كتب واصدارات
عبد الجبار الرفاعي.. الدين حياة في أفق المعنى
أصدرت دار الشؤون الثقافية بوزارة الثقافة ببغداد سلسلة كتب تذكارية لتكريم الشخصيات الثقافية العراقية، يساهم في كل كتاب مجموعة من الباحثين يقدمون شهادات ومقالات ودراسات عن أعمال وحياة هذه الشخصية. عنوان هذا الكتاب: "الدين حياة في أُفق المعنى"، وهو التعريف الذي اقترحه عبد الجبار الرفاعي للدين: "الدين حياة في أُفق المعنى، تفرضُه حاجةُ الإنسان لانتاجِ معنىً روحي وأخلاقي وجمالي لحياتِه الفردية والمجتمعية". وفي ضوء هذا التعريف تبتني الأركان والمفاهيم الأساسية لتجديد الفكر الديني لدى الدكتور الرفاعي.
جاء على الغلاف الأخير للكتاب نص للدكتور عبد الله إبراهيم، وهو مفكر وناقد عراقي حائز على جائزة الملك فيصل العالمية، وجائزة الشيخ زايد: "ندرَ أن التقيتُ مثقّفاً يحمل بين جنباته صفات النبل، والنقاء، والتواضع، والطيبة التي لمستها في شخص الدكتور عبد الجبار الرفاعي، صفات تضاءلت، مع الأسف، وانحسرت، وكأنها لم تكن في يوم ما من أخصّ ما يحرص عليه المثقفون في حياتهم، وفي علاقاتهم بالآخرين. في بداية الأمر خلتُ أننا مختلفان الاختلاف كلّه، لاختلاف منابع المعرفة، ومسالكها، وغاياتها، فقد تلقّى الرفاعي تعليماً دينياً رفيعاً، ونال درجة عالية في الفكر الإسلامي، وتوسّع في ذلك، إلى درجة انخرط فيها بتطوير منظور جديد لفلسفة الدين أراد به نزع الغطاء الثخين الذي أطبق على الظاهرة الدينية في القرون المتأخرة. علاوة على صلاته الوثيقة بعشرات المفكرين والمثقفين من دينيين ودنيويين، فإن مجلته "قضايا إسلامية معاصرة" خير سفير لثقافة التسامح والتفاهم بين الأديان والمذاهب. وأثمرت جهوده عن تأسيس "مركز دراسات فلسفة الدين"، وهو من أكثر المواظبين الذين عرفتهم على النهل من العلوم الإنسانية، وشغله الشاغل إسباغ نِعَم الدين على الدنيا، وتغذية الدين بمكاسب الدنيا. أي أنه يريد أن يغمر الدنيا بفيض الدين، ويغمر الدين بفيض الدنيا، وهو رهان شاقّ كما تعلمون. قلبَ الرفاعي الصورة الشائعة عن رجل الدين المنكبّ على المتون العتيقة شرحاً، وتعليقاً، وتفسيراً، وتصنيفاً، وغاية ما يرجوه اختصار شرح، أو الإسهاب في آخر، وأحلّ بمكانها صورة أخرى مغايرة، أحسب أنها الصحيحة التي ورثها من الأسلاف العظام الذين عالجوا الظاهرة الدينية بعدّة دنيوية متماسكة من دون أن تتقطّع صلتهم بها، وما برحت أفكارهم محلّ تقدير ونفع. وهذا مرمى بعيد المنال لغير المتبصّرين بشؤون الدين والدنيا، فغاية ما يرجوه المرء من المعرفة، أيّا كان شكلها، هو انتفاع الناس بها في حلّهم وترحالهم عبر الأزمان من دون إرغام وإلزام، ومن غير قَسْر وقَهْر".
يتوفر الكتاب في معرض بغداد للكتاب في جناح دار الشؤون الثقافية.