أقلام حرة

صادق السامرائي: الكتابات الهامشية!!

عندما تكتب الأقلام على هامش نهر الحياة فأنها لا تساهم في التأثير والتغيير، وتكون كتاباتها بلا منفعة ومضيعة للوقت وهرولة وراء سراب.

الكتابات الحقيقية الجادة الصادقة عليها أن تبحر وسط تيار الحياة الجاري، وتشارك في صناعة أمواجه وعنفوانه الوثاب.

الإنسانية تقدمت وشيدت أمجادها بإرادة الأقلام الحرة الكاشفة عن الأفكار الصالحة، بلغة يفهمها القارئ من عامة الناس، فتجعل منه قوة مثمرة وطاقة متفاعلة مع مسيرة الصعود إلى ذرى الرقاء والسموق الحضاري.

الكتابات بأنواعها إن لم تكن ذات مشروع هادف ورسالة لا قيمة لها ولا جدوى منها.

ومن الظواهر المتكررة في تأريخ البشرية، أن لكل عصر أقلام دعائية تكتب بمداد الكراسي وأخرى تريد النطق بلسان الحقيقة وتخشى العواقب، وبعضها القليل يحاول التحرر والكتابة بلا خوف أو تردد.

وفي معظم الأحيان تنتصر الأقلام القريبة من الكراسي، وتتسيد المشهد الثقافي لما تملكه من قدرات تسويقية ودعاية إعلامية صاخبة، تجعل الأسود أبيضا والأبيض أسودا، ولهذا بختلط حابلها بنابلها.

وفي زمن إنفتاح أبواب التواصل على مصراعيها، أصبحت الكتابة على الشاشات، كالكتابة على وجه الماء أو فوق كثبان الرمال.

فما عاد للقلم دور، ولا للكلمة قيمة، وتحول المكتوب، إلا مجرد كلام، وقول تذروه رياح " أنا أعرف"، وتلطخت دواة الأقلام بالرذائل، وديست الفضيلة بالأقدام، وتدثرت القيم والأخلاق بالركام، الذي خلفه حطام الأفهام.

فالعقل موجوع، والخلق مفجوع، والغاب مشروع، ولسان الوحوش مدلوع، والجارحات تجوع، وتهاجم الضعيف الحائر المفزوع.

الأقلام حزينة، والأوراق رهينة، والسطور عنينة، والسيئات مبينة، فهل من كلمة صادقة أمينة؟!!

بكت أقلامنا والحرف يشقى...فهل فيها كلام العقل يبقى؟!!

و"عقول الناس مدونة في أطراف أقلامهم"!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم