أقلام حرة

صادق السامرائي: الدنيا ليست واحة خضراء!!

أجيالنا تعيش وهما فاعلا فيها منذ قرون إذ تحسب الدنيا واحة خضراء، بفوح منها عطر الأخلاق وأريج القيم والمعاني الإنسانية السامية.
وهذا إثم حضاري فادح، يتجاوز الخطيئة بحق الأجيال المتعاقبة.
الدنيا سوح غاب، القوي فيها يأكل الضعيف، وذوي المخالب والأنياب يفترسون كل مخلوق بلا أنياب ومخالب، وتلك قوانين الصراعات الدائبة فوق التراب المتعطش للدماء.
من العجيب تواصلنا بالحديث عن المؤامرات وأن الآخر أراد ما أراد، ونتظلم ونتشكى، ونتهم غيرنا بنصب الأفخاخ لنا، ونتمسك بأن المعاهدات في القرن العشرين بين الدول المستعمرة لنا قد منعتنا من التقدم والرقاء، وكأننا نتحرك على بساط من المروج الخضراء، ونتجاهل الوحوش المفترسة المتربصة لفرائسها المطيعة الشهية البلهاء.
هم لا غيرهم، تخبرنا "لماذا" بما شاءت وتوهمت، وما إستطعنا إطعام أنفسنا، ولا صناعة أسلحتنا، ولا تفاعلنا مع بعضنا بإيجابية، وما إعتصمنا بضرورة الحفاظ على مصالحنا، بل أكثرنا أسكرهم النفط، وعطل عقولهم، وحولهم إلى توابع في غاب إسستحواذ الأقوياء على ما يملكه الضعفاء.
قميص الآخرين نحمّله ملاحم عجزنا وتناحرنا مع أنفسنا، وتنافرنا من بعضنا، وخنوعنا وإستسلامنا، وهواننا، ونيلنا من ذاتنا وموضوعنا، وإسفافنا بسفك دمائنا، وتحويلنا لكل نعمة عندنا إلى نقمة علينا، حتى صار نور وجودنا نارا تحرقنا.
فنحن ننزه أنفسنا ونبرر خطايانا، ونلغي عقولنا، ونهين أجدادنا، ونتشبث بالغابرات بجهلنا!!
فهل لنا إعادة ترميم ذاتنا، وتعمير حياتنا، والتعبير عن جوهرنا المكنون؟!!
"وعش رجبا ترَ عجبا"!!
***
د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم