كتب واصدارات
سبعون مقالة عن تشيخوف.. عرض لكتاب د. ضياء نافع
ضياء نافع: فهرس بالروسية لكتابي: سبعون مقالة عن تشيخوف
صدر كتابي الموسوم: (سبعون مقالة عن تشيخوف) في حزيران / يونيو 2023 عن دار نوّار للنشر، وهو الطبعة الثانية المزيدة لكتاب (احدى واربعون مقالة عن تشيخوف)، الذي صدر عام 2019، وكما هو الحال بالنسبة للكتب كافة، الصادرة عن دار نوّار للنشر، فان الغلاف الاخير (الايسر) يكون عادة باللغة الروسية، وهكذا كان الامر- طبعا - مع كتاب (سبعون مقالة عن تشيخوف)، الا ان الاضافة الجديدة في هذا الكتاب، هو ان الفهرس صدر ايضا بالروسية، وذلك باقتراح من الاصدقاء الروس حولنا، الذين غالبا ما كانوا يبدون اعجابهم بالغلاف الروسي، ولكنهم لا يستطيعون الاطلاع غلى مضامين تلك الكتب بنصها العربي، وهكذا قررنا (بالنسبة لكتابنا المذكور) اضافة الفهرس باللغة الروسية، كي يتسنى للقارئ الروسي – في الاقل – معرفة عناوين المقالات تلك، وذلك (أضعف الايمان!)، كما علّق احد الاصدقاء مبتسما، وقد اطلع بعض القراء الروس على (أضعف الايمان!) هذا فعلا، وطرحوا استفسارات واسئلة عديدة حول عناوين تلك المقالات ومضامينها، وهي استفسارات واسئلة طريفة حقا وتستحق التأمل في رأينا، ونود هنا ان نتوقف عند بعضها، اذ انها تعكس وجهات نظر روسيّة حول كيفية تناولنا للادب الروسي، وربما (ونؤكّد على كلمة ربما !) تؤدي هذه الاستفسارات والتعليقات حول هذا الموضوع المحدد جدا الى توسيع الحوار بصورة عامة بين ثقافتنا العربية وثقافتهم الروسية، وبالتالي، بين حضارتنا وحضارتهم عموما، هذا الحوار الذي يجري لحد الان بشكل عشوائي وعفوي وغير متكافئ بتاتا بين الجانبين العربي والروسي مع الاسف رغم مرور حوالي القرن منذ ان ابتدأ هذا الحوار، وكلنا، اي الروس والعرب، مذنبون في ذلك بلا شك، اذ اننا (واكرر - نحن وهم) لا نتفهّم واقعيا اهمية هذا الحوار وقيمته المادية والمعنوية، ولا ضرورته الحيوية لروسيا وللعالم العربي على حد سواء في الوقت الحاضر وفي المستقبل ايضا، ولا نتصوّر آفاق هذا الحوار بين روسيا العملاقة (الاورآسيوية) والعالم العربي الكبير (الاسيوافريقي) .
نتوقف قليلا عند مقالة أثارت الاستفسارات والتعليقات من قبل هؤلاء القراء الروس وهي بعنوان – (تشيخوف وخادمته المغفلة والوضع في العراق)، اذ قالوا وهم يضحكون، لم تكن لتشيخوف خادمة اصلا، لا مغفلة ولا ذكية، ولم يكتب قصة او مسرحية بهذا العنوان ابدا، فمن أين جاء هذا العنوان الغريب في كتاب عربي حول تشيخوف ؟، وكل هؤلاء القراء لم يفهموا طبعا، ما هي علاقة تشيخوف بالوضع في العراق، وأشاروا الى ان تشيخوف كان يتجنب المواقف السياسية حتى في وطنه روسيا، اضافة الى ان تشيخوف قد توفي عام 1904، اي قبل تأسيس الدولة العراقية اصلا، فكيف يقدر ان يؤثّر على الوضع في العراق هذا، وهو الذي عاش في روسيا وبرز مبدعا في نهاية القرن التاسع عشر؟ . اضطررت طبعا الى توضيح عنوان تلك المقالة، وقلت لهم، ان الترجمة العربية لاحدى قصص تشيخوف القصيرة جاءت بعنوانين، هما (المغفلة) و(الخادمة)، لان عنوانها الروسي كلمة عسيرة على الترجمة العربية، واوضحت لهم، ان القراء في العراق ربطوا مضمون تلك القصة حول مدبّرة شؤون المنزل، التي يسرقون حقوقها وهي صامتة ولا تحتج او تعترض، بالوضع السياسي في العراق، حيث يسرقون حقوق الشعب العراقي وهو ايضا صامت ولا يحتج، ومن هنا جاء عنوان هذه المقالة . وبعد مناقشات تفصيلية طريفة جدا مع هؤلاء القراء الروس، تفهّموا عنوان تلك المقالة ومضمونها، بل انهم اقترحوا ترجمتها الى الروسية، لأن مضمونها يضيف الى تشيخوف اهمية جديدة للقراء الروس، وتكمن هذه الاهمية - حسب رأيهم – في ان ابداع تشيخوف يمكن ان يكون رمزا يستخدمه القارئ الاجنبي في مجالات مبتكرة بكل معنى الكلمة ولا تخطر على بال القارئ الروسي بتاتا، وان ذلك يدخل في موضوعة (تشيخوف والادب العالمي)، وفي موضوعة (انتشار الادب الروسي ومكانته خارج روسيا) .
استمرت المناقشات التفصيلية مع هؤلاء القراء الروس حول عناوين مقالات اخرى في الكتاب المذكور، منها مثلا، المقالات التي ترتبط باسماء عراقية مثل بدري حسون فريد وعادل كاظم، وتعجبوا، كيف استطاعا ان يحوّلا قصتين لتشيخوف الى مسرحية ذات فصل واحد، واعتبروا عملهم هذا ابداع كبير يستحق الاشادة والتقدير والثناء، واشاروا، الى ان القارئ الروسي يجب ان يعرف هذه الوقائع المجهولة لمكانة تشيخوف في الادب العالمي، ولا مجال للتوقف عند مقالات اخرى حول تشيخوف أثارت اعجابهم، وقد اقترحوا عليّ – في ختام تلك المناقشات - ان اترجم هذا الكتاب الى اللغة الروسية، وان اطلق عليه تسمية (الموسوعة العراقية حول تشيخوف)، وقد فوجئت طبعا بهذا المقترح، وشكرتهم جزيل الشكر، وقلت لهم – لا تعليق لديّ على هذا الاقتراح الغريب ...
***
أ.د. ضياء نافع