
هو اخترع خط الثلث وأنا أكاد أذوب في جمال خطّ الرسم الذي كاد في يوم ما يبعثني إلى حتفي بسبب خطأ بسيط لم أتعمّده.
وسط الحيرة والذهول والخوف والرهبة سمعت صوتا من خلفي وشخصا أعرفه ولا أعرفه يضع يده على كتفي ويحتضنني ويروح يبكي.....
*
الرقعة الثانية: مقلة أبيها
لقد حملت اسم أمك
كان اسمك محمد بن علي بن الحسين وكان جدك يداعب أمك ويقول لها يامقلة أبيها. لقد حملت اسمها.. لوحة رقيقة حملتهَا في ذاتك فقد عُرف من قبل شعراء ومشاهير بأسماء أمهاتهم تغلبت الرقة ووداعة الأنوثة على عنف الذكورة وحالما وعيت وكبرت واجهت العنف وتحملته.
*
الفصل الثاني: أبي والمعلم والخط
منذ الطفولة جذبتني خطوط اللوحات،الخطوط على الواجهات والإعلانات،واجهات المحلات في سوق (حنا الشيخ) ولوحات الدكاكين في ( سوق الهنود).. (أحذية دجلة) لوحة جميلة.. (باتا) كتبت بشكل مائل.. (عرق فاخر.. بيرة مثلجة).. في شارع الوطن عنوان كبير جميل تتراقص فيه الأضواء لمحل احذية سماه صاحبه (زبلوق) وثمة على بعد امتار منه سوبر ماركت جديد خط عليه بالرقعة عنوان أحذية (الجمل) لم تلفت نظري لوحته الجميلة فقط بل أسعاره المثبتة على الأحذية المطلة من الواجهة على الشارع كانت الأحذية تبتسم للعابرين بالدراهم فهناك حذاء بعشرة دراهم وهناك آخر بخمسة عشرة درهما.. و.. يبدو أن صاحب المحل سافر إلى المغرب فعرف أن الناس هناك يتعاملون بالدرهم فأراد أن يأتي بشئ جديد يروّج عبره بضاعته ويقال أن زوار الأمن حذروه من التلاعب بالشارع والتعرض للاقتصاد فعاد الدينار إلى الواجهة بعد أيّام.
أما أنا فإنّ المعلم شكّ بي وأبي شجعني.
المعلم لا يصدق أن خطي جميل في درس الإنشاء الأستاذ هادي يكتب لنا شعارات كثيرة.. البعث طريقنا.. أمة عربية واحدة. فلسطين عربية.. الشعب العراقي العظيم.. لا يصدق أنه خطي يقول لي أكتب على السبورة ولا يعرف أن الطباشير ليس مثل القلم فيعاقبني بالتقريع وكان لأبي وقفة أخرى تختلف: وجدني أخط ما رأيته في درس الإنشاء فلسطين عربية العراق عظيم حزب البعث.. امتدت يده الى الرقعة الأخيرة فمزقها وهو يقول العراق عظيم نعم فلسطين عربية نعم ثم منع عني المصروف وإذا به يفاجؤني نهاية الأسبوع بكراس معلومات عن قواعد الخط ورزمة أقلام خشبية هو مصروفي الذي منعه عني.
لقد كنت حقا سعيدا بتلك العقوبة
*
الرقعة الثالثة: السوق
كنت تحمل أوراقك وأقلامك ومحبترك
ربما لون حبرك الزعفران أو الأسود
تحمل الجمال إلى السوق
تضفي حلة جديدة بهية إلى عالم الزحمة والضجيج
هاهي هوايتك عملك
تزداد شهرة من خلال موهبتتك التي تجسدت في رزقك هذا يرغب في كتابة رسالة وتلك تشكو زوجها إلى السيد الوالي وآخر يملي عليك رسالة في التجارة
ويأتيك رابع بكتاب ممزق يودعه لديك لتعيد خطّه من جديد
شهرتك تتسع
وصيتك يصل إلى بعد خارج بغداد
وقد قطع عليك تلك اللحظة مجئ جماعة ما يحملون بعض الرماح والسيوف
تواجه القلم والسيف
الحبر الأخمر والأسود
فوضعت القلم في المحبرة واستأذنت في أن تغلق الدكان
راحوا يقودونك إلى دار الخليفة
*
الفصل الثالث: نقطة واحدة لا تكفي
أما أنا ياسيدي فقد كبرت لم أفتح دكانا بعد. كنت في الصف الحامس الثانوي آخذ مصروفي اليومي من أبي،في مثل هذه السنّ رآني أهل التنومة محترفا. كان هناك خطاط يكبرني بعقدين من الزمن يعرفه الناس غير أن بعض أصحاب المحلات وتلاميذ المدراس يأتون إلي بيتنا لأخط لهم. في روعة الخط يتلاشى الزمن مثلما تلاشت السنوات من الصف الرابع الابتدائي إلى المرحلة الثانويّة. وفي يوم ما سمعنا طرقات على الباب.
طرقات غريبة
لكنها غير مخيفة
فتحنا الباب فوقع بصري على أحد الرفاق من الفرقة الحزبيّة طلبني أن أرافقه. لم تكن المسافة بعيدة... بضع خطوات إلى يمين المرفأ حيث مقر الفرقة. خمنت أنهم طلبوني لأداء عمل فني وإلا لاستدعيت من الأمن ،حين وصلت وجدت بعض الوجوه التي أعرفها.
كانوا يبتسمون في وجهي
أحدهم كان الأستاذ سامي معلّم اللغة الإنكليزيّة (1) الذي بدأ الكلام معي بكلّ لطف:
سَعّودي لو سمحت تخط لنا هذه العبارة التي في الورقة على المنضدة!
قرأت: بعد 11 عاما العراقي يتقدّم
إذن مرّ أحد عشر عاما على انقلاب 1968 وإذا بي أقضي شوطا بعيدا.. عقدا من الزمن مع القلم والورق والحبر وطلعة الحروف. صحيح بعض التلاميذ والمحلات يأتونني أخط لهم مقابل أجور مع ذلك لم أصل مرحلة الاحتراف بعد:
أستاذ،تحاشيت أن أناديه بلقب رفيق ،مفضلا أن أقف طالبا أمامه، أستاذي عبد الحسين نايف (2) هو الخطاط الأوّل في التنومة وهو أفضل منّي وصاحب محلّ.
ابتسم الأستاذ،وردّ أحد الواقلفين:
عبد الحسين رفض لأنّه يطلب نقودا
اقتنعت أن المنظمة الحزبية تطلب عملا من دون مقابل ربما لم يذهبوا إلى امنزل الخطاط فهم يعرفونه لا يخط من دون مقابل
بعد ساعات كانت اللوحة التي أجريت عليها خطي تتلألأ قي الشارع على واجهة الفرقة الحزبية!
*
الرقعة الرابعة: القصر
هم الذين صحبوك من السوق إلى قصر الخليفة
سمعتك
فنك
شخصيتك جذبته إليك
كان يريد أن تعيش معه في القصر
السلطان المقتدر بالله نفسه رقيق يحب الفن.. الخط الرسم.. في الوقت نفسه عنيف يحب الدم..
جعلك وزيرا... أعلى سلطة في البلد بعده
وبعد شهور أم سنوات. لايهم الزمن قيل عنك إنك تقود الدسائس
هناك مجلس يعقد بإمرة الإمام لعقابك
*
الفصل الرابع
أقرب خط إلى نفسي هو الرسم حيث تندمج فيه النقاط إلى درجة الذوبان.. وكاد هذا الخط الجميل يقودني إلى ورطة بعيدة الغور ،بعد أن خرجت من المنظمة عائدا إلى بيتنا وجدت اللوحات التي نقشتها تغطّي مدخل الفرقة وجدران المدينة
كنت مزهوا بخطي
في الوقت نفسه ممتعض
وأظنني جلست في البيت أقلّ من ثلاث ساعات حتّى عادت الطرقات من جديد. وجه متجهم من الرفاق يصحبني إلى الفقة من جديد. ظننتهم يكلفونني بعمل آخر من دون مقابل
وإذا بي أواجه تهمة جديدة لا أعرف في أيّ مكان كمنت لي؟أكانت بين الحبر أم على صفحة قلمي الخشبي.. أسفل قطع القماش. من حسن حظي أن معلمي السابق في الابتدائية كان مع اللجنة التي شكلوها لمحاكمتي. دائما يناديني سعودي على الرغم من أني لم أكن نبها في الغة الإنكليزية
الطويل الخشن الملامح عضو الفرقة ورئيس لجنة التحقيق الأربعة سألني بعصبيّة:
11 عاما والعراقيّ ينغدم هل تقصد ينعدم أم ماذا؟
هاهو خطّ الرسم يفتح النار عليّ،هو صديقي وأكثر التصاقا بي من الكوفيّ والرقعة والثلث،غفلت أنّ النقاط فيه تتداخل والنقطتان تبدوان مثل التوأم الملتصق.. هل يودي بي صديقي الذي أجدته أكثر من غيره إلى الهلاك،فأنا في مثل هذه الظروف القاسية المستفِزَّة لا أجرؤ غلى التزوير،مرّة واحدة قمت بهذا العمل. لقد استفزّنا مدرس الكيمياء االمصري الأستاذ حسام الذي قال إنّه يتحدّى من يغشّه في الامتحان تحدّيته.. وفي ليلة سبقت كتبت الحروف العربية بالمقلوب على دفتر اللغة الإنكليزية فبدت تشبه الكلمات اللاتينيّة وقد وقف على رأسي يتابع تحديه وهو يرى أمامه كتاب اللغة الإنكليزية بعد الامتحان في الفرصة قصدت غرفة المدرسين وسخرت بلطف قلت للأستاذ حسام غششت وأنت واقف على رأسي رفعت الدفتر أمام المرآة الطويلة التي في الغرفة فكان يقرؤها بيسر. في الظاهر كلمات أجنبية وأمام المرآة ترتدّ إلى العربية. صرخ الأستاذ حسام :أنت جنّي ولم يعاثبني. أما الآن يَتَقَدّم أصبحت ينغدم أقرب تأويلا إلى ينعدم. 11 عاما والعراق ينعدم من دون مرآة ولا قلب حروف.
أقسم أني برئ،وبلهجة بريئة ممزوجة بالدهشة:
رفاق تعرفون أني أديت العمل بسرعة ولم ألتفت إلى التأويلات التي يمكن أن ترافق خط الرسم
بقي الآخران صامتين وعقّب الاستاذ سامي ملتفتا إلى رئيس اللجنة:
رفيق أنا أعرف أسعد منذ كان تلميذا عندي في الابتدائيّة
أحد العضوين الشاب النحيف سألني بوجه خال من أيّة ملامح:
ماذا تعلل فعلك؟.
قلت من دون تردد:رفيق أنا خطاط لكني لست محترفا وأقرب خط عربي إلي وأسهله عندي خط الرسم وفي هذا الخط تتداخل النقطتان في نقطة واحدة ولم أكن أعرف أن هذا سيحدث بعض اللبس.
وقال الأستاذ سامي:
هي عن قرب لا لبس فيها لكن من يقرؤها من بعيد يظنها بنقطة واحدهة.
نطق الكبير بعد تأمل قصير:
حسنا لقد جمعنا كل اللوحات هل تستطيع أن تكتب بخط آخر؟
بلاشك!
رحت أخط وأخط متحاشياصديقي الرسم الذي كاد يوقعني في ورطة في الوقت نفسه باعدت بين النقطتين!
وحالما انتهيت رفع الأستاذ سامي اللوحة عاليا ولوّح بها مزهوا:
الآن رائعة والله أنت فنان.
فنان بلاىشك
قال كبير اللجنة وسألني أستاذي المعلم:
هل أصبحت عضوا في نقابة الفنانين.
أستاذي نحن الفنانين لاتقبلنا نقابة الفنانين قبل أشهر ذهب عبد الحسين نايف إلى بغداد وطلب مع مجموعة من حطاطي المحافظات هويات لهم فرفض قبولهم فائق حسن (3) بحجة أن الخط حرفة مثل النجارة وليس فنا.
فصاح الجالس الثالث:
لكن رغم مايقال أنت فنان
فغادرت مقر الفرقة هذه المرة متيقنا من أنهم لن يدعوني بعد ساعات فقد تأكدت من النقاط تماما.
*
الرقعة الخامسة: اليسرى أم اليمنى؟
يدك تفقدها
مولانا ا يأمر بقطع يدك
أصبحت وزيرا،فاتهموك بالتآمر
مولانا الراضي بالله الخليفة يأمر بتعذيبك
فهل كنت تتآمر
كنت تظنّ أنهم أذا كشفوا أمرك اعتقلوك
أو عذبوك وفي أسوأ الحالات يقتلونك.. الموت درجة الصفر الدنيا التي ليس تحتها من درجة بعد.
أما...
أمّا أن يقطعوا يدك فتك هي الطامة الكبرى.. لقد عرفوا كيف يقتلونك من غير أن يقتلوك
غاب عندهم الإحساس بالفن والجمال وهم حقّا أذكياء قتلوك من يدك التي انتشرت في كل انحاء الدنيا.. جالت العالم حتى وصلت إليّ
*
الفصل الخامس: ولقد منحتني يدا
ركبت دراجتي متجها إلى كردلان.. في الصباح زرت طبيبة الأسنان في مشفى التنومة وعلى الرغم من أني مازلت أشعر ببعض الوجع فقد تجاهلته وقصدت صديقا في شغل.. ليس هناك من شئ يخيفني سوى نذر الحرب التي تلوح في الأفق،وبعض الريبة على وجوه الناس.. استدرت من الطريق الفرعي باتجاه نهر أصفر ثمّ انحدرت من الجسر إلى أسفل البستان.. هناك رأيت الموت للمرة الأولى
الوجع هو الموت..
كانت في طريقي حفرة عميقة نسيتها البلدية مفتوحة أسفل المنحدر فلا يراها العابر بدراجته عن بعد.
حفرة خفية. خندق حرب يسبق المعركة..
لم يكن لديّ الوقت لأتحاشاها.. العجلة الأمامية بدأت تغوص في الفراغ والخلفية في تترنّح على حافة الحفرة.. اختل توازني فانقلبت وسقطت.. غابت الدنيا عن عينيّ رأيت قتاما وصفرة تلف الدنيا
يدي اليسرى من الكتف والعكس تؤلمني
والوجع يكبر ويكبر وأنا أصرخ..
وهرع إلى من الطريق والبيوت المجاورة بعض الناس..
كانوا في الأعلى يتطلعون إليّ والدراجة خلفي...
في مشفى التنومة خرجت طبيبة الـأسنان من مكتبها على صراخي. مازلت أسمع. الدهشة بعينيها. قالت:
كنت معي في الصباح تعالج أسنانك والآن يدك ،فماذا حدث؟
واجتمع الأطباء،فأرسلوني إلى المشفى الجمهوري في البصرة
هناك كادت تكون كارثة.. تيقنت من الألم أن الكسر في يدي اليسرى ،ورأيت وأنا أصرخ أحد أصدقاء أخي ممن كانوا يدرسون معه عند ضفة نهر شط العرب (4) على بعد مسافة قصيرة من معبر الجامعة صرخت من دون وعي:
حبوبي رفعة أرجوك
فرفع إليّ طرفه باستغراب معترضا:
دكتور رفعة
ثمّ أخذ يدي وبدأ يحركها وكان الوجع يداهمني صرخت وصرخت ملأت المشفى صراخا.
راح يلف يدي ويقول سأعالج الخلع.
هل غبت عني.
تمنيت..
الألم يزداد أصرخ.. أتمنى لو أغيب عن الوعي
أمنية أشبه بالمحال تراودني
والدكتور رفعة يلف يدي ليعالج الحلع
حتى جاءت الأشعة وجاء كبير الجرّاحين الدكتور ثامر الحمدان (5) فصرخ بالدكتور رفعة حالما رآه يلف يدي
أوقف عملك هل أنت غبي. كأنه يقول له لأو زجره :لو اشتكى عليك لأوقفوك عن العمل!
رد الدكتور رفعة بانكسار:إني أعالج الخلع
هناك ثلاث كسور في اليد أي خلع تعالجه
كانت هناك دقائق رهيبة في الغرفة:وعند الردهة أبي وأخي ينتظران.. أمي في البيت يفترسها القلق. أختاي.. اللحظات الحاسمة التي تنتظر الدكتور حمدان.. وأنا بين الألم الفظيع والخوف والغثيان والصراخ. كنت أرغب في الغيبوبة الحلم المحال. لكن هذا لم يحدث،وكان الدكتور ينطق:
كان يمكن أن ُتُجبَر َّيدك بيسر قبل اللف لعلاجها من الخلع لكن الآن عليك أن تختار أحد الطريقين.. أما أن تسافر إلى بلغاريا لإصلاح يدك،أو أن أقوم بأخذ عينة من من رجلك لزرعها في يدك
لم تسودّ الدنيا بعد.. أي سفر وأيّة بلغاريا وبعد شهر ينتظرني الجيش.. إجراءات سفر واستثنآت.. البلد على وشك إعلان الحرب ،ربما تكون سقطتي في الحفرة لمصلحتي...
فلا حرب
أو حرب
كل شئ محتمل
عندئذِ
كانت يدي اليسري تغرق في الآلام
وكنت في غاية الانشراح لأني يدي اليمنى تعمل
كأنّ أحدهم منذ سنين منحني يدا أواصل بها هوايتي التي فتحت عيني عليها ووعيتها منذ الطفولة.
***
د. قصي الشيخ عسكر