نصوص أدبية
عقيل العبود: دموع الخباء
فتنته الزهرةُ ذات الحمرة الفاقعة، هام بها كما هيام عشقه الذي أسرى بروحه المغرمة بتلك التي صار يلهج باسمها.
بات يحاكي نفسه بحثا عن أقرب فرصة للوصول إلى روحها التي لم تدنُ بعد إلى خياله العاشق.
أخذ يتحدث إلى الأغصان المتدلية، متأملًا الفراشات المنتشرة بين أريج الوريقات المتوجة بالألوان، ليته يجعل من ذلك الزهو جسرا إلى قلبها الذي لم يشدُ استجابته بعد.
جلس عند دفئها المستدير متناغما مع أحاسيسه المتيمة، دنا قريبا، همس ببطء شفيف في عروق اجزائها المتربعة، أحس بالتوهج، سرت رعشة خفيفة بين خباء تركبها الندي، أطلقت حسراتها انتابها الأسى، دب فيها شعور بالوجل، حاولت أن تحتج، لكنها سرعان ما وجدت نفسها مذعنة لأصابع باغتت تماسكها العالق، بينما تفقعت أطرافها المتدلية عبر دموعها التي جرت بحرارة شجية.
عادت تلومه بحزن مذكرة إياه بأطياف بريقها المشع
عند فضاء شرفته، بكت مواسية لحظة اقتطاعها، استأثر المكان بالفجيعة. استفز مسامعه نداؤها الشاجن، أدرك عبره أنه استأصل عطر رقتها الحنون.
فكر مع نفسه طويلا، انتابه الغم، استرسل مع أفكاره، أصبح يحاور أوجاعها بعد أن أضحت بين يديه،
أوعز إلى نفسه أن يفلح بإهدائها لتكون رابطة بينه وبين من أحبها.
اقتربت الفتاة، استأنفت مشيتها، تهيأ الجميع للمحاضرة المقبلة، باتت قريبة إليه، ارتجفت الوردة، حاول أن يمسك بها، لم تلتفت إلى ندائه الخفي، حاول أن يناديها باسمها، تثاقلت قدماه، أراد أن يمسك نفسه دون أن يفلح، سقطت الوردة بعدها مغشيا عليها تحت أقدام من لم تكترث له، أدرك أن الفتاة لم تبادله ما يشعر به، أحس بالاعياء، ارتدت الزهرة ثوب الحداد.
***
عقيل العبود
...................
- الخباء أوالكربلة: الجزء المؤنث من أجزاء الزهرة.