نصوص أدبية
صبيحة شبر: إصرار
كلمات التحدي ما زالت تؤرقها، لم تعتد على الفشل، كانت تصر على النجاح والتفوق، فتصل إليهما بعد جهد وتعب، تدرك تماما انه لا شيء يسير بسهولة، وان الحياة الجميلة يستحقها المكافحون، الكتاب إمامها مفتوح وهي تقرأ فيه بنهم، يعرفه جميع من يدرك ان الإصرار من عوامل النجاح..
وزعت الأستاذة أوراق امتحان مادة العلوم على الطالبات، وأثنت على صاحبات الأجوبة، الكاملة، ومدحت اجتهادهن، وحين وصلت الى الطالبة نجوى، ناولتها ورقتها، وعدم الرضا يظهر بوضوح :
-أنت تتأخرين دائما في مادة العلوم، مما يعني انك لا مبالية بمستواك
- لا، أستاذتي، انني اهتم بكل المواد.
- يؤسفني كثيرا ان أجدك تقصرين في المادة، التي أدرسكن إياها، وتتفوقين في المواد الأخرى، الأستاذات يمدحن اجتهادك، وأنا أجدك خاملة في درسي، يشرد ذهنك في متاهات بعيدة، ولا يبدو عليك الانتباه
- سوف ابذل جهدي
- سنرى يا ابنتي، إنني أتحداك أمام الطالبات جميعهن، ان تثبتي جدارتك بلقب الطالبة الأولى، ولك إن اعترف بذكائك وقدرتك إن بينت لي أنني على خطأ، فأنت الآن لا تستحقين أن تكوني الأولى..
ترسم نجوى ابتسامة باهتة على وجهها وتسائل نفسها
- ما هي أسباب تفاعسي في مادة العلوم، وأنا المجتهدة في المواد الأخرى، هل ان الأستاذة تتوانى في شرح مادتها، وإفهامنا إياها كما تفعل كل الأستاذات، وأنا أجد الطالبات الأخريات يتفوقن في هذه المادة وافشل بها أنا وحدي؟
تواصل الأستاذة حديثها:
- إما انك تشردين في درسي، ولا تبذلين جهدا للقيام بالتدريبات، التي أعطيها لكن لترسيخ المعلومة في الأذهان، او انك عاجزة عن فهم مادة العلوم لأن ذكاءك محدود، وليس كما يظن الكثيرون، هل سيطر عليك الغرور وجعلك عاجزة عن الوصول الى التفوق؟
- لكني انجح دائما في مادتك ..
- نجاح دون المستوى، هل يكفيك ان تكون درجتك في العلوم ستين بالمائة ودرجاتك في المواد الأخرى بين المائة والتسعين ؟ ما نوع الخلل الذي تعانين منه، فانا اشرح بصورة ممتازة، والدليل درجات الطالبات والتفوق الذي أناله في تقدير الوزارة لجهودي، نهاية كل عام حين تعلن نتائج الثانوية العامة..
يحزن نجوى رأي الأستاذة بها، فهي قد اعتادت المديح، كلمات الثناء تنهال عليها من كل جانب، فلماذا تجد نفسها عاجزة عن الوصول الى التفوق في هذه المادة دون غيرها، ما الذي ينقصها وقد وفرت لها أسرتها كل عوامل النجاح الكبير، لماذا لا تقرر التفوق وتصر على إحرازه كما تفعل دائما، زيادة في الوقت المخصص لقراءة هذه المادة، والعمل على التدريب المكثف للوصول الى النتائج المرضية، لم تعد تزاول رياضتها المحببة في السير لمسافات طويلة، نصف ساعة تكفي كل أسبوع ولثلاث مرات، وكتابين تطالعهما في الشهر للقراءة الخارجية بدلا من أربعة كتب، ولماذا الحرص على عدد الكتب؟ أليس الأجدر بها ان تكون حريصة على نوع القراءات أكثر من كميتها؟
ما زالت كلمات الأستاذة اللائمة ترن في مسمع نجوى، سوف تضع حدا لهذا التأخر، تقرا الدرس كثيرا، تكثر من حل التدريبات، تراجع حلول الأستاذة وتقارن بينها وبين الأجوبة التي توصلت إليها، هناك بعض الاختلاف، مما يدل إنها لم تصل بعد الى المستوى المأمول، تعيد حل التدريبات، الأجوبة نفسها، , تطمئن الى مستواها، غدا الامتحان وهي واثقة جدا من النتيجة السارة
قال لها أبوها:
- الثقة بالنفس عنوان النجاح ومن أهم العوامل لتحقيق ما نطمح اليه
في ساعة الامتحان لا تبالي بنظرات الزميلات المستفهمة، تنكب على الورقة، ما ان يعلن صوت الجرس انتهاء الحصة، حتى تستلم الأستاذة ورقة نجوى، تصححها قبل الأوراق الأخرى
بعد الاستراحة، تسمع الطالبات صوت الأستاذة مبشرا:
- مبارك لك يا نجوى، انتصرت اليوم، انك حقا الأولى
***
صبيحة شبر