روافد أدبية
أيسر الصندوق: ما لا يُقال

عند المساء، جمعهما الطريق العام. كانت تسير بجواره، وقد مضى على خطبتهما نحو شهر.
توقف فجأة، نظر إليها بقلق وقال:
– أريد أن أسمع الحقيقة منك، لا أريد أن أُوهم نفسي بما رأيت.
نظرت إليه باستغراب، ثم أجابته بهدوء:
– ما بك؟ لم تقع عيناك في عيني، ولم أخفِ عنك شيئًا.
تظاهر بأنه يعلم، لكنه بدا متردداً. شيئًا في نبرتها أربكه، أو ربما صمتها. ورغم أنه حاول أن يبدو واثقًا، إلا أن إصرارها على أن "لا شيء مهم" جعل منه شخصًا آخر.
قال وهو يُخفض صوته:
– أنا مضطر للرحيل. ربما علينا أن نترك الأمر الآن.
لم تكن تعلم أن من حقه أن يفسّر على هواه، أن ينسج من خياله سيناريوهات كاملة، وأن يضع أمامها كل صيغ التحقيق، وكأنها ارتكبت خطيئة.
رحل، وبعد أيام أنهى كل شيء. لم يكن السبب واضحًا لها، لكنها علمت لاحقًا أن ما دفعه لذلك هو اكتشافه أنها كانت، في وقتٍ سابق، تزور طبيبًا نفسيًا يعالجها من الأرق وقلة النوم.
لم تخفِ عنه ذلك، لكنها فقط... لم تقل.
***
أيسر الصندوق