أخبار ثقافية

صدور الطبعة الثانية من كتاب "السياحة والتلوث: مقالات"

صدرت مؤخرا عن دار نشر (بيشوا) في أربيل – العراق الطبعة الثانية من كتاب (السياحة والتلوث: مقالات) للباحث (بنيامين يوخنا دانيال)، ويقع في (139) صفحة من القطع المتوسط، وتضمن مقدمة مطولة و(14) مقالة حول السياحة والتلوث البيئي، وبالعناوين التالية: -

القمامة السياحية

لماذا فرض ضريبة الكربون على الطائرات؟

لماذا رفض ضريبة الكربون على الطائرات؟

من أجل سفن سياحية خضراء

فنادق من الزبالة

الاحتباس الحراري يهدد السياحة

التلوث.. عندما يهدد السياحة

هل تفاقم السياحة من ظاهرة الاحترار العالمي؟

الآثار السلبية لحوادث اصطدام السفن بالشعاب المرجانية

الجرائم البيئية الناجمة عن بعض النشاطات السياحية

ترشيد استهلاك المياه في الفنادق: ضرورة ملحة ومسؤولية مشتركة

تطبيقات السياحة المستدامة من خلال المحميات البحرية

السياحة في المحميات الطبيعية.. هل تشكل خطرا؟

هل تتفاقم أزمة البلاستيك بسبب السياحة؟

وجاء في المقدمة:

السياحة والتلوث ضدان لا يجتمعان أبدا، وأينما وجدت آثار ومسببات التلوث بأنواعه، انحسرت الأنشطة والفعاليات السياحية، خصوصا لو ارتبطت بالمناطق المتسمة بالحساسية والهشاشة البيئية، مثل الشواطئ والجزر المرجانية والمحميات الطبيعية المتميزة. حيث تأتي نظافة وجودة الموارد والمقومات الطبيعية المتوافرة فيها، مثل المياه والمناخ والأرض في مقدمة المغريات (المشوقات – المجذبات) التي تستأثر باهتمام السواح، خصوصا في ظل انتشار الثقافة البيئية والوعي بأهمية التنوع الحيوي (البيولوجي)، وظهور وانتشار أنماط سياحية جديدة، مرتبطة بالبيئة الطبيعية، ومنسجمة مع الاستدامة البيئية على نحو واسع، مثل السياحة الصديقة للبيئة والسياحة الناعمة والسياحة الخضراء والسياحة المناصرة للبيئة وو السياحة المسؤولة غيرها.

و لو أخذنا موضوع تأثير (تلوث الهواء) على السياحية على سبيل المثال لوقفنا على الأثر السلبي لسوء (جودة الهواء) على (تجربة السياح) و(راحة السفر)  و(الرضا السياحي) و(الاستمتاع الجمالي) في الوجهات السياحية ملوثة الهواء، وذلك بسبب التصنيع السريع أولا، والتوسع الحضري ثانيا والنمو السكاني ثالثا، مما يثني السواح المحتملين عن التوجه إليها حرصا على صحتهم ولتجنب مشاكل الجهاز التنفسي مثل الربو والحساسية (السعال وضيق التنفس) وغيرها، وينخفض عندهم (دافع السفر بهدف السياحة)، خصوصا بعد أن أصبحوا أكثر وعيا بجودة البيئة عند اختيار وجهاتهم السياحية، مع الميل إلى اختيار الوجهات السياحية التي تظهر التزاما بالممارسات المستدامة المعروفة التي باتت مطلوبة في الوقت الراهن، والتي تتمتع ب (جودة الهواء) الذي صار المؤشر الرئيسي لقياس الصورة الشاملة للوجهة السياحية، وهذا ما ذهب إليه في الأدبيات السياحية المعنية بدراسة تأثير (التدهور البيئي) على (سلوك السياح) و(استدامة الوجهات السياحية)، وذلك للعلاقة الديناميكية بين تلوث الهواء والمتغيرات الاقتصادية الكلية في صناعة السياحة. أما الاتجاهات الرامية إلى علاج أو الحد من تلوث الهواء في هذه الوجهات فتقوم على عدة أسس: -

أولا: إيجاد ابتكارات تكنولوجية في الموارد السياحية.

ثانيا: إنشاء أنظمة نقل شاملة ومستدامة.

ثالثا: تنويع الهياكل الصناعية في اطار الاستدامة.

رابعا: مراقبة جودة الهواء في الوجهات السياحية لجعلها أكثر أمانا للسياح.

و قد تتأثر أيضا الموارد السياحية الطبيعية (مغريات طبيعية) المتوفرة في الوجهة السياحية بتلوث الهواء وتلوث الغلاف الجوي جراء هطول الأمطار الحمضية التي سوف تهدد النباتات والحيوانات والأنظمة الأيكيولوجية، وتقلل حتما من أهمية المناظر الطبيعة التي ييمم شطرها السواح، وهي مجذبات مهمة وفعالة في منظومة الجذب السياحي.

و يستنتج مما سبق ما يلي: -

أولا: هناك علاقة ترابطية بين تلوث الهواء والسياحة، إذ هناك احتمال أن تتراجع المؤشرات السياحية من إيرادات وفرص العمل والليالي الفندقية والرسوم والضرائب في الوجهة السياحية التي يغطيها الهواء الملوث، كما قد يحصل العكس، فتزيد السياحة من مشكلة تلوث الهواء وغيرها من المشكلات البيئية بغياب الاستدامة خصوصا لو كانت مفرطة.

ثانيا: قد يؤثر تلوث الهواء على الطلب السياحي في الوجهات السياحية.

ثالثا: يكون تأثير تلوث الهواء أكثر وضوحا عند ممارسة الأنشطة والفعاليات السياحية في الهواء الطلق مثل السير لمسافات طويلة وزيارة المعالم الطبيعية البعيدة وممارسة الرياضات.

رابعا: تمثل جودة الهواء مظهرا ملموسا لقدرة الوجهة السياحية على جذب أفواج السياح وعدد الليالي الفندقية المقضاة فيها.

خامسا: يؤثر تلوث الهواء على سلوكيات إعادة زيارة السياح للوجهة السياحية المزارة سابقا مع حصول تغيرات في جدول اختياراتهم.

سادسا: قد يؤثر تلوث الهواء على ممارسة بعض الهوايات المفضلة من قبل السياح، مثل تصوير الطيور والفراشات والمناظر الطبيعية والمواقع الأثرية والتكوينات الغريبة والسير والجري وقيادة الدراجات الهوائية وركوب العربات التي تجرها الحيوانات.

سابعا: يمكن لتلوث الهواء أن يلحق الضرر بالموارد المهمة في منظومة الجذب السياحي، باعتبارها مغريات (مشوقات) طبيعية وثقافية وصناعية مؤثرة في الوجهة السياحية، وذلك نتيجة للتآكل والتفاعل.

ثامنا: قد يؤثر تلوث الهواء على القطاعات والنشاطات الاقتصادية المرتبطة بصناعة السياحة والسفر على نحو مباشر وغير مباشر، مثل الزراعة التي توفر الطعام والشراب للسياح، والنقل الذي يسهل تنقلاتهم الداخلية.

تاسعا: يشكل تلوث الهواء عامل خطورة واضح على صحة السواح وعموم الناس، إذ يشير تقرير لمنظمة الصحة العالمية بأن تلوث الهواء قد ساهم في وفاة نحو (7) ملايين شخص حول العالم في عام 2012.

عاشرا: يقلل تلوث الهواء في الوجهة السياحية من قدرتها التنافسية في سوق السياحة الوطني والأقليمي والعالمي.

وبإمكاننا أن نسوق هنا الكثير من الأمثلة على الكيفيات التي أثر بها التلوث على السياحة سلبا بصورة مؤقتة أو دائمية، وعلى نحو خفيف أو عميق، وفقا لطبيعة التلوث ومصدره، ومدى انتشاره ومستواه وغيرها من العوامل. ليشكل بذلك أحد أهم المخاطر والتحديات التي تعيشها صناعة السياحة والسفر على النطاق العالمي، وعلى المستوى الوطني للكثير من الدول، متقدمة كانت أو نامية. ففي تونس مثلا شكلت سحب الغازات السامة الناجمة عن المعامل والمصانع المرتبطة بالنشاطات النفطية والصناعات الكيمياوية والواقعة على بعد (2) كلم تقريبا من مركز (قابس) أهم عامل لتراجع النشاطات السياحية في الولاية المذكورة، خصوصا تلك المرتبطة بالمنطقة الساحلية في خليج قابس، مثل السياحة والصيد وركوب الزوارق الصغيرة، فشهدت في السنوات الأخيرة تراجعا واضحا في أعداد السياح، وتعثر السياحة الداخلية في المنطقة على نحو بين.

أما في المغرب فكانت القاذورات والأوساخ المرماة من قبل السفن التي تستخدم الممرات المائية المرتبطة ببحيرة (نعيلة) المعتبرة محمية طبيعية منذ عام 2006، والمشمولة بالاتفاقية الدولية للأراضي والمناطق الرطبة (اتفاقية رامسار الموقعة في إيران عام 1971 والمنفذة اعتبارا من 21 كانون الأول 1975)، وبقايا ومخلفات السكان من أهم مسببات تلوثها، ودفع السياح إلى الاحجام عن زيارتها كما كانوا يفعلون في السابق، رغبة منهم في التمتع بالغطاء النباتي والتنوع الاحيائي التي كانت تتمتع بها. كذلك الأمر في شواطئ طنجة المغربية (بلايا، وادليان، الزاهارا، الدالية، لابلايا بلانكا، الديكي، سيدي قنقوش، المريسات، القصر الصغير) التي انحسرت فيها السياحة الساحلية على نحو ملحوظ بسبب التلوث. وانتشار بقعة الزيت من (الجونة) إلى (سهب حشيش) من شواطئ الغردقة المصرية عام 2010 المعروفة باستقدامها لأعداد كبيرة من السياح فشكلت بذلك تهديدا جديا للموسم السياحي في تلك السنة. أما في المملكة العربية السعودية فقد حرم التلوث الناجم عن تسرب مواد كيمياوية إلى متنزه وطني كبير في الطائف في عام 2012 آلاف الزوار والسياح من متعة زيارة هذا المتنزه الحيوي الذي له رواده من الأسر القاطنة في المدينة وغيرهم. وفي عام 2009 تضررت البيئة البحرية والشعاب المرجانية على سواحل مدغشقر جراء تسرب زيت الوقود ومياه الصرف الصحي من سفينة تركية محطمة لتؤثر سلبا على مجمل النشاطات في المنطقة، وبالذات برنامج السياحة والاصطياف.  كما تأثرت المنتجعات السياحية الشاطئية في منتجع (تاونغا) السياحي النيوزيلندي وغيره بنفس الطريقة بعد تحطم سفينة (ريتا) بالشعاب المرجانية على الساحل الشرقي ل (نورث آيلاند) في عام 2011. وتأثرت الحياة على شاطئ العقة وشاطئ منطقة البدية حول الفجيرة بالامارات العربية المتحدة والسياحة على وجه الخصوص إثر انتشار بقعة نفطية في عام 2011. وأمثلة غيرها كثيرة.

أما هذا الكتاب المتواضع فيضم بين صفحاته (14) مقالة تخص عدة جوانب متعلقة بالسياحة والتلوث، وهي منشورة رقميا على الصفحات الإلكترونية لعدة مواقع، وقد أعيد نشرها ورقيا على نحو مستقل وجامع، لتضاف إلى المكتبة السياحية.

***

 

في المثقف اليوم