روافد أدبية

عبد الجبار الحمدي: عفوا سيدتي

مرهق أنا عبثا أحاول بعثرة أوهامي، عفوا سيدتي... ما شئت أن أكون بهذه الصورة لكنك بحتِ بما في نفسك دون أن تدركي. كل تصرفاتك تشير الى نية في نفسك، كنت أتحسسها أشعر بها لكني تغاضيت بسبب حبي لك، كنت في مرة قلت لك أني رجل لا يحب اللون الرمادي... أعيش الحياة كأنها نفس عميق لا زفير له، أرصف أيام عمري مثل المصفوفة الرقمية لا اريد لأي ذرة غبار أن تدمع عيني أو ترغمها على غلقها دون أن تكوني أمامها... لعل جنوني هذا أو هوسِ هما من صنعا القيود في نفسك وهكذا قررت الانسحاب بتؤدة دون أن تثيري جلبة تجعلني أكرهك أو أحقد عليك أو ربما ظننتني بأني سأقسو عليك!! لا يا حبيبتي لست كذلك فأنا رجل ربما أعيش عصر الكهوف القديمة بعد أن مررت بالعصر الجاهلي لكني بالتأكيد أعيش الحياة بمقتضيات هوى الروح... لا بأس حبيبتي سأترك لك ضلفة الباب مفتوحة، أخرجي منها متى ما شئت صدقيني لا أقوم بردة فعل أو محاولة عن ثنيك لما عزمت على القيام به، إنها الحياة يجيء بها القدر ثم يرمي تجاعيد الحظ على أعتاب المحبين عثرات ومنغصات و حتى إبتلاءات... فالحياة مِلحها في القليل من الاحيان الهجر، الصد وربما الفراق.. طبع الانسان حين خلقه الله هكذا لا يشعر بما يفقده حتى يبتعد عنه أو يفارقه الى الأبد، دعيني أبوح لك بشيء طارحته مع كل مواجعي برغبة أو دونها... وفي آخر تلك المطارحة أوعزنا الى بعضنا أن الخلاف نتج عن فارق العمر، فالشيب الذي غزا شعري ومن قبله نفسي هو من أصابني بمرض الرهبة... الرهبة من خوف ان افقدك في يوم ما أو أقف أمامك كرجل بارد المشاعر فتلك السنون التي مضت أكلت من عواطفي، مشاعري، أحاسيسي، لم أعد فتيا يترجم كل العواطف بمفردات أو أفعال، لكن كان عليك ان تشعري بي بأني لم افقد أنثاي بقدر ما صرت أثمنها كماسة نفيسة، لا احب ان يراها أي إنسان غيري أو يحدها أو يسمع ترانيم صوتها أو موسيقى ضربات قلبها... يا الله ما أجرأني عليكِ وقد صنعت لك قصرا من جدران تحول بينك وبين العالم الذي لا أحب، لا أنسى تلك المرة التي قلت لي فيها محاولة دفعي الى أنك مختنقة من قيود حبي لك، لا زلت أتذكرها..

تلمسني أرجوك... ما عدت أنثاك السابق عهدها، راحت ملامح أنوثتي، أتشعر بالخشونة؟؟ إنها تلك النتؤات التي وضعتها على السين من جسدي فأخشوشن مثل مشاعري لا أخفيك صعقت نفسي من هوس ما قلت أنا!! أنت!! ما ظننت يوما بأني سأقول مثل هذا الكلمات سامحني فالصراحة التي علمتني عليها تجبرني ان أبوح لك، سمه ما شئت جنون، ملل، ضجر، لا أدري لكنها الحقيقة المرة التي أتجرعها وأنا أعيش معك في عالمك الذهبي، لا تلمني فقبل ان أصيغ عبارتي تلك كنت رحت قبلها أمشط خبايا فكري وحجرات قلبي وكنت قد علمتها أنها قد قصت شعرها كما تحب مذ علمت عالمك، لأن عالمك الذي دخلته يحب الافكار المنزلقة القابعة في غيابات النسيان، جاريتك لأني أحببتك غير أننا حين نتحدث تتمحور المفردات في عبارات تكاد يُعقَل لسانها لولا أنها تجتر كالبعير بقايا إرث طمست معالمه كونها حقيقة لا يصدقها عقل أليس ذاك ما قلتهِ لي؟؟  بررت ما قلته وقلت أنه في بعض الاحيان النفس تشكو أوتار الرأس وجعا وقد أعطينا الأداة بين ناس لها ألسن يمارسون الضرب على السنطور غيرة وهم فاقدين للإحساس و المشاعر، لا يمكنهم ان يكونوا مثلنا، و أرتضيت لنفسي بما قلته وصبرت حتى فاض بي .. لا أريد أن أكون بمنظور نفسك الخائنة أو ناكرة لحبك لكن يا سيدي الرجل إني إمرأة أريد الحياة بكل ما تعنيه من متناقضات ربما تأتي بمنغصاتها أكثر من ملذاتها لكني هكذا جُبلت حين خلقني الله إمرأة لا يمكن حبسها بين أربعة جدران أو قفص من ذهب.. أقول عبارتي الاخيرة وأرحل الى الأبد عن قلعة التملك التي صنعتها كجنة عدن، غير أني أطلب منك أن تمد يدك لطود نجاة و أكتفي منك بذلك فلا حاجة بي الى التنفس الصناعي بعد أن فشلت محاولتك السابقة في إقناعي بالبقاء كمنقد لضحايا يم الحب العميق المظلم بسفينة مشاعر أشرعتها ممزقة بالية خالية من الدُسر لتبقيها تبحر الى أعماق الوجود.

***

القاص والكاتب

عبد الجبار الحمدي

 

في نصوص اليوم